أقوى من الرصاص، وأحد من الخناجر، وأشد خلودا من استجوابات البرلمان وخطابات الرئاسة.. تلك هى النكتة. إحدى اشد مزايا المصريين عبر عصورهم. إن ابن خلدون عندما يذكر أهل مصر فى مقدمته الشهيرة يقول نصا: «إنهم أهل فرح ومرح وخفة وغفلة عن العواقب»، بينما يقول المفكر الكبير احمد أمين فى كتابه «قاموس العادات والتقاليد المصرية» ان النكتة كانت سلاحا مصريا يلجأ اليه المصرى تعويضا عن شعوره بالكبت وتنفيسا له من الضائقات التى تنغصه». إن النكتة سلاح مقاومة، والسخرية أداة معارضة، والكلمة الضاحكة وقفة تحدٍ، لذا فقد كان عصر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك هو عصر النكتة السياسية، وعلى مدى ثلاثين عاما استخدم المصريون سلاح النكتة كاحتجاج سلمى ضد الفساد والاستبداد والديكتاتورية. طوابير السلع فى بدايات حكم مبارك شاعت طوابير المواطنين أمام الجمعيات الاستهلاكية طلبا للسكر والزيت والصابون حتى أن المصريين أطلقوا نكتة تقول ان الرئيس الامريكى زار مصر وتجول فى شوارع القاهرة متنكرا مع مبارك وعندما رأى تجمعا من الناس امام احدى الجمعيات الاستهلاكية سأل مبارك: ما هذا ؟ فرد: إن المصريين أهل واجب ومن المؤكد أن هناك عزاء، فدخل الرجلان إلى التجمع وصافح مبارك أحد المواطنين وسأله فى برود: عزيت؟ فرد قائلا: لا عالسكر. وقالوا إن الرئيس مبارك زار يوما حديقة الحيوان وذهب الى الأسد وسأله ان كان سعيدا فى عهده. فقال له الأسد: لقد ارتفعت أسعار اللحوم ولم أعد أحصل على ما كنت أحصل عليه فى الماضى. فغضب الرئيس وأمر بنفى الأسد، ثم ذهب الى الفيل وسأله أن كان سعيدا فى عهده فرد بأن الطعام أقل بسبب زيادة الأسعار فأمر الرئيس بنفيه، ثم ذهب الى القرد وسأله نفس السؤال ففوجئ به يقول: أنا سعيد جدا، لأن الناس تمر علي وترمى لى اللب والسودانى والموز فقال له الرئيس: مادمت سعيدا ارقص لى «عجين الفلاحة» فرد القرد: وأجيب دقيق منين عصر الفساد المالى كما شاعت فى مصر نكات عديدة حول الفساد المالى حتى شاعت تلك النكتة بين الناس والتى تقول إن أحد المسئولين الغربيين قدم للرئيس رشوة مليون جنيه فشعر الرجل بالذنب وذهب الى شيخ كبير وسأله النصيحة. فرد عليه الشيخ بأن الأمر بسيط، و ما عليك الا أن تذهب الى الكعبة الشريفة وتطوف سبع مرات. فذهب الرئيس وفوجئ وهو هناك بأحد رجاله المقربين وهو يطوف ويحصى عدد طوافه 66، 67 فغضب بشدة وسأله غاضبا: - كم أخذت يا حرامى لتطوف كل هذه المرات؟ فرد عليه الرجل: شوف ابنك بقاله ثلاثة أيام يطوف بالموتوسيكل حول الكعبة. وقالوا أيضا إن الرئيس تفقد أحد المشروعات السكنية الخاصة وأعجبته وسأل صاحب المشروع عن قيمة الشقة فقال له وهو يريد أن يجامله: لك بألف جنيه فقط. فأعطاه الرئيس عشرة آلاف وقال له: احجز لى عشر شقق. وكان مبارك مجتمعا يوما ما بعدد من رجاله المقربين فدخل عليه أحد المستشارين وقال له: البلد بتتسرق. فتعجب الرئيس وقال له: ازاى وكل الحرامية قاعدين هنا؟؟ وفى نفس الإطار ردد المصريون نكتة أخرى شهيرة تقول إنه سئل فى احدى الزيارات لأوروبا: من أين لك هذا؟ فرد قائلا: هذا من فضل ربى. فقال الشيطان: اخص عليك يا ناكر الجميل. وقالوا أيضا إن صحفيا أجنبيا سأل الرئيس مبارك: هل تقبل النقد؟ فأجاب منشرحا: نعم أقبل النقد والهدايا والعمولات والشيكات المصرفية. وفى يوم ما ذهب مبارك الى الصراف الآلى وأدخل الفيزا الخاصة به فكتبت له الشاشة: يا اخى اصرف اللى عندك الأول بعدين ابقى تعالى اسحب. نكتة أخرى تقول: إن علاء مبارك ذهب الى برنامج «من سيربح المليون» ونجح فى الإجابة على جميع الأسئلة ووصل الى السؤال الأخير وهو «من هو أكبر لص فى بلدك؟» وقرر الاستعانة بصديق واتصل بجمال ليسأله فقال له: سيب البرنامج وما تبعش أبوك عشان مليون دولار. ولم تقتصر النكات على العائلة الحاكمة، وإنما امتدت لباقى رجال الدولة وكانت من أبرز النكات المدللة على ذلك نكتة تقول إن مواطنا مصريا فى عهد مبارك بعث بخطاب الى الرئيس الامريكى جورج بوش يطلب اعانة مالية وقرأ الرئيس الامريكى الخطاب واهتم به وبعث الى مبارك مبلغ مائة الف دولار لتوصيلها إلى المواطن المصرى. واستدعى مبارك رئيس حكومته وابلغه أن الرئيس الامريكى شخصيا بعث الى المواطن فلان بمبلغ 50 ألف دولار، وطلب منه توصيلها إليه، واستدعى رئيس الوزراء وزير الداخلية وأخبره أن الرئيس الامريكى بعث اعانة الى المواطن فلان قدرها 20 ألف جنيه، وبدوره استدعى الوزير مدير الأمن وأبلغه أن الرئيس الامريكى بعث ب 5 الاف دولار إلى المواطن فلان وأن عليه ارسالها له، فقام مدير الأمن باستدعاء ضابط المباحث فى القسم الذى يتبعه صاحب الرسالة وأعطاه مائة جنيه وطلب ارسالها الى الرجل، ومن جانبه استدعى ضابط المباحث الرجل صاحب الخطاب وقال له: هل بعثت بخطاب الى الرئيس الامريكى تطلب مساعدة؟ فأجاب: نعم. فقال له: إن الرئيس الأمريكى قرأ رسالتك وتفهمها تماما.. ويقول لك: الله يسهلك. الحكم الأبدى أطلق المصريون طرائف متنوعة حول طول فترة بقاء مبارك حتى أنهم ذكروا نكتة تقول إن أحد الصحفيين الأجانب سأل مبارك يوما ما: متى تودع شعبك؟ فرد مبارك مستغربا: ليه هو الشعب هيروح فيين؟ وقالوا: إن الدكتور كمال الجنزورى سأل مبارك عقب خروجه من الحكومة عن سبب خروجه فرد مبارك بأن التغيير سنة الحياة. فعاد الجنزورى ليسأله: وأنت لماذا لا تتغير، فرد: أنا فرض ولست سنة.