يواجه الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي حرب استنزاف حقيقية، تحولت في جوهرها من محاصرة الرئيس المنتخب إلى استنزاف مصر من قبل قوى داخلية وخارجية. هذه الحرب الشرسة التي يخوضها الخصوم والأعداء تهدف إلى إنهاك مصر الدولة والمجتمع والاقتصاد والسياحة و"تكفير" المواطن المصري بالديمقراطية من خلال ضرب الاستقرار والأمن ومصدر رزق المواطن المصري، وإجبار الرئيس مرسي على تقديم تنازلات تفرغ منصب الرئاسة من مضمونه وتجعل من مصر الدولة لعبة في أيدي "الظلاميين الجدد"، الذين فشلوا في كل معاركهم حتى الآن رغم الدعم المالي اللامحدود من دول خارجية، وحسب وجهة نظر "الظلاميين الجدد" فإنهم يريدون "تشكيل حكومة على رأسها مثلا محمد البرادعي"، أي أنهم يريدون " حكومة مصرية برأسين، مرسي والبرادعي" رغم خسارتهم للانتخابات النيابية والاستفتاء على الدستور"، وهي عملية "ابتزاز" حقيقية لمصر الدولة والمجتمع. المشكلة الخطيرة أن تحالف قوى الشر للظلاميين الجدد يضم يساريين وليبراليين وقوميين لا يوحد بينهم إلا العداء للإخوان المسلمين والرئيس مرسي والمواطنين المصريين الذين انتخبوا رئيسا بما لا يهوون، ويبدوا أنهم مستعدون لتخريب مصر و "كسر ظهرها" من أجل الوصول إلى أهدافهم الخطيرة. ولذلك ظهر على السطح عصابات و"مليشيات مسلحة" تطلق النار على الناس كما ظهر على شاشات التلفزيونات، مثل جماعة "البلاك بلوك" التي اعتبرها النائب العام جماعة إرهابية، وهي التي أعلنت عن نفسها في شريط فيديو في الذكرى الثانية للثورة المصرية وقالت "علينا الظهور بشكل رسمي، لمواجهة نظام الطغيان الفاشي للإخوان المسلمين وذراعه العسكرية". عنف الظلاميين الجدد في مصر حرب ضد الثورة والشرعية وأصوات المواطنين قبل أن تكون حربا ضد الرئيس مرسي والإخوان، هدفها إفشال لثورة وتفريغها من مضمونها ووضع حد للثورات العربية حتى لا تنتقل إلى دول أخرى وإجبار الناس على الاقتناع أن الوضع الحالي أفضل من الثورات، وأن الاستبداد والظلم والدكتاتورية أرحم من الديمقراطية وصناديق الاقتراع، ومن لا يصدق عليه أن ينظر لما يجري في سوريا من مذابح وما جرى ويجري في ليبيا وتونس ومصر واليمن. ما يحدث في مصر حرب نفسية ضد المواطن المصري والعربي بشكل عام، وما يجري في سوريا حرب دموية عنيفة وهمجية وبربرية وحشية تهدف لدفع الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج إلى حفرة اليأس والندم والإحباط، وهي معارك على العرب الشرفاء أن لا يسمحوا لهم بالفوز بها، ومواجهتها إعلاميا وثقافيا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا في مصر والتصدي لما يجري في سوريا من مجازر بالسلاح والرصاص. هذه المعارضة غير المتناسقة رفضت دعوة الدكتور مرسي للحوار ووضعت شروطا للجلوس معه في البداية ثم عادت ثانية لتطالب بالحوار عبر "تويتر" على صفحة محمد البرادعي الذي كتب "نحتاج فورا لاجتماع بين الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي وجبهة الإنقاذ لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جاد"، وهو الذي كان قد اعتبر الحوار "شكليا" و "فارغا من المضمون". ومن هنا فإن المعركة التي يخوضها "الظلاميون الجدد" في مصر تستهدف المستقبل العربي كله، ومستقبل الثورات في كل العالم العربي، ولذلك فإن التطورات هناك ليست شأنا داخليا مصريا، بل شأنا عربيا يخص كل العرب، ولا يجوز على الإطلاق ترك الرئيس المصري الشرعي والمنتخب وحيدا في مواجهة الظلاميين الجدد ومن يدعمهم من تحالف الشر. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية