يواجه القطاع المصرفى العديد من التحديات الخطيرة بمرور عامين من ثورة 25 يناير ولولا مرور القطاع ببرنامجين للإصلاح نفذهما البنك المركزى لما استطاع مقاومة الضغوط التى فرضتها الأحداث الماضية وتبقى ضغوط هائلة قادمة أهمها فى الوقت الحالى، تراجع احتياطى النقد الأجنبى وتذبذب سعر الصرف وعجز ميزان المدفوعات الذى بلغ 21 مليار دولار وضعف موارد النقد الأجنبي، إضافة إلى الكثير من التحديات الأخرى، والأمر يحتاج إلى تكاتف المجتمع والحكومة ومؤسسة الرئاسة لاستقرار الأوضاع السياسية المطلب الأساسى الأكثر إلحاحاً والخروج بالبلاد من حالة الانقسام الحالى والتمسك بالتوافق العام لاستعادة الاستثمارات المحلية والأجنبية فى أسرع وقت، وبالتالى معدلات النمو الاقتصادى، فإذا لم يتم تدارك المشكلات الراهنة بالقطاع المصرفى فإن الأوضاع ستكون كارثية والحلول ستصبح غاية فى الصعوبة، خاصة أن البلاد تواجه حالياً موجة كبيرة من ارتفاعات الأسعار أعقبت ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه طالت كل شيء تقريباً مما جعل الكثيرين من البسطاء يكفرون بالثورة. وصل سعر الدولار لأكثر من سبعة جنيهات، مما يؤكد انهيار قيمة الجنيه، كما أنه لا يوجد لدينا الاحتياطيات بالمعنى الحقيقى لأن ما هو موجود لا يكفى واردات ثلاث شهور كما لا يفى بالالتزامات الدولية وهى بالأساس معظمة ودائع دعم لدول عربية ومازالت الحكومة تضغط على البنوك فى الاقتراض لسد عجز الموازنة حتى تجاوزت ديون الحكومة للبنوك 615 مليار جنيه ولابد للبحث عن حلول، فهناك بعض المعايير التى ستمنح البنوك مزيداً من القوة وتجعلها أكثر قدرة على مواجهة الأزمات تتمثل أهمها فى استكمال معايير بازل 2 وكذلك تطبيق مقررات بازل 3 وهى التحدى الصعب للجهاز المصرفى، والتى سوف يبدأ تطبيقها خلال 2013 - 2019 وتطبيق هذه المقررات يتطلب مجموعة من الإصلاحات بمقاييس جديدة خاصة بالسيولة وتتطلب رفع الشريحة الأولى عن رؤوس الأموال التى تشكل احتياجاتها من 2٪ إلى 5.4٪ من أصولها وتخصيص شريحة الأزمات، بالإضافة إلى طرح منتجات مصرفية جديدة من العملاء، وكذلك صناديق الاستثمار مع الاهتمام بقطاع التجزئة المصرفية والاهتمام بالصناعات الصغيرة، ولكن ليس على حساب القطاعات الأخرى ويجب توفير حزمة من الخدمات المصرفية المتميزة تشمل جميع القطاعات داخل الاقتصاد المصرى. ويرى منير الزاهد رئيس بنك القاهرة أن القطاع المصرفى من أفضل القطاعات أداءً فى ظل حالة الركود وعدم الاستقرار السياسى والأمنى التى شهدتها مرحلة ما بعد ثورة يناير، ولكنه لفت إلى وجود تحديات تواجه الجهاز المصرفى المصرى تشمل العمل على رفع معدل النمو الاقتصادى، وزيادة نسب التشغيل، بتوفير ما يتراوح بين 900 ألف ومليون فرصة عمل سنوياً، ولن يأتى ذلك إلا عن طريق قيام القطاع المصرفى بدوره فى تنمية عملية الإقراض، وتمويل المشروعات بجميع أحجامها، والاهتمام بضخ تمويلات فى قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مؤكداً أن تكلفة توفير العمل ارتفعت خلال السنوات الماضية، وهو ما يمثل تحدياً آخر أمام الحكومة وأشار إلى ضرورة زيادة معدلات النمو الاقتصادى وانتعاش عمليات الائتمان ودوران عجلة الاقتصاد لمساندة الجهاز المصرفى فى القيام بمهامه فى أحداث التنمية. الدكتورة بسنت فهمى الخبيرة المصرفية أكدت أن «التعويم المُدار للجنيه»، كانت سياسة خاطئة لأنها ساعدت على التخفيض الشديد للاحتياجات الدولية من العملات الأجنبية وأدت إلى زيادة سعر الصرف عندما اتبع البنك المركزى آلية جديدة لعطاءات الدولار وكان يجب اتباع سياسات ديناميكية حثيثة خلال الفترة الماضية لافتة إلى أن الطلب على الجنيه شبه منعدم لتدهور السياحة والصادرات، والحل الوحيد لزيادة قيمة الجنيه هو رفع سعر السندات الحكومية مما يترتب عليه زيادة سعر الفائدة عليها وتخفيضها على الدولار لأدنى المستويات العالمية عندئذ تتجه أنظار المودعين إلى التكالب على فتح الإيداعات بالجنيه وزيادة المدخرات بالعملة المحلية فتتصاعد معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادى وطالبت بضرورة الاستقرار السياسى لدفع الاقتصاد إلى الاستقرار والقطاع المصرفى على العمل قائلة إن حالة الاستقطاب السياسى الراهنة سوف يؤثر سلبياً على الاقتصاد، ويدفع مصر إلى الهاوية. وحذرت من خطورة استمرار الوضع الراهن لفترات طويلة بما يتسبب فى دخول مصر نفقاً مظلماً لا يتحمله المواطن وشددت على ضرورة التوافق السياسى لتتجنب مصر عواقب الكوارث على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى والأمنى، مطالبة السياسيين بإعلاء المصالح القومية على المصالح الشخصية. ويؤكد الدكتور محمد مرسى عيسى الخبير المصرفى أن الإجراءات التى اتخذها «المركزي» مكنت البنوك من عبور أزمة 2008 ومكنت أيضاً البنوك من تخطى الآثار السلبية التى نتجت عن ثورة 25 يناير، وسوف تمكن تلك الإجراءات أيضاً البنوك مستقبلاً من عبور أى أزمات. ولولا القيود التى وضعها المركزى على البنوك لما استطاعت البنوك أن تقف صامدة حتى الآن وهذه الإجراءات تتمثل فى المطالبة برفع رءوس أموال البنوك ووضع ضوابط على التمويل العقارى الذى كان سبباً فى انهيار كيانات كبيرة، وكذلك التشديد على البنوك فى منح الائتمان وإجراء دراسات جدوى أكثر دقة قبل منح الائتمان. وأشار إلى أن البنوك خلال هذه الفترة فى حالة انتظار لبعض المتطلبات عن تحققها سيشهد القطاع المصرفى طفرة كبيرة تتمثل فى تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى بما يوفر للبنوك فرصاً استثمارية جيدة من تمويل المشروعات وأن يحقق مزيداً من فرص العمل، وفى النهاية خلق اقتصاد مصرى قوى. كما أشار إلى مخاطر البيئة المصرفية، خاصة البيئة الداخلية وهى العاملون وأماكن العمل، تضع تحدياً كبيراً أمام القطاع المصرفى ومحافظ البنك المركزى الجديد هشام رامز لحل المشاكل المعروضة حيث تعتبر البيئة الداخلية للعمل من أهم أسباب نجاح العمل المصرفى. وطالب الدكتور عبدالمنعم السيد الخبير الاقتصادى بالاهتمام بتمويل المشروعات الصناعية والمتوسطة من جانب البنوك لافتاً إلى أنه حتى الآن لا توجد هيئات ومؤسسات مالية تنهض بهذا القطاع باستثناء مبادرات محدودة، أما التمويل المتناهى الصغر فيقصد به الخدمات والمنتجات المالية المختلفة التى تستهدف الفئات ذات الدخل المحدود والمنخفض بما يلائم احتياجات وقدرات هذه الفئات، وقد أثبتت تجارب الدول النامية أن ذوى الدخل المحدود والمنخفض لديهم جدارة ائتمانية عالية وتتعدى نسب سدادهم للقروض أكثر من 90٪. وقال إن دولا مثل الهند قامت وتم بناء نهضتها على المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مؤكداً أن الفجوة التمويلية مازالت كبيرة وأن هذه الفئات المتوسطة والصغيرة أقل المتضررين من الأحداث الاقتصادية الراهنة ويجب على الدولة وقطاع البنوك أن يتجه إلى المشروعات كثيفة استخدام الأيدى العاملة للحد من ظاهرة البطالة.. والاتجاه للمشروعات القومية وعلى رأسها تنمية قطاع السويس وشرق التفريعة وإقامة محطات الطاقة الشمسية بالصحراء الغربية.