حققت نتائج المرحلة الأولى للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، مفاجأة كبيرة في ظل ما يمكن تسميته مؤامرة شاركت فيها قوى المعارضة والقضاة، سواء الذين أشرفوا على الاستفتاء أم رفضوا الإشراف، فضلا عن وسائل الإعلام، والذين سعوا إلى أن تخرج نتيجة هذه المرحلة برفض كبير لمشروع الدستور، للتأثير على الناخبين في المرحلة الثانية وكذلك لاستخدامها إعلاميا وسياسيا من أجل التأكيد على أن الشعب المصري يقف إلى جوار المعارضة، ممثلة في جبهة الإنقاذ، التي رفضت الدستور منذ البداية. لقد تابعنا جميعا الحملة السياسية الشرسة التي شنتها قوى المعارضة ضد مشروع الدستور خلال الأسابيع الماضية، والتي وصلت إلى درجة حشد المتظاهرين وارتكاب أعمال العنف من أجل تأجيل عملية الاستفتاء على الدستور، وذلك في ظل مساندة إعلامية تحاول شيطنة رئيس الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمين الذين يرفضون الاستماع لتلك الحشود التي تعبر عن الرأي العام المصري، كما يدعون. وتزامن مع ذلك رفض الجزء الأكبر من القضاة الإشراف على الاستفتاء من أجل الضغط على الرئيس للتراجع عنه، على اعتبار أن الإعلان الدستوري يفرض على الحكومة ضرورة الإشراف القضائي الكامل على أية عملية انتخابية. وحتى القضاة الذين وافقوا على عملية الإشراف، فقد سعى بعضهم إلى التأثير على النتيجة من خلال عدة خطوات أبرزها: قيام اللجنة العليا للانتخابات باختيار المحافظات التي تتمتع بثقل من المسيحيين والفلول الذين يرفضون مشروع الدستور، في المرحلة الأولى للاستفتاء، لتأتي النتيجة برفض هذا الدستور. وكذلك العمل على تغيير شكل ورقة الاستفتاء سواء من حيث الألوان أو الدوائر المخصصة للتعبير عن القبول أو الرفض. إضافة إلى قيام بعض القضاة بتعمد فتح باب اللجان في توقيت متأخر عن الوقت المحدد، وغلقها بشكل مبكر، رغم إعلان اللجنة العليا للانتخابات مد أجل التصويت حتى الساعة الحادية عشرة مساءً. كما سعى بعض القضاة إلى توجيه الناخبين للتصويت برفض الدستور وفقا للمحاضر التي تم تحريرها ضدهم. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد سعت القوى المعارضة بالتنسيق مع وسائل الإعلام، على بث بيانات كاذبة للتشويش على عملية الاستفتاء، منها الادعاء أن هناك عددا كبيرا من القضاة الذين وافقوا على الإشراف، قد انسحبوا في اللحظات الأخيرة، وأن اللجنة العليا للانتخابات أوفدت بدلا منهم أساتذة من الجامعات وتحديدا من جامعة أسيوط. وكذلك بث إشاعات عن عمليات تزوير ممنهجة تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين بعد أن لاحظت توجه الجزء الأكبر للناخبين للتصويت برفض الدستور. لكن رغم كل ذلك، وقعت المفاجأة وجاءت نتيجة التصويت بقبول الدستور بنسبة 57%، وذلك لعدة أسباب يأتي في مقدمتها تغير توجهات التصويت في بعض المحافظات التي كانت تصوت ضد خيارات التيار الإسلامي بشكل عام، مثل محافظة الشرقية التي صوتت بنسبة 65% لصالح الموافقة على الدستور، وكذلك محافظتا الدقهلية والإسكندرية حيث جاءت الموافقة بنسبة 55%. في ظل نتائج المرحلة الأولى، من المتوقع أن تكون النتيجة النهائية هي الموافقة على الدستور بنسبة قد تصل إلى %80، على اعتبار أن محافظات المرحلة الثانية للاستفتاء هي التي صوتت لصالح الرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية بنسب عالية، مثل محافظات بني سويف والمنيا والفيوم والأقصر وقنا والجيزة وكفر الشيخ ودمياط والإسماعيلية والسويس ومرسى مطروح. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية