هل يواجه العالم أزمة غذاء جديدة في 2013؟. مخاوف كثيرة تنتاب العديد من الدول ومنها الدول العربية التي تستورد بأكثر من 65 مليار دولار سنويا، في ظل الزيادة المطردة في أسعار المواد الغذائية، وقيام بعض الدول المصدرة بفرض حظر على صادراتها من الحبوب، وزيادة الرسوم الجمركية عليها، مما أثر على حجم المعرض عالميا، الذي يقابله معدلات طلب عالية، في الوقت الذي تتناقص فيه مساحات الأراضي المخصصة للمحاصيل الزراعية، التي تؤثر عليها أيضا سوء الظروف المناخية وموجات الجفاف القائمة والمتوقعة، في مقابل المساحات المستغلة في إنتاج الوقود الحيوي وهي عوامل تؤدي إلى زيادة شديدة في الأسعار، قد تتسبب في أزمة غذائية عالمية، مثل التي حدثت في عام 2008 أو أسوأ، الأمر الذي حدا بمنظمة "الفاو" من التحذير المبكر من ذلك، والضغط على الولاياتالمتحدةالأمريكية، لتغيير سياستها الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي، وهي تمثل أكبر منتج عالمي للقمح وتعرضها لأكبر موجة جفاف في الموسم الحالي والتي تعد الأسوأ من نصف قرن، وقد صاحب ذلك تقلص ناتج المحاصيل الزراعية في منطقة البحر الأسود وتلويح روسيا بفرض حظر على تصدير الحبوب بعد تسرب توقعات عن ارتفاع فواتير الغذاء في النصف الأول من 2013، بعد أن زادت أسعار المواد الغذائية بنسبة 6% في النصف الأول من 2012، وإن كان صندوق النقد الدولي لا يرى حتى الآن مؤشرات لحدوث أزمة على نطاق واسع في أسعار الغذاء،ولكن ذلك لم يمنع المخاوف التي تنتاب بعض الدول العربية التي تعتمد في نسبة كبيرة من غذائها على الاستيراد من الخارج، بعد أن بلغ العجز في الميزان التجاري للزراعة العربية نحو 46 مليار دولار سنويا، وبلغ العجز في السلع الغذائية أكثر من 35مليار دولار سنويا، وتتفاقم الأزمة خاصة في دول الربيع العربي التي تشهد ثورات واضطرابات مازالت قائمة، أثرت يشكل واضح على احتياطياتها من المواد الغذائية ومن العملات الأجنبية التي يمكن توجيهها لتغطية هذه الاحتياجات على المدى القصير والبعيد، ولاسيَّما أن دولة مثل مصر تخصص جزءا كبيرا من موازنتها المالية لدعم المواد الغذائية، وأصبحت محاصرة بين نقص الموارد ومطالب صندوق النقد الدولي بتقليص الدعم، والمطالب الشعبية بخفض الأسعار وتوفير الغذاء، والأمر الأشد خطورة هو التخوف من استمرار حالة عدم الاستقرار، وتكشفت أزمة الغذاء العالمي عن ضرورة وأهمية "تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للدول النامية ومنها مصر، قد تجاهلوا الاستثمار في مجال الزراعة بسبب انخفاض أسعار الغذاء العالمية خلال الأعوام ال25 الماضية، لكنه مع استمرار انخفاض خصوبة الأراضي، والتغيرات المناخية، وشح المياه اللازمة للزراعة انخفضت منتجات المحاصيل الزراعية بشكل مستمر على مستوى العالم، في الوقت الذي ارتفعت فيه الواردات الزراعية في الدول النامية وزاد الطلب في ظل زيادة عدد السكان ما أدى إلى فقد "السيادة الغذائية" على نحو مستمر. ولاسيَّما أن القطاع الزراعي في دولة مثل مصر يعد من القطاعات الرئيسية في الاقتصاد باعتباره قطاعاً مسؤولاً عن تحقيق الأمن الغذائي، ومصدراً رئيسياً لتوفير مدخلات القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى . ويزداد الأمر صعوبة وتعقيدا للأزمة الغذائية بعد الربيع العربي في مصر، تبعاً لمعدلات نمو الإنتاج والطلب الاستهلاكي على المنتجات الغذائية، مع تنامي الاعتماد على المصادر الخارجية لإطعام المواطنين، وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي كما أن الأمر في تونس ليس أحسن حالا من مصر، وكذلك اليمن وسوريا التي تعيش مرحلة مخاض لا يمكن التنبؤ بدقة عن آثارها المستقبلية، التي تتأثر أيضا بتداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع الزراعي، مما يهدد عمليات التنمية الزراعية في مصر وهذه الدول، وتزداد معها وتيرة المخاوف من احتمال تسجيل مستويات قياسية جديدة لأسعار عدد من السلع الغذائية، تعيد سيناريو أزمة الغذاء التي وقعت عام 2008، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار تأثيرات ظاهرة النينيو من المرجح أن تستمر حتى الشتاء المقبل، مما يؤكد المخاوف حيال الإمدادات الغذائية العالمية. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية