تشهد السنوات القادمة عودة أفلام الأبيض والأسود بما لها من جاذبية خاصة لدى عاشقى السينما والتي لم يؤثر في مبدعيها الإخفاق الجماهيرى لفيلم «الفنان» رغم أنه حصد العديد من جوائز الاوسكار. وأفلام الأبيض والأسود عدنا اليها هذا العام بفيلم الرسوم المتحركة ثلاثي الأبعاد «فرانكين ويني». عن قصة صبي يسعى إلى إحياء كلبه المدلل «سباركي» بعد موته بقدراته العلمية. «فرنكنويني» للأمركي تيم بورتون، مخرج أفلام «باتمان» - الرجل الوطواط -، وله تجربة مع كلاسيكية الأبيض والأسود عندما قدم فيلمه «إد وود» 1994 هو فيلم مبني على قصة حياة مخرج أفلام الرعب الرخيصة الراحل «إد» ولكنه في هذا العمل يبذل جهدا كبيرا لاتقان نوعيّته من «التأثيرات المرئية» مستبعدا الحلول السهلة عبر برامج الكومبيوتر وتعمد إلى تحريك الدمى ووسائل أخرى، كما كان فعل حين قدّم فيلميه. وجمال أفلام الأبيض والأسود تراه في الفيلم الكوميدي «فرانكنشتاين الصغير» من إخراج ميل بروكس، محاكاة ساخرة لأفلام فرانكنشتاين سوف يخيل لك عندما ترى الفيلم أنه صور في عام 1930؛ بسبب الأبيض والأسود وطريقة الانتقال من لقطة لأخرى. وهناك تجربة المخرج الأمريكي وودي آلن مشوار في إحياء الأبيض والأسود بين عمالقة الإخراج في هوليوود عبر فيلمه «مانهاتن»، ليضفي مزيدًا من السوداوية على الفيلم الذي شارك آلن في كتابته وتمثيل دور البطولة فيه بجوار ممثلة الأوسكار ديان كيتون. كما لجأ المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي إلى الأبيض والأسود في فيلمه الشهير «الثور الهائج»، وبطولة النجم روبرت دي نيرو والفيلم مبني على سيرة الملاكم المعروف جيك لاموتا «الثور الهائج: حكايتي». ونال دي نيرو عن تجسيده لدور لاموتا أوسكار أفضل ممثل. وسار المخرج فرانسيس فورد كوبولا على الدرب نفسه في فيلم «رامبل فيش» من بطولة مات يلون وميكي روريك. وهناك فيلم «قائمة شندلر» إخراج ستيفن سبيلبرج بالاستناد إلى كتاب قائمة شندلر ويحكي الفيلم قصة أوسكار شندلر وهو صناعي ألماني مسيحي أنقذ 1100 يهودي بولندي من القتل في المحرقة "الهولوكوست" إبان الحرب العالمية الثانية. وقد صور الفيلم بالأبيض والأسود باستثناء مشهدين ظهر فيهما معطف أحمر وآخر ظهرت فيه شعلة الشموع بالألوان. وقد جسد الأدوار الرئيسية كل من ليام نيسون في دور أوسكار شندلر، بن كينجسلي في دور إتزاك شترن، ورالف فاينس في دور آمون جوث. حاز الفيلم على سبع جوائز أوسكار من أصل اثني عشر ترشيحًا، احتل المرتبة التاسعة ضمن قائمة المعهد السينمائي الأمريكي لأفضل مائة فيلم على مر العصور واحتل المرتبة السادسة لتقييم انترنت موفي داتابيز لأفضل 250 فيلما على مر التاريخ. وهناك فيلم «التاريخ الأمريكي إكس»، 1998 إخراج توني كاي وبطولة إدوارد نورتون، استخدم فيه الأبيض والأسود في «الفلاش باك» بداخلها. قصة الفيلم تتحدث عن شخص يدعى «ديريك» من جماعة «سكين هيد» قام بقتل 2 من الزنوج ودخل السجن من أجل ذلك. جماعات «السكين هيد» هم جماعة منتشرة في بعض ولايات أمريكا وتتمركز في روسياوألمانيا بشكل كبير ومن المعروف أن جماعة العرق الأبيض معادية لليهود والزنوج بشكل خاص كما أن كثيرا منهم يعتنقون الفكر النازي والشريحة العظمى منها تعيش على السرقة وتجارة المخدرات والدعارة. ومثلما حصد الفيلم هذا القدر من النجاح فإنه حقق أيضًا ما يعادله من ضجة، حيث إنه تناول موضوع العنصرية ضد السود في الوقت الحالي. فيلم «الألماني الطيب» للنجم جورج كلوني والاسترالية الجميلة كيت بلانشيت، يدور الفيلم حول صحفي أمريكي، يؤدي شخصيته كلوني، تدفع به الظروف للذهاب إلى ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. ويلجأ المخرج إلى تقنيات كلاسيكية في التصوير المبهر، وصفها النقاد بأنها استعادة حقيقية للنمط الهوليودي الذي ساد في الأربعينيات والخمسينيات الماضية. ويعيدك فيلم «الفنان» للمخرج الفرنسي ميشيل هازانافيسيوس إلى احاسيس إنسانية ذات مذاق ابداعى مختلف. لا تعتمد على ابهار القرن الواحد والعشرين من تكنيك وخدع بصرية ولكنها ترجع بك إلى العصر الذهبي للسينما الصامتة بمقدار بساطتها وأداء مبدعيها البدائى إلا أنها بها شيء مبهر سره هو الفنان نفسه لذلك لم يكن غريبا حصول الفيلم على العديد من الجوائز وعلى رأسها خمس من الأوسكار وثلاث من جوائز «جولدن جلوب» و جائزة افضل تمثيل من رابطة المخرجين الأمريكيين، وسبع جوائز في مهرجان «البانتا» السينمائي كأفضل فيلم وأفضل اخراج وسيناريو، رغم أن استقبال الجمهور للفيلم، لم يكن بمستوى الحفاوة التي لاقاها من عاشقى السينما. و فيلم «الفنان» للنجم الفرنسي جان دوجاردان أول ممثل فرنسي ينضم إلى نادي الفائزين الفرنسيين بجوائز تمثيل في حفل الاوسكار الذي كان يقتصر حتى الآن على النساء مع كلوديت كولبير وسيمون سينيوريه وماريون كوتيار وجولييت بينوش تلعب فيه الموسيقى دور الحوار، وتعود بالزمن إلى عام 1927، حيث الممثل والراقص الأكثر شهرة في هوليوود مستعرضا حياة النجم جورجي فالنتاين، نجم شباك في ذلك الوقت واستطاع المخرج جعل المشاهد يشعر أنه في تلك الفترة بالازياء والديكورات والكاميرات، والروح التي تجعلك تتقبل بسعادة واستمتاع بفيلم صامت بالأسود والأبيض. فى النهاية نحن أمام مقطوعة سينمائية تنحاز إلى عشق البحث عن رؤى إبداعية خارج إطار المألوف يقف أمامها عاشقو السينما مبهورين محققة رغبة الكثيرين في العودة إلى أفلام الأبيض والأسود.