طرأ على المشهد الإعلامى فى السنوات الأخيرة تطورات غير طبيعة في استخدامات الشباب لوسائل الإعلام، وذلك للنمو الكبير فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بعيداً عن الوسائل التقليدية. أصبح الشباب الآن يشاهدون المواد التليفزيونية الدرامية بطريقة مختلفة وذلك عبر الإنترنت، مسجلة ومجمعة فى حلقات تفادياً للإعلانات ومراعاة لأوقاتهم، فهم يتعرضون وقت ما يشعرون برغبة فى ذلك عبر شاشات الكمبيوتر أو الموبايل، ولأنها أيضاً تكفل لهم فرص التفاعل والتعليق والمشاركة بالرأى على المواد التي يشاهدونها. وقد وضعت وسائل الإعلام نفسها فى حياة الشباب وأصبح استخدام التكنولوجيا هو المسيطر فى حياتهم اليومية مما يكفل لهم نسب استخدام وتعرض وتفاعل أكبر من السابق، واصبحت ثقافة الشباب يشكلها ويؤثر فيها وسائل الإعلام إضافة إلى علاقاتهم المجتمعية والخبرات الحياتية. وحدث تنافس حاد بين الشركات الكبرى للدول العظمى على وسائل الاتصال والإنتاج التي سيطرت على الفضاء الخارجى وغزت الجماهير واقتحمت حياة الشباب وقربت المسافات لتحقيق وتنفيذ نفوذهم المادى والمعنوى على الساحة العالمية. ويمثل الإنتاج الدرامي قطاعاً مهماً من الإنتاج الإعلامي الذي يهتم به فئات المجتمع المختلفة لا سيما الشباب الذي تتعدد دوافعه لمشاهدة ومتابعة الدراما من حيث الترفيه والتعلم واكتساب المعرفة والتفاعل مع الآخرين وفهم قضايا اجتماعية، والتعرف على أنماط اجتماعية جديدة إلى جانب عنصري الترفيه والتسلية بطبيعة الحال. ووسط هذا الزخم الهائل من الإنتاج ربما نجد خللاً مجتمعياً من حيث التأثير، وزيادة الفجوة بين الأجيال، أو نرى انفصال الشباب عن مشكلاتهم الواقعية مما يعطل طرق العلاج والتنمية، أو نرى أعمالاً تعرض نماذج ساخرة من الشخصيات الإنسانية، وتقدم أشكالاً وقيماً سلبية أو جديدة لأفراد الأسرة الواحدة. وبصفة عامة أصبحت المواد الدرامية الأجنبية منتشرة فى بقاع العالم المختلفة، وهو ما أتاح للشباب فرصة كبيرة لمشاهدتها والتأثر بها فكراً وسلوكاً، وخاصة أنهم الفئة الأكثر انجذاباً لها وتأثراً بها بما تتضمنه من اتجاهات فكرية وجوانب ثقافية وسلوكية تخالف طبيعة المجتمع المحلى من حيث العادات والتقاليد والقيم ومن هنا تكمن خطورتها فى تأثيرها على أهداف الشباب وقيمهم ونشاطاتهم الحياتية. ومن ثم كان موضوع هذا الكتاب محاولة لرصد وتحليل تأثير التعرض للدراما الأحنبية على هوية الشباب العربى و المصرى ودورها فى حياتهم وتطلعاتهم للمستقبل ونظرتهم للمجتمعات المختلفة وما يمكن ان يتركه ذلك من أثر فى معارفهم و اتجاهاتهم الحياتية. وينتاول الفصل الاول من الكتاب تاثيرات الدراما الأجنبية العالمية على الشباب، بينما يستعرض الفصل الثانى تأثير الدراما الأجنبية المدبلجة على اتجاهات الشباب بالتطبيق على الدراما التركية كواحدة من أهم و أشهر المواد الدرامي التى اكتسبت نجاح و انتشار فى المنطقة العربية. وتتناول الكاتبة فى الفصل الثالث الدراما الأجنبية و المنصات الرقمية من خلال رصد كيفية اكتساب مشاهدة المسلسلات والأفلام الأجنبية عبر التطبيقات الرقمية الحديثة ذيوعا و انتشارا مدفوعة بتأثير أقوى أنواع الدعاية.