القوات المسلحة تنظم زيارة لعدد من الملحقين العسكريين إلى إحدى القواعد الجوية    «إعلام بني سويف الأهلية» تحصد المركز الثالث في مسابقة العهد للفئة التليفزيونية.. صور    جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الإنسانية    تحرك برلماني ضد رفض بعض الدول العربية الاعتراف بشهادات «الانتساب الموجه» المصرية    البورصة المصرية تقر القيد المؤقت لأسهم المصرف المتحد تمهيدًا للطرح    «بتكلفة بلغت 60 مليون جنيه».. محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية الواسطى    عاجل: ارتفاع أسعار الدواجن والبط في الأسواق المصرية اليوم    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    خبير: مصر تلعب دورا مهما في تجمع البريكس كمركز إقليمي للطاقة    رودريجو خارج كلاسيكو الريال ضد برشلونة في الدوري الإسباني    طارق السيد: فتوح أصبح أكثر التزامًا واستفاد من الدرس القاسي.. وبنتايك في تطور واضح مع الزمالك    أول سابقة بين أبناء الأهلي.. الكفراوي ونور يطعنان على العامري في انتخابات السباحة    تفاصيل سقوط دجال لقدرته على العلاج الروحانى ومزاولة أعمال السحر والدجل في الهرم    حالة الطقس اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024: طقس معتدل ليلًا ومائل للبرودة صباحًا    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    ضبط مخدرات بقيمة مليونى جنيه بالاسماعيلية    «الإدارة العامة للمرور»: ضبط (28) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 42792 شهيدًا    الثلاثاء.. ندوة عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور في مكتبة الإسكندرية    محطات في حياة صلاح السعدني.. صداقة العمر مع الزعيم وكبير مشجعي الأهلي    لأول مرة.. هاني عادل يفتح قلبه لبرنامج واحد من الناس على قناة الحياة    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    من توجيهات لغة الكتابة.. الجملة الاعتراضية    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    تلبية احتياجات المواطنين    إشادات عالمية بقضاء مصر على فيروس سي في 10 سنوات.. «تجربة استثنائية»    غدا.. "تمريض بني سويف" تحتفل باليوم العالمي لشلل الأطفال    محافظ بني سويف يتابع تنفيذ التوجيهات بشأن الحلول والإجراءات لمشكلات المواطنين    افتتاح فعاليات المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الإنسانية بجامعة بنها    السوبر المصري.. مؤتمر صحفي لجوميز استعدادًا للقاء الأهلي    خلال الافتتاح.. مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم النجمة درة    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    رشقة صاروخية من الجنوب اللبناني تستهدف مواقع إسرائيلية في إصبع الجليل    بعد صعودها 1.5%.. التوترات السياسية تجبر أسعار النفط على التراجع    مصدر أمني يكشف حقيقة إطلاق أعيرة نارية على منزل بالشرقية    تحرير 553 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1372 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    وزيرة التضامن تدعو عددًا من المسنين لحضور حفل هاني شاكر بمهرجان الموسيقى العربية    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    «التهديد والوعيد مايجبش نتيجة».. رسالة نارية من شوبير بعد أزمة ثلاثي الزمالك    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    بعد مقترح النائب محمد أبو العينين| خبير: خطوة نحو ربط التعليم بسوق العمل    مدبولي يلتقى أعضاء منظومة الشكاوى الحكومية بمجلس الوزراء    تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و550 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    سعر كيلو العدس، أسعار العدس اليوم الأربعاء 23- 10- 2024 في الأسواق    تعاون مصري قبرصي لتعزيز الشراكات الصحية وتبادل الخبرات    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    الصحة العالمية: ‌نقل 14 مريضا من شمال غزة إلى مستشفى الشفاء ‌فى مهمة عالية الخطورة ‌    زعيم كوريا الشمالية يطالب بتعزيز الردع في مواجهة التهديدات النووية    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    مدرب أرسنال يصدم جماهيره قبل مواجهة ليفربول بسبب كالافيوري    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعوة بين الصالح والفاسد!
نشر في الوفد يوم 20 - 04 - 2011

هذه الصورة توجد في مكان ما بالإسكندرية، ويبدو أن كاتبها رجل صالح، يمارس الدعوة بين البشر الفاسدين، ويقول لهم حكمة تاريخية نصها أن "الحب مش عيب، الحب الحرام هو اللي عيب"، في كسر واضح للمسافة الفاصلة بين العيب والحرام و...الحب. السؤال في أبسط أشكاله وأعقدها هو : إذا كان المجتمع ينقسم إلى نوعين من البشر، "صالح" و"فاسد"، لماذا نلاحظ اهتمام الصالحين بنشر صلاحهم والدعوة له، فيما نكاد لا نلحظ أي اهتمام بنشر فساد الفاسدين؟
الأمر أكثر صعوبة من بساطة تكوين السؤل، لكنه – وكالعادة – يحتاج إلى شرح بسيط للمصطلحات التي وردت في السؤال أعلاه.
الصالح هو الصالح، مقيم الصلاة، ملتزم الأخلاق الحميدة، يمتنع عن الاقتراب من المحرمات، ويحفظ للمجتمع الجميل حقه في ألا يخدش حياءه، أو يثير داخله فتنة أو ثورة أو ضجيج. الصالح بشكل عام هو الشخص الهادئ المسالم، الذي يتمنى الخير للجميع، ويثق في "صلاحية" أفكاره حتى أنه قرر أن يهب عمره للناس يدعوهم للإلتزام بالصلاح الجميل.
والفاسد هو الفاسد، لا يصلي لا يصوم، يشرب الخمر مثلاً، يصاحب البنات الفاسدات، ويتحرر من قيد الدين والأخلاق والعرف الاجتماعي، يرى نفسه حراً في فعل أي شيء، حتى وإن كان يعلم في قراره نفسه أن بعض أفعاله لن ترضي البعض عنه.
يجب هنا، وقبل الدخول في تفاصيل أعمق، أن نؤكد أن هناك صالح، وهناك مصلح، وأن هناك فاسد وهناك مفسد، وبالطبع فإن الفرق واضح بين الفعل وتفعله. على كل حال، نحن في هذه المساحة نتحدث عن الصالحين والفاسدين، فقط لا غير.
وبالملاحظات البسيطة التي جمعها صاحب السطور، يمكن القول أن الصالحين يهتمون لأمر كل الناس، كل البشر، أنا أنت والآخرين، ويشعرون بالتزام ما غير مبرر تجاهنا، عليهم أن يجعلونا مثلهم، نصلي صلاتهم، نقول كلامهم، ونفعل أفعالهم، وننادي جميعاً بصلاح المجتمع، وبانتشار الأخلاق في كل مكان، والله أكبر ولله الحمد.
الأمر الأكثر غرابة، أنه عادة لا توجد روابط وثيقة بين الصالح وبين الأشخاص الذين يدعوهم للصلاح. الأمثلة كثيرة، ما الذي يفسر مثلاً رسائل تملأ صناديق البريد الإليكترونية كلها تنادي بالتسبيح والإستغفار وإقامة الصلاة وتنهي عن الخمر والزنا والاستماع للموسيقى. المصادر مجهولة، لكنها بالطبع يقف وراءها صالح ما يرى أن هناك واجب عليه أن ينشر الصلاح هنا وهناك، حتى بين الذين لا يعرفهم أصلاً.
من جهة أخرى، وبمزيد من الملاحظة، يمكنك أن ترى على الجدران في الشوارع "قم إلى الصلاة"، لكن من الصعب أن تقرأ "الحشيش مزاجه عال".
صاحب تجربة الفساد (التي عادة ما تكون فردية) لا يرى أن هناك حاجة لنشر دعوة تحث الآخرين على تكرار التجربة، ليس لأنها سيئة، بل لأن الفاسدين لا يهتمون.
أما أصحاب التجارب الصالحة، فهناك دائماً هذا الاهتمام غير المبرر، بأن على المجتمع كله أن يصلي، وعلى الجماعة أن تصبح أكبر وأكبر، وأن الأخلاق والصلاح الجماعي هو الحل الناجح الوحيد لكافة مشاكل الأمة والمجتمع.
الغريب، أنه بمزيد من الملاحظة والتطبيق، سنجد مثلاً أن أقرب الأقربين للصالحين هم فاسدين بشكل واضح، تابع مثلاً في دائرة علاقاتك أبناء شخص منتمي لجماعة الإخوان المسلمين أو السلف (وهذا مجرد مثال)، أو لاحظ تدني أخلاق شقيق صديقك الملتزم الذي يكافح كل يوم لجذبك إلى الصلاة، هذه طبعاً مجرد أمثلة عامة واسعة.. لكنها تدل في جانب من جوانبها، أن أحدهم جعل الصالحين يفهمون أن الدعوة تصبح أفضل مع الغرباء، وأن الذين يجلسون في البيت ليسوا على ذات الدرجة من الأهمية.
ما الذي يحدث بمرور الوقت؟، وما الذي حدث بالفعل؟
ما حدث أن كل صالح تحول إلى مصلح بشكل تلقائي، وخرج ينادي في الناس بالأخلاق الحميدة، وكله ثقة أنه على حق، وأنه يفعل الصواب، وترك وراءه أقرب أقرباءه، يفسدون في هدوء، وملأ العالم ضجيجاً حول أهمية أن نكون أناس محترمين.. وبالطبع، فإن المجتمع غير مجبر على سماع كلامه، لأنه لا يعرفه أصلاً، وإن كان ترك له الفرصة للكتابة على صخور الشواطئ والجدران، أن الصلاة خير من النوم، وأن الله أكبر ولله الحمد، وكأن الأمر في حاجة إلى تأكيد.
الفاسد، ولأنه غير واثق في أهمية ما يفعل في هذه الدنيا، فقد آثر أن يمضي في فساده صامتاً، وألا يدعو أحد، وأن يترك الصالح في حاله، عسى أن يتركه أيضاً، وكفى الله الجميع شر القتال.
أخيراً، وهذا سؤال هامشي جداً، ما الذي جعل الصالح متأكداً من صلاحية صلاحه، وما الذي جعل الفاسد متردداً في أن فساده غير صالح؟
ثم، ألا يجوز أن يكون صالح الصالح فاسد لمجتمع ما، وأن يصبح فاسد الفاسد صالح لمجتمع آخر؟
إنها قصة طويلة، نكتفي لختامها بحكمة قالها والد أحد الأصدقاء، وهو مربي فاضل من هؤلاء الصالحين الذين اكتفوا بإصلاح بيوتهم والعناية بأخلاق أبناءهم ..فقط لا غير.
* من مدونة وأنا مالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.