«مصالح الولاياتالمتحدة لن تتحقق من خلال انهيار الحكومات الصديقة تحت ضغوط شعوبها الغاضبة والمحبطة ، ولا من خلال نقل السلطة إلى مجموعات متشددة تنشر التطرف، ولكن الطريق الأمثل للحفاظ على حلفائنا هو الاستجابة للاحتياجات الاقتصادية والقانونية والسياسية للشعوب، وحكومة اوباما تعمل بالفعل لتلبية تلك الاحتياجات».. كان ذلك ما أكده جون كيري عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الامريكي في مقاله بصحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية يوم 31 من يناير عام 2011، والتي دعا فيها الرئيس السابق حسني مبارك إلى التنحي. ويبدو أن موقف كيري وزير الخارجية الامريكي تجاه تولي الجماعات المتشددة للسلطة قد تغير بعد فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية خلال ديسمبر الماضي، حيث كان أول مسئول امريكي يلتقي بالإخوان خلال زيارته إلى القاهرة في ذلك الوقت. وفسر جون كرياكو مسئول مكافحة الإرهاب السابق في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» في مقال على موقع «هافينجتون بوست» الامريكي السبب في أن يكون كيري أول مسئول امريكي يتحدث إلى الإخوان، موضحا أن كيري ليس عضوا في الإدارة الامريكية وغير ملتزم بسياسات فريق اوباما ، رغم أنه يمكن أن يعمل كممثل للبيت الأبيض عندما يحتاجه الرئيس. وأوضح أن اوباما يريد أن يتحدث مع الإخوان ولكنه لا يريد أن يثير غضب الناخبين الذين قد يعارضون هذا التواصل. وكيري هو الشخص المناسب لأداء هذه الوظيفة ، حيث يمتلك خبرة عميقة في السياسة الخارجية، وتمكن من إنجاز عدد من المهام في مواقف صعبة ودول صعبة. كذلك فقد ظهر كيري في موقف المدافع عن الإخوان لدى فوز الرئيس محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، حيث أشاد بالانتخابات ، ووصفها بأنها لحظة تاريخية. وحذر من إصدار حكم مسبق على الإخوان المسلمين. وأعلن كيري أنه التقى بمرسي مرتين في القاهرة، وناقش معه ديون مصر. وأوضح كيري أن مرسي تعهد بحماية حقوق الأقليات والنساء والحفاظ على علاقات مصر الخاصة مع الولاياتالمتحدة، إلا أن كيري اعترف بجمود العلاقات بين الإخوان المسلمين وكل من الولاياتالمتحدة واسرائيل، مشيرا إلى أن ذلك سيتطلب الكثير من العمل، مؤكدا أن مصر ستظل شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة وسيكون لها الريادة على المدى البعيد في دول الربيع العربي. كما دافع كيري عن حكومة الإخوان بعد الانتقادات التي وجهها أعضاء الكونجرس لتصريحات مرسي قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية التي وصف فيها اليهود بأحفاد القردة والخنازير وطالب بإرضاع الابناء والأحفاد كراهية اليهود والصهاينة. نقلت شبكة «فوربس» الامريكية عن كيري أن مرسي أصدر تصريحين لتفسير تعليقاته بشأن اليهود، بالإضافة إلى أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الامريكي التقوا معه ، وشمل اللقاء مناقشات حول هذا الأمر. وأضاف كيري أن الولاياتالمتحدة لها مصالح جدية مع مصر، مشيرا إلى أن مصر دعمت معاهدة السلام مع اسرائيل، واتخذت خطوات للتعامل مع المشكلة الأمنية في سيناء، وهذا أمر حيوي بالنسبة للولايات المتحدة وأمنها القومي وأمن اسرائيل. وأضاف كيري أن الدول الأخرى قد تنتخب شخصاً لا تتفق معه بشكل كامل، ولكن ذلك لا يعني مقاطعتهم. وأوضحت صحيفة «بوسطن جلوب» الامريكية أن كيري لعب دورا معلنا وآخر سريا لمساعدة إدارة الرئيس الامريكي باراك اوباما على العمل مع القادة في المناطق المضطربة في الشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان. ووربما بدأت علاقة كيري بالإخوان قبل توليهم السلطة في مصر، حيث تلقى كيري دعوة من مركز دراسات الإسلام والديمقراطية لحضور مؤتمره السنوي ال11 الذي كان بعنوان «علاقات الولاياتالمتحدة مع العالم الإسلامي» في ابريل من عام 2010. ولم يتأكد حضور كيري للمؤتمر الذي نظمه الإخوان، وربما يرجع ذلك إلى رغبته في إبعاد نفسه عن الحدث الذي دعي إليه للمرة الثانية. ووصف موقع «جويش برس» الاسرائيلي جون كيري بأنه مبعوث اوباما لحماس والإخوان المسلمين ، مشيرة إلى أنه يعرف كافة التفاصيل المتعلقة بغزة، حيث قام بجولة في عام 2009 لتفقد آثار الدمار في القطاع الفلسطيني بعد الهجوم الاسرائيلي. وأضاف أن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» اعطت رسالة كيري ليسلمها إلى اوباما. وعلقت السفارة الاسرائيلية في ذلك الوقت بأنه يتعين على كيري ألا يتصرف كساعي بريد لجماعة تصنفها الولاياتالمتحدة ضمن المنظمات الإرهابية. وأضاف فريدريرك جون المتحدث باسم كيري أن كارين أبو زايد المفوض العام للوكالة اعطت الرسالة إلى كيري خلال لقائها معه دون أن يعرف أنها من حماس.