الفساد هو النتيجة الحتمية والطبيعية لكل نظام حكم الفرد المطلق السلطات.. فالحاكم الفرد لا يحكم إلا بمساعدة أهل ثقة من الوزراء والرؤساء، يؤمنون موقعه ويعملون علي استمراره في الحكم، هم دائماً إما من الجهلة من غير أهل العلم، أو من أصحاب المصالح والأطماع وطالبي السحت والأكل الحرام، يزينون للحاكم الباطل ويجملون المصائب، يصوروها إنجازات في مناخ نفاق ولعق أحذية وفقدان كل ذرة من كرامة ورجولة في سبيل السلطة والمال. هؤلاء أيضاً لهم مساعدون علي شاكلتهم، خدم وتوابع وانتهازيون يتسابقون لخدمتهم ليكونوا من الحظوة وأهل الثقة، ثم هؤلاء لهم نفس الشيء، وهكذا دواليك تتكرر العملية وتنحدر إلي قاع المجتمع حتي البلطجية المأجورة والكلاب والجمال والخيول، والحمير أصحاب هذه الجريمة. نظام حكم الفرد غير المبارك خلق شبكة فساد عنكبوتية ضخمة في شكل حزب سياسي لكل عضو فيه سبوبته بقدر حجمه ودوره، عصابة مافيا سياسية من متسلقين وأفاقين متعددي الأشكال من تجار جنس وقوادين وتجار الصنف ولصوص البنوك والأراضي وأموال الدولة، امتصوا دم الشعب وخيرات البلد علي مدي ثلاثين عاماً، شاء المولي لها شبابا وشهداء لينقذوا مصر منهم بثورة 25 يناير، ويحاكم الشعب أفرادها وقياداتها، فالله يمهل ولا يهمل. لا جدال في أهمية وضرورة محاكمة كل هؤلاء اللصوص، ولكن كيف؟.. ولماذا؟.. وما الهدف؟.. كيف؟.. أن تكون محاكمات شعبية تعبر عن ثورة، أحكامها سياسية لسرعة إصدار أحكامها، حتي تستقر مصر ويعود المجتمع للعمل والإنتاج لا روتينية تخضع لمناورات أصحاب القانون، ودهاليز الحجج والإجراءات.. لماذا؟.. ليس لثأر ولا انتقام أو شماتة فالشعب المصري شعب متحضر، ولكن لإثبات قوة الشعب واسترداد حقوقه، وإنذار كل من تسول له نفسه مستقبلاً من التلاعب بحقوق الشعب. أما الهدف فهو عودة أموال الشعب المنهوبة لتسري في عروق مصر للاستثمار، وسرعة فتح فرص العمل ورفع الأجور، وتنفيذ العدالة في توزيع الثروة.. لكن!! الأكثر إلحاحاً، هو سرعة محاكمة رأس الأفعي وامرأته وأولاده، التي خلقت تلك الشبكة اللعينة من اللصوص، تساعده لنهب ثروات مصر، ونشر الفساد والإفساد والتعذيب والظلم بالسجون وختام تاريخهم الأسود بقتل أبرياء شباب الثورة، مما يحق حكم الإعدام لهم جميعاً بقطع رأس الأفعي. رغم أن ما يستحقه مبارك وعائلته بأكملها هو حكم الإعدام، فحضارة شعبنا وسماحته لا تجعله يسعد بالانتقام، لكن لا أقل من استرداد الأموال التي سرقها هو وزوجته وأولاده، وإعادتها طوعاً أو قهراً، لضخها فوراً في اقتصاد مصر، لإنقاذها لما فعله عهده الأسود، لذا أهمية أن يشمل الحكم دفع كفالة لتخفيف الحكم إلي حبس يذوق فيه مرارة الندم واستغفار ربه عن الشهداء، كفالة قيمتها سبعون مليار دولار فدية يدفعها رداً لما سرقه، يتسولها لو ادعي عدم القدرة. مما لا شك فيه أن مبارك وعصابته لن يعترفوا باستيلائهم علي الثروات المنهوبة من الشعب ولا شك أيضاً أنه سيصعب إثباتها أو استردادها، لذلك فحكم شعبي ينقذه من الإعدام خير لمصر وشعبها. أما باقي أفراد العصابة، كبرت أو صغرت جرائمهم، فهم لم يكونوا إلا خدماً ينفذون بما يؤمرون به، فمحاكمتهم عبرة ودفع فدية يخفف عقوباتهم ويسامحهم الشعب.