أكد الدكتور مصطفى مسعد، وزير التعليم العالي أنَّ المجتمعاتِ العربيةَ أصبحتْ بيئةً طاردةً للكفاءاتِ العلمية، حتى إِنَّ نَحْوَ 54% من الطلابِ العربِ الذينَ يُسافرونَ للدراسةِ بالخارج، لا يعودونَ إلى بلادِهِم. كما تُشير التقديراتُ إلى وجودِ نَحْوِ مئات الألوف من العلماء والباحثين والخبراء العرب، يعيشونَ خارجَ بلادِهم، وتستفيدُ منهم البلادُ التي يعيشونَ فيها، بِما يُعادِلُ تقريبًا قيمةَ ما تُنتِجُهُ بِلادُنا من النِّفْطِ والغاز. جاء ذلك في افتتاح المؤتمر الذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع جمعية التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم العربي"SASTA" تحت عنوان "مؤتمر العلماء العرب المغتربين". واوضح الوزير أن هِجْرَةُ العقولِ والكفاءاتِ العلمية تمثل واحدًا من أكبرِ التحدياتِ التي تُواجِهُ بلدانَ الوطنِ العربيّ، في عالمٍ يقومُ بالأساسِ على العِلْمِ وتطبيقاتِه، وتَتميزُ الدولُ المتقدمةُ فيهِ على غَيرِها، بما تَمْلِكُهُ مِنْ ثروةٍ معرفية وتكنولوجية تعتمد بالأساس على ثروة بشريةٍ مُؤَهَّلَةٍ للتعامُلِ مع التطوراتِ العلميةِ والتقنيةِ المُتلاحِقة، ونخبة من العلماء والباحثين وكثير منهم من أبناء هذا الوطن العربي تعكف على تحصيل وتطوير وإنتاج المعرفة وتحويلها إلى ابتكارات ذات قيمة اقتصادية عالية تساهم في دفع عجلة اقتصاد المعرفة بقوة كل يوم. وأضاف مسعدأَنَّ الدولَ العربيةً جميعًا تَشْتَرِكُ في هذهِ الأزمة، حيثُ تَجْنَحُ نِسبةُ كبيرةٌ من الكفاءاتِ العلميةِ والعقولِ المبدعةِ فيها إلى الهجرةِ للخارج، لِيُصْبِحُوا في سَنَواتٍ قليلة، عناصرَ فاعلةً في منظوماتِ العلومِ والتكنولوجيا في البلادِ التي هاجروا إليها، بينما تُعاني بِلادُهُم مِنْ فَقرٍ شديد، وحاجةٍ مَاسَّةٍ إلى جُهُودِهِمْ وَمُساهَمَاتِهِم. وأشار إلى أن الأمرَ يلزمنا جميعًا أن نقف معَ النفسِ وقفةً صادقة، نعترفُ فيها بوجودِ أزمةٍ حقيقية، تَتَمَثَّلُ في هذا النزيفٍ حادٍّ في الخبراتِ والكفاءاتِ العربية، يَعُوقُ جُهودَ بلادِنا نحوَ تحقيقِ تقدمٍ علميٍّ وتكنولوجيٍّ حقيقيّ. وأضاف أن علاجَ الأزمةِ يتطلبُ بْذُلَ جُهودًا جَبَّارةً على مُسْتَوَيَين الاول تَطويرُ مَنظوماتِ العلومِ والتكنولوجيا العربية، بما يَجْعَلُها حاضنةً للإبداعِ وجاذبةً للكفاءات، من خلالِ عددٍ من الضماناتِ والمميزاتِ المعنويةِ والماديةِ لأبنائِنا من شبابِ الباحثينَ والعلماء، والثاني فتح المجالَ أمام الباحثين لوضعِ قُدراتِهم ومواهبِهِمْ في خِدمةِ أوطانِهم. فتحُ قنواتٍ حقيقيةٍ للتواصلِ مع أبناءِ العالمِ العربيِّ من الأساتذةِ والعلماءِ المقيمينَ بالخارج، بما يَكْفُلُ تحقيقَ استفادةٍ حقيقيةٍ من خبراتِهِم، ولا سيما في ظِلِّ ما يُبْدُونَهُ دائمًا من رغبةٍ صادقةٍ في تطويرِ بلادِهِم، وحرصٍ على المساهمةِ في خدمتِها. وأشار إلى ضرورة وضعُ آلياتٍ فعالةٍ ودائمةٍ لدعمِ المعارفِ والخبراتِ والشبكاتِ والمواردِ الخاصةِ بالعلماءِ العربِ في الخارج، مِنْ أَجْلِ بناءِ القدراتِ وتَقَدُّمِ العلومِ والتكنولوجيا والتنميةِ الاقتصاديةِ في بلادِنا.