"متى الحج ومتى العودة طال الانتظار وبلغ الشوق مداه" عبارة استدعها كثير من المسلمين خارج الأراضى السعودية، الذين يتمنون أداء فريضة الحج هذا العام، وينتظرون بفارغ الصبر عودة الأمور إلى نصابها الطبيعى بفتح أبواب الحج من كل حدب وصوب، بعد أن اجتاح وباء فيروس كورونا البشرية، ودمر سكان الكرة الأرضية، ودفع المملكة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة الفيروس المميت، منها منع فريضة الحج عن أى فرد من خارجها. اقرأ أيضاً: السعودية تعلن موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك بلغ الشوق مداه حباً فى أداء الركن الخامس من أركان الإسلام (الحج) الذى يبذل له المسلمون كل غال ونفيس من أجل تحقيق هذا الركن العظيم، فالحج مدرسة ربانية لتربية المسلمين، إذ يحمل قلب كل مسلم شوقاً بالغاً نحو الكعبة المشرفة، والطواف حولها، أناس من كل الأعراق والأجناس والألوان واللغات يجتمعون كل عام من حدب وصوب فى بيت الله الحرام ذلك المكان الطاهر من أجل تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى، بعد أن خلعوا ثيابهم ولبسوا الإحرام. الركن الخامس من أركان الإسلام سيدنا إبراهيم، عليه السلام، هو أول من صدح به فى البشرية، ووضع مناسكه وقواعده وأحكامه النبى محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم. نسائم الرحمات استقبل العالم العربى والإسلامى يوم الاثنين الماضى هلال شهر ذى الحجة، الذي تفوح فيه نسائم الرحمات، فالعشرة الأوائل من ذى الحجة ميدان للمنافسة فى سباق الخيرات، شرف وكرامة اختصها الله بها، موسم تجارة رابح مع الله، رفع الله شأنها وأعلى مكانتها، وهذه الأيام ميزها المولى عز وجل على بقية أيام العام، وجعلها غرة في جبين الدهر، إذ اختصها الله بمزيد من الشرف والكرامة، وجعلها ميدانًا للمنافسة في الخيرات، والمسابقة بين المؤمنين في مجال الباقيات الصالحات. وإذا كانت قلوب المؤمنين في شهر ذي الحجة تهفو إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، فإن من رحمة الله تعالى الواسعة، أن جعل العشر الأوائل منه موسماً مشتركاً بين الحجاج وغيرهم؛ فمن عجز عن الحج مرة في العمر، فهو قدر على الاجتهاد في العبادة في هذه العشر، التي يكون العمل الصالح فيها خيرا من الجهاد الذي هو أفضل من الحج. وعن فضلها يتحدث الشيخ عاطف عزب، الإمام بوزارة الأوقاف، بأن الله أقسم بها تشريفًا لها، فقال سبحانه: {والفجر وليال عشر والشفع والوتر} ، والليالي العشر: هي عشر ذي الحجة، كما قال ابن عباس و"الوتر" قيل: هو يوم عرفة، لكونه التاسع، والشفع هو يوم النحر، لكونه العاشر. وهذان اليومان داخلان في الأيام العشر، ولكن الله خصهما بالقسم؛ اهتمامًا بشأنهما، وبيانًا لمزيد شرفهما، وأنهما أفضل أيام العشر، التي هي أفضل أيام الدهر. وأشار إلى أن السنة النبوية، حفلت بنصوص كثيرة تدل على فضل هذه الأيام، وأنها أفضل أيام العام، وأن العمل فيها أعظم أجرًا، وأحب إلى الله، وأزكى عنده، وأحظى لديه من العمل فيما سواها من الأيام. يقول النبي: "ما من أيام العمل الصالح فيهن، أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر". قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء". رواه البخاري وغيره. مميزات العشر الأوائل من ذى الحجة ومن مميزات العشر الأوائل من ذى الحجة أنها أفضل الأيام على الإطلاق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ أَيَّامِ الْدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ، يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الحْجَّةِ"، وأنها تميزت بيوم عرفة، وهو يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، والمُباهاة بأهل الموقف، كما في الحديث:" مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ" رواه مسلم. الأعمال المستحبة فى العشر الأوائل من ذى الحجة ومن الأعمال المستحبة في هذه العشر الحفاظ على الصلاة، والحرص على عدم تأخير شيء منها عن وقتها، مع الإكثار من السنن والحفاظ على النوافل، والصيام، ويُستحبُّ صيام التسع أيام كاملة، والإمساك عن الأكل يوم العيد حتى يُؤكَل من الأضحية، فعن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصومُ تسعَ ذي الحجة، ويومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيامٍ من كل شهر". الطواف حول بيوت الغلابة دفع فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) المملكة العربية السعودية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة وباء الفيروس المميت، منها منع فريضة الحج عن أى فرد من خارج المملكة، ما دفعنا إلى الدعوة إلى الطواف حول بيوت الغلابة، فهو ابتسامة أمل فى بناء التضامن الاجتماعى، فضلاً عن أن طاعة الله والسعى إلى رضاه ومحبته بالعطف على الفقراء والمساكين ومواساتهم، باب كبير لنيل الكثير من الخيرات والبركات. وأكثر الخيرات يتحقق فى الطواف حول الفقراء والتصدق عليهم، ومعرفة أحوالهم، فعن أبى هريرة( رضى الله عنه) قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ! اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ يَا ابْنَ آدَمَ! اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. رواه مسلم . فالتقرب إلى الله عن طريق الأفعال والطاعات الصالحة، مثل عيادة المريض والصدقة وإطعام الفقراء و المنكسرة قلوبهم، وأجرها لا تضيع عند الله. فالصدقة تطفئ غضب الرب وتمحق الذنوب وفيها تأليف للقلوب، وصلة للأرحام وفيها روحانية عظيمة وأجر كبير من المولى عزَّ وجلَّ: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء}. موضوعات ذات صلة: هل يجوز لي أن أؤدّيَ فريضة الحج عن غيري؟ ما هي أشهر الحج؟ هل يشترط في التمتع تقديم العمرة على الحج للتهنئة بعيد الأضحى .. المفتي يستقبل وفدًا برئاسة رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية