حققت حركة المحافظين جزءاً كبيراً من طموحات المصريين في التغيير، والمهم طبعاً تغيير السياسات وليس الوجوه، وقد تم إقصاء عدد كبير من المحافظين الذين عينهم الرئيس السابق وحزبه وحكومته في مناصبهم ومن بين هؤلاء محافظ استطاع أن يختطف الاضواء قبل إعلان حركة المحافظين بساعات فقد عقد مؤتمراً صحفياً بكي خلاله وهو يعلن لأول مرة سراً يرتبط بانتماء والده للإخوان المسلمين. وقال إن والده كان من عناصر الإخوان النشطة الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم في عهد الرئيس جمال عبد الناصر كما كشف انه تم اعتقاله - سيادة المحافظ شخصياً - وهو طالب في الصف الأول الاعدادي بتهمة التعامل مع الاخوان، لانه كتب خطاباً إلي خالد عبد الناصر يطالبه بالتوسط للإفراج عن والده، وتبادلت المواقع الاخبارية ووسائل الاعلام السر القنبلة الذي ألقاه الدكتور سمير سيف اليزل محافظ بني سويف السابق، ويبدو أنه اراد أن يفاجئ جماهير بني سويف والقيادة السياسية بأنه اصلا لا حزب وطني ولا حاجة، ولا كانت علاقته بصفوت الشريف جيدة لدرجة انه كان يطالبه بتغيير امين الحزب الوطني في المحافظة، لانه دأب علي اتهام المحافظ بالأنتخة، وأنه كمحافظ لا يتابع تنفيذ القرارات مع الاجهزة التنفيذية، وقد احرج المحافظ بإعلانه المدوي الجماهير التي تظاهرت ضده مطالبة برحيله أو استبداله بالمحافظ الاسبق عابدين، وهي الجماهير التي كانت تحاصر مقر المحافظة وتضطره إلي الخروج من الباب الخلفي، ولعل من واجب هذه الجماهير أن تعتذر الآن إلي المحافظ، وتقول له »آسفين يا دكتور اللي ما يعرفك يجهلك«.. »كنا فاكرينك وطني طلعت اخوان«.. »الحمد لله انها جت علي أد كدة ويا محافظة ما دخلك شر«. والمشكلة أن المحافظ اندمج في المؤتمر الصحفي والدموع تنهال من عينيه حتي اعترف انه كان يستجيب جزئياً لمطالب أمن الدولة بفصل الطلاب المنتمين للإخوان أثناء رئاسته لزراعة الفيوم، ولكنه دافع عن نفسه بأنه كان يفصل طلاب الاخوان اسبوعا واحدا فقط، وكانوا يريدون منه أن يفصلهم 4 أسابيع كاملة حتي تضيع منهم السنة، لكن السؤال الذي لم يجب عنه محافظ بني سويف السابق هو كيف تخطي مناصبه في المحليات والجامعة وصولا إلي منصب المحافظ دون أن تعيقه فلاتر أمن الدولة؟! وقد يسأل احدكم لماذا الاهتمام بهذا المحافظ بالذات.. وأقول إن أهمية الواقعة ترجع لارتباطها بما يجري علي الساحة السياسية حاليا من تحولات في الولاء والانتماء لدرجة تصل احياناً إلي مستوي الاكروبات في السيرك أو الجمباز في الأوليمبياد السياسي إذ يقوم من كان تابعاً للوطني أو لجنة سياساته ب »شقلباظ« في الهواء ليفاجئ الجماهير بنزوله علي الارض معارضاً ثورياً من صناديد 25 يناير، ونحن لا نتحامل علي المحافظ السابق أو نتهمه بأنه من هذه النوعية من اللاعبين المهرة الذين يعتمدون علي ضعف ذاكرة المصريين، ولكن استوقفنا فقط أنه اطلق مؤتمر الصحفي ليثبت لنا في النهاية أن انتماءه ليس لحكومة نظيف ولا مبارك والحزب الوطني ولا أي شيء من هذا القبيل، وانما هو اخواني ابن إخواني، وهنا سيطلق أي مغرض علي ما فعله المحافظ اسم »فيلم هندي«.. ونحن لا نتفق مع هؤلاء المغرضين الذين لا يعرفون في معدن المحافظين، فهذا الرجل أخفي سره الدفين منذ أن كان في الصف الاول الاعدادي حيث اعتقل حسب روايته لمدة اسبوع علي يد مباحث أمن الدولة، وللعلم أيضا انه ظهرت فجأة في شوارع بني سويف منشورات مصدرها غير معلوم تتهم المحافظ - هذه الأيام تحديدا - بالانتماء للاخوان - وعلي اثر ذلك عقد المحافظ مؤتمره واعترف بالانتماء للإخوان مطلقاً سره الدفين الذي تناقلته المواقع الاخبارية ووكالات الانباء، وهنا اصبح صاحب القرار في مأزق، لو تم تغييره سيقال إنها ضربة موجهة للإخوان ولو بقي في منصبه سيقال لماذا بقي هذا المحافظ رغم استخفافه بعقول المصريين وقيامه بكشف السر إياه قبل تغييرات المحافظين مباشرة. وقد جاء القرار ليحترم ارادة وعقول ابناء المحافظة الذين هتفوا ضده مطالبين برحيله بسبب سوء متابعته للأجهزة التنفيذية في محافظته.. هاردلك يا سيادة المحافظ.