مع الزيادة السكانية الرهيبة فى العقود الأخيرة، وتخطى مصر حاجز المائة مليون نسمة اتسعت شبكة الطرق والمواصلات لتشمل المواصلات الخاصة ويأتى على رأسها الميكروباص الذى أصبح صداعاً مزمناً للطريق، ومع انتشاره سبب كثيرًا من المشكلات، ويأتى على رأسها دائماً مخالفته لآداب وسلوك الطريق، وعدم الالتزام المرورى، والسير بدون لوحات معدنية، التى تعتبر بمثابة بطاقة الهوية للسيارات. ومن داخل خط فيصل- الجيزة الذى معظم سياراته من طراز «الترامكو» بشكله المكعب، وحالته السيئة، يعانى المواطنون الأمرين بسبب إصرار السائقين على تحميل 12 شخصًا فى السيارة، رغم أن تصميم الميكروباص يتسع ل10 أشخاص فقط، ومعظم السيارات المتراصة داخل الموقف سيارات بدون لوحات معدنية ومتهالكة، ويقودها صبية صغار ودائماً تحدث مشاجرات مع الركاب بسبب زيادة الأعداد داخل السيارات المتهالكة. أما خط الكيت كات- أوسيم فهو أسوأ من خط فيصل- الجيزة، حيث إن معظم الميكروباصات تشبه علبة السردين المغلقة، بسبب تكدس المواطنين داخلها، كما أن عددًا كبيرًا من السيارات لا تحمل لوحات معدنية نهائيًا، وتسير فى وضح النهار فى شوارع الجيزة ولا يعترضها أحد، ومن الممكن أن تصدم أحدًا ولا يتم الوصول إلى مرتكب الواقعة، كما أن هناك كثيرًا من سيارات الميكروباص والأتوبيس تسير بدون أى عوامل أمان، فأبوابها مفتوحة، والنوافذ الزجاجية محطمة، وبعض سائقى الميكروباص يسيرون بدون فرامل خاصة فى قلب المناطق الشعبية مما يعرض حياة المواطنين للخطر. والأمر لا يقتصر على السيارات والميكروباصات فقط، إنما تزداد حالة الفوضى بسبب التوك توك والدراجات النارية، التى تسير فى المناطق الشعبية بدون لوحات معدنية وغالباً ما تقع حوادث السرقة والخطف من خلال تلك المركبات. وعن المعاناة اليومية مع فوضى الميكروباص، قال حسن بهاء 29 عاماً مندوب مبيعات، إنه يستقل كل يوم الميكروباص ولا يوجد أى وسائل أمان داخله وعلى سبيل المثال خط أوسيم- الكيت كات معظم السيارات متهالكة وتسير بكل حرية فى الطرق دون رادع، لكن لا يوجد حل آخر مضطر اركب عشان الحق بعملى فى الصباح وأثناء العودة إلى منزلى. وفى هذا السياق قال يوسف مصطفى 42 عاماً إنه يسكن فى منطقة فيصل منذ 8 سنوات ب«كفر طهرمس» ويستقل الميكروباص يوميًا ومعظم السيارات الموجودة بخط فيصل- الجيزة هى نفس السيارات وبنفس السوء منذ سكنت بالمنطقة من أكثر من 10 سنوات، بل تزداد حالتها سوءًا يوماً بعد آخر موضحاً أن النوافذ معظمها غير موجود وبعض السيارات تسير بدون لوحات معدنية ومتهالكة تمامًا وفرش السيارة ممزق ودائمًا ملىء بالأتربة ورحلة ركوب الميكروباص عذاب وأحاول استبدالها بالمينى باص التابع لهيئة النقل العام. وأكدت «إيمان على» موظفة 48 عاماً، أن الميكروباص فى موقف أوسيم إلى الكيت كات كلها قديمة ومتهالكة وقليلة لا تفى باحتياجات المنطقة، حيث إن عشرات الركاب، الذين يقفون فى طوابير يتزاحمون على أبواب الميكروباصات المتهالكة من أجل اللحاق والرجوع إلى المنزل بأسرع وقت. وأضافت أن السيدات يعانين بسبب ضيق المقاعد أيضاً مما يضطر بعضهم إلى حجز مقعدين خشية المضايقة من أحد الزبائن، والسيارات مصممة على مستوى مرتفع عن الأرض مما يعرض البعض للسقوط أحياناً، بالإضافة إلى السرعة الجنونية بين سائقى الميكروباص لخطف الزبائن. وأضاف مواطن آخر: إن سائق الميكروباص فى الغالب لا يخشى أحدًا ويسير فى شوارع عكس الاتجاه ولا يراعى قواعد السير وأحياناً يسير بسرعة جنونية سواء فى الشوارع الداخلية الضيقة أو الطرق المفتوحة كالدائرى ويتخطى السيارات فى فوضى شديدة وللأسف فإن أكثر الركاب يخشى توجيه أى لوم للسائق لأن عددًا كبيرًا منهم أسلوبهم غير لائق وأقرب جملة على لسانهم «اللى مش عاجبه ينزل». وتعليقًا على هذا يدافع محمد حسين 38 عاماً سائق بخط أوسيم- الكيت كات، عن مهنته قائلًا: إنه يعمل سائقًا منذ 9 أعوام، والسائقون مظلومون لأنهم مجبورون على القيادة لجلب قوت يومهم، حيث إنه مسئول عن أسرة، وسائقو الميكروباص بينهم الصالح وهناك قلة تعتبر فاسدة ولا تراعى «أكل عيشها» ومعظمها من الشباب المتهور، وأحياناً يتعاطون المخدرات ويقودون المركبات بتهور، بل إن معظمهم تكون رخصهم منتهية ومعظم السيارات تكون بدون لوحات معدنية وهذا ما يسىء لكل سائقى الميكروباص، مضيفاً بأن مشكلة الميكروباص تعود لبعض الأنواع المتهالكة وعلى رأسها «الفولكس» و«الترامكو» لأنها موديلات قديمة تعود إلى السبعينات، وتعانى من ارتفاع معدل الصدأ، وارتفاع درجة حرارة المحركات، وأشار إلى أن الميكروباصات الحديثة والمطابقة للمواصفات يتخطى سعرها حاليًا مبلغ 400 ألف جنيه. وفى هذا السياق أكد عادل الكاشف رئيس جمعية سلامة المرور، أن إدارة المرور يجب أن تقوم بتطبيق القانون بوقف التراخيص نهائيًا للسيارات المتهالكة، طبقًا للمادة 33 من قانون المرور الصادر عام 2008، التى تختص بالأمان للسيارة، وعدم الاكتفاء بتحصيل المخالفات المرورية فقط، والتنسيق بين إدارات المرور وبين إدارة السرفيس لضبط من يسير بدون لوحات معدنية، وسحب رخصة السائق وصاحب المركبة وإيقافها مع إنذاره بالحبس، لأن القانون ينص على حبس أى شخص يسير بدون لوحات معدنية لأنه قد يرتكب أى جريمة ولا يتم الوصول إليه. وقال اللواء مجدى الشاهد الخبير المرورى، إن فوضى الميكروباص تتسبب فى الزحام المرورى وزيادة معاناة المواطنين للذهاب للعمل، وقانون المرور الجديد تعرض بشكل خاص لتنظيم سير ومتابعة المواصلات، خاصة داخل القاهرة الكبرى وبصفة خاصة ل«الميكروباص»، حيث إن تنفيذ القانون يسهم بشكل مباشر فى تخفيف أزمة الاختناق المرورى بالعاصمة، والقضاء على مشكلات سيارات السرفيس، وأبرزها مشكلاته الدائمة التى لا تتغير وعلى رأسها تحميل ركاب زيادة على العدد المقرر، ومخالفة خط السير للمركبات المحدد لها خط سير أو دائرة سير، وعدم توافر شروط الأمان والصلاحية الفنية أثناء السير، وتحميل ركاب من غير المواقف المخصصة، أو الامتناع عن توصيل الركاب بدون مبرر أو تجزئة خط السير للمركبات، والتوقف على الكبارى وعند مطالعها ومنازلها وفى الأنفاق وعند مداخلها ومخارجها. وأضاف «الشاهد» أن القانون شدد العقوبة على بعض المخالفات التى يرتكبها سائقو الميكروباص أو غيرهم، بالنسبة للسير بدون رخص أو لوحات معدنية، فوفقاً للمادة 74 من قانون المرور يعاقب كل من يقود مركبة بدون لوحات معدنية بالغرامة التى تتراوح بين ألف وألفى جنيه، والحبس 6 أشهر، أو بإحدى العقوبتين، مؤكداً أن الإدارة العامة للمرور تبذل جهداً كبيراً طوال الفترة الماضية من أجل ضبط وردع المخالفين ومنع انتشار المخالفات بكل محاور وميادين القاهرة الكبرى، وتصل بعض العقوبات إلى سحب الرخص لمدة عام أو الحبس فى حالة التسبب بأضرار، أو وقوع حوادث للمواطنين، وعلى رأسها السير عكس الاتجاه أو السير بدون لوحات معدنية.