من نعم الله على هذا البلد الأمين مصر أن يتم القضاء على الإرهاب فى الحرب التى دارت رحاها لمدة سنوات ولا تزال الدولة تواصل هذه الحرب من أجل القضاء تمامًا على كل فلول الإرهابيين، ومن نعم الله أيضًا أن تتم كل هذه الإنجازات على الأرض من خلال الحرب من أجل التنمية.. ومن نعم الله كذلك أن تقوم الدولة المصرية بالحرب على الفساد الذى استشرى بشكل بشع طوال الخمسين عامًا الماضية. الفساد منظومة متكاملة الأركان يقضى على الأخضر واليابس، ويزرع الفتنة والاضطراب داخل المجتمع، والفاسدون يمارسون أشد الجرائم فى حق الناس، وينشرون شريعة التزوير والرشاوى التى تخرب الذمم وتفسد الأخلاق.. الفاسدون والمفسدون معدومو الضمير والأخلاق و لا يعنيهم شىء سوى تحقيق مطالبهم ومآربهم الشخصية، والسعى بكل السبل والطرق الى الوصول الى المنفعة ولا غيرها!! الذى يحمى الفساد ويدافع عنه هم هؤلاء الذين يمارسون سياسة اللامبالاة والتجاهل والإهمال والسلبية والتراخى وعدم تطبيق القانون أو تفصيله على فئة دون الأخرى، واتباع سياسة المحسوبية والمجاملات وكل ما يعد استثناء للقاعدة المعمول بها طبقاً للقانون.. الذين يحمون الفساد هم المسئولون الذين تخرس ألسنتهم ولا ينطقون ولا يصرحون بالحق، وتتملكهم الخشية والخوف.. والذين يحمون الفساد هم جماعة المنتفعين المستفيدين من هذا الفساد، ويبذلون قصارى جهدهم من أجل المنفعة الشخصية.. وهم أصحاب الذمم الخربة والذين فسدت أخلاقهم وانعدمت ضمائرهم وارتكبوا وقائع وجرائم مؤثمة يعاقب عليها القانون. الذين يحمون الفساد هم الذين يتصدون بكل قوة إلى كل محاولات الإصلاح- ايًا كان هذا الإصلاح- ويوم اندلعت ثورة30 يونية، كان من أهم أسباب قيامها هو القضاء على الفساد، سواء كان مالياً أو إدارياً أو سياسياً.. ولذلك تم إعلان الحرب الضروس على الفساد واقتلاع جذوره فهو لا يقل أهمية عن الحرب على الإرهاب الذى يتم تحقيق نجاحات باهرة فيه، ولا أحد ينكر أن الفساد بات كالاخطبوط ضرب نواحِى كثيرة، وتشعب بشكل خطير وحان قطف رؤوس أصحابه وأشياعه من جماعة المنتفعين الذين يخرجون لسانهم للدولة، وهو ما يحدث الآن من اهتمام بالغ بضرب رؤوس الفاسدين. ما تقوم به الدولة حاليًا من حرب شعواء على الفساد، سيأتى اليوم الذى يغور إلى غير رجعة، لكن هذه الحرب تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتم اقتلاع جذور هذا الفساد وتطهير البلاد من مصائبه البشعة.. ففى السابق قبل 30 يونيو انعدمت عملية التصدى لهذا الفساد، وعلى سبيل المثال لا الحصر: هل قام محافظ فى أى محافظة على مستوى الجمهورية، بالنزول إلى الشارع وتصدى لمظاهر الفساد؟! هل قام محافظ فور علمه بأن هناك اعتداءً على الأرض الزراعية بمنع هذه الجريمة؟!.. هل قام وزير أو محافظ بالتحرى عن الذين يقومون ببناء أبراج سكنية بدون الحصول على التراخيص اللازمة؟.. وهل قام أحد منهم بمراجعة هذه التراخيص إذا كانت صحيحة أو مضروبة أثناء عملية البناء مثلًا؟ الواقع يؤكد خلاف ذلك، فلم نر محافظًا ولا وزيرًا أوقف التعدى على الأرض الزراعية وطلب الشرطة فى التو والحال، لمنع تجريف أو تصحير الأرض، ولم نجد مسئولًا واحدًا قام بالمرور على الذين يشيدون الأبراج السكنية وأوقف بناءها فى التو والحال، لم يحدث هذا على الإطلاق.. بل الأخطر أننا نجد هؤلاء المسئولين يتركون كل المخالفين والمتجاوزين بارتكاب الجرائم، ثم يعلنون أن هناك تعديًا على الأرض أو البناء المخالف! هذا هو الفساد بعينه الذى يعانى منه المجتمع ويتسبب فى سقوط ضحايا كثيرين له، ويتم تصدير مشاكل وأزمات للدولة، ويقف الفاسدون يتفرجون على الدولة فى مواجهة هذه الظواهر السلبية والسيئة، والنتيجة يزداد الفساد ويقوى ويشتد.. ونقيس على ذلك فى كل المصالح والهيئات، فكل وزير يترك الظواهر السلبية تستفحل ولا يكلف خاطره بالتصدى لها أو مكافحتها، ويكتفى فقط بالجلوس فى المكاتب المكيفة، ويقلده كل من تحت رئاسته من وكلاء الوزراء والمدراء وخلافهم، والنتيجة فى نهاية المطاف أن الجميع يستأسد على المواطن الضحية للفساد، ولذلك فإن إعلان القيادة السياسية الحرب على الفساد كان واجبًا وطنيًا مهمًا حتى يتم اقتلاع جذوره مثل القضاء على الإرهاب. [email protected]