النظام الذي يسمح بإهانة قضائه، ويسعي إلي تركيعه بهدف السيطرة عليه، هو نظام فاشل، ويستحق المقاومة، لأن هدم القضاء وهو الحصن الحصين للحقوق والحريات هو هدم للدولة، وقوة القضاء في كل مكان هي قوة للدولة، فالدولة بدون قضاء مستقل، هي غابة يرتع فيها الوحوش، وفي الغابة البقاء للأقوي. وإذا كنا فعلاً دولة قانون، وليس دولة يسيطر عليها نظام مستبد، فلا بد من رفع الدولة يدها عن القضاء، وتحافظ علي استقلاله وكرامة شيوخه. إن الاعتداء الهمجي علي المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، هو وصمة عار،، لا تحدث في دولة محترمة، ورسالة سياسية تم توصيلها الي رمز القضاء المصري عن طريق بلطجية لاثنائه عن موقفه الصلب في الدفاع عن استقلال القضاء. ان جريمة الزند في نظر هؤلاء هي أن صاحي، وكشف مبكرا من يريد لمصر السقوط في الفوضي، واغتال دولة القانون بإعلان دستوري مشبوه ثم دستور لقيط مسلوق، فقرر الزند التصدي لهذا الخطر الذي يؤسس لدولة الفقيه القائمة علي السمع والطاعة. إن استنكار هذه الجريمة التي ارتكبها بلطجية ليس من أجل الدفاع عن قاض انتخبه جموع القضاة رئيساً لناديهم، ولكنه دفاع عن هيبة القضاء المصري وشموخه، واستقلاله، فالاعتداء علي الزند هو اعتداء علي القضاء المصري بالكامل، وأن المطاوي التي رفعها الجناة المأجورون من جماعة مشبوهة لم تشهر في وجه الزند وانما حاولوا غرسها في قلب القانون ليسود «حكم البلطجة». أين المستشار أحمد مكي وزير العدل أحد رموز استقلال القضاء في الماضي، انه لعار أن يستمر في منصبه، ويجلس في مقاعد المتفرجين علي ذبح القضاء بسكاكين النظام. ان جانبا من حل الأزمة في يد وزير العدل، وان لم يستطع فعليه بالاستقالة من منصبه والتطوع في خدمة مهنة الأنبياء وهي اقامة العدل وان لم يستطع فله ما اختار. وأرجو أن تكون الرسالة وصلت المستشار طلعت ابراهيم النائب العام الذي أعلن استقالته وتراجع عنها، مما ألهب غضب أعضاء النيابة وأعلنوا عدم التعاون معه، ان الخلاف بين أعضاء النيابة والنائب العام الملاكي المعين بقرار رئاسي. ليس خلافا شخصيا هو خلاف موضوعي، مهني، هم رفضوه لأنه جاء بالمخالفة للقانون وهو استقال احتراماً للقانون، ثم تراجع عن الاستقالة بعد تحريض الجماعة له. التاريخ مازال فاتحا ذراعيه للمستشار طلعت ابراهيم إما أن يستقيل ويمنح درجة جديدة لاستقلال القضاء، وإما أن يستمر لارضاء الجماعة ويسجل صفرا لمنصب النائب العام الذي اهتز من تحت قدميه، وبسببه. إن النائب العام فشل في دخول مكتبه بدار القضاء العالي وأدار أعماله من التجمع الخامس فماذا ينتظر بعد ذلك. القضاء المصري سيظل شامخاً ولن تستطيع قوة علي وجه الأرض تركيعه وستفشل جميع محاولات تكميم الأفواه أو فرض العدالة الموجهة.