وجّه 14 حزبًا سياسيًّا جزائريًّا من مختلف التيارات السياسية رسالة شديدة اللهجة للسلطات الفرنسية والجزائرية على حد السواء قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر يومي 19 و20 ديسمبر الجاري. وفي بيان أصدرته اليوم، رأت هذه الأحزاب أن زيارة هولاند "تحمل رسائل ودلالات تصب في مجملها في اتجاه المزيد من اختلال موازين العلاقات بين البلدين في جميع المجالات". ومن بين الأسباب التي دفعت الأحزاب السياسية لإصدار هذا البيان الإعلامي المشترك ما أسموه "الدور الفرنسي المفضوح شمال مالي وآثاره المدمرة على الجزائر"، وأشاروا إلى أن إصرار فرنسا على التدخل العسكري في شمال مالي الهدف منه "أفغنة وصوملة منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى"، واعتبروا ذلك معناه أن فرنسا "لم تتخل عن حلمها بفصل الصحراء الجزائرية عن شمال الوطن والاستيلاء على الثروات الوطنية للجزائر". وطالبت الأحزاب من هولاند في هذا الشأن "وقف فرنسا لابتزازها على حدودنا الجنوبية ومساعدة منطقة الساحل على تجاوز أزمتها عبر الحوار السياسي بين الفرقاء وليس عبر التدخل العسكري الذي يُفضي إلى المزيد من تأزيم المنطقة برمتها". وجاء في البيان ّأن على السلطات العليا في الجزائر أن تستغل زيارة هولاند لتربط أي تطوير محتمل في العلاقات بين البلدين "بمدى تجاوب فرنسا مع الحل السياسي في شمال مالي والابتعاد عن التأزيم العسكري". وأعلن رؤساء 14 حزبًا جزائريًّا رفضهم أن يكون ضمن الوفد المرافق للرئيس الفرنسي خلال زيارته المرتقبة للجزائر يومي 19 و20 ديسمبر/كانون أول أي "عملاء جزائريين استعملهم الجيش الفرنسي كمقاتلين وجواسيس خلال حرب الجزائر". وقال البيان الأحزاب الجزائرية ترى "أن زيارة هولاند سوف لن يكون لها معنى إذا لم يقم الرئيس الفرنسي بتقديم اعتذار رسمي عن جرائم بلاده خلال فترة استعمار الجزائر بين عام 1830 و1962"، وأضاف البيان أن أي مسعى لتطبيع العلاقات بين البلدين "يمر حتمًا عبر بوابة الاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائم فرنسا ضد الإنسانية بالجزائر". وأكد الموقعون في خطاب موجه لهولاند "أن جرائم بلدكم في الجزائر لن يطالها النسيان ولا التقادم ولا يمكن القفز عليها"، وذلك في رد على ما صرّح بهم مسؤول حقوقي جزائري الإثنين الماضي حين أكد أن "مطالبة فرنسا بتعويض ضحايا جرائمها الاستعمارية لا جدوى منه لأنها سقطت بالتقادم بحسب القانون الدولي". وقال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وهي هيئة استشارية تابعة للرئاسة الجزائرية: "إن مطالبة فرنسا بتعويض ضحاياها الجزائريين إبان الفترة الاستعمارية هو أمر لا طائل منه لسقوط القضايا المرفوعة في هذا الاتجاه بحكم التقادم وهو أمر يدعمه القانون الدولي". ومن جهة أخرى، حذّرت الأحزاب، في بيانها، السلطات الجزائرية من التجاوب مع المطلب الفرنسي في قضية تعويض الأقدام السوداء والمعمرين عما يسمونه ممتلكاتهم في الجزائر، واعتبرا أن هذا الملف "خط أحمر لا يمكن تجاوزه من أي كان ومهما كانت الظروف". وفي الجانب الاقتصادي، دعا البيان السلطات الجزائرية إلى وقف مسلسل تفضيل الشركات والمتعاملين الاقتصاديين "بعيدًا عن مقاييس الشراكة والشروط الخاصة بموضع الاستثمار الأجنبي في الجزائر". والتشكيلات السياسية التي وقعت على هذا البيان هي: حركة مجتمع السلم حركة النهضة جبهة الجزائرالجديدة حزب العدل والبيان الجبهة الوطنية للأصالة والحريات جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة التجمع الوطني الجمهوري حركة الوطنيين الاحرار الشبيبة الجزائرية للدفاع عن الذاكرة الحزب الجزائري الأخضر للتنمية المنظمة الوطنية لتواصل الأجيال حزب الفجر الجديد الجبهة الوطنية الجزائرية حركة الإصلاح الوطني. ويزور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الجزائر في 19 و20 ديسمبر الجاري بهدف بعث العلاقات بين البلدين والتي عرفت توترًا في عهد سلفه ساركوزي.