تساءلت مجلة "تايم" الأمريكية عما إذا كان الإعلان الدستورى الجديد الذى أصدره الرئيس محمد مرسى أمس سيهدئ من حالة الاحتقان فى مصر. وقالت المجلة إنه فى وقت متأخر ليلة السبت، حاول الرئيس "مرسي" احتواء أكبر انتفاضة مستمرة منذ انطلاق الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق "حسني مبارك"، عندما صدق على ما توصلت إليه لجنة الحوار الوطنى التى ضمت عددًا من الرموز الحزبية والوطنية من توصيات، تمت صياغتها فى إعلان دستورى. وقالت المجلة إن الآلاف من المتظاهرين ضد "مرسي" احتشدوا فى ميدان التحرير والشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي طوال الأيام الماضية مطالبين بثلاثة مطالب رئيسية، وهى إلغاء الإعلان الدستورى الصادر فى 22 نوفمبر الماضى ومنح به "مرسي" نفسه سلطات واسعة جديدة، وتأخير الاستفتاء على الدستور الجديد المثير للجدل المقرر فى15 ديسمبر الجارى، والمطلب الثالث الذى يصر عليه بعض وليس كل المتظاهرين هو نفس الشعار الذى تم رفعه فى الثورة التي أطاحت بمبارك "ارحل". ليس كافيا ورأت المجلة أن التطور الذى حدث مساء السبت يلغى بالفعل الإعلان الدستورى الذى أثار الجدل، ويحل محله إعلانًا دستوريًا آخر ليس عليه خلاف، ومع ذلك، فإن الدستور المقترح لا يزال على الطريق الصحيح للاستفتاء العام يوم 15 ديسمبر، ولكن مازال السؤال المطروح "هل سيكون هذا كافيًا لإرضاء المحتجين خارج القصر أو تحالف المعارضة الكبير الذي شكل في الأسابيع الثلاثة الماضية؟ وأشارت المجلة إلى أن "مرسى" يكون بذلك قد قدم تنازلاً، بعد أن كان مصرًا على تحصين الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور بعيدًا عن سلطة القضاء، حيث يعتقد "مرسي" وجماعة الإخوان المسلمين أن المحكمة الدستورية العليا في مصر تتربص بهم وتسعى لحل الجمعية، وهو ما جعل الجمعية تسرع بالانتهاء من صياغة الدستور وتقديمه للرئيس للاستفتاء عليه. وقالت المجلة إنه فى غياب "جبهة الإنقاذ الوطني" بقيادة "محمد البرادعي" وعمرو موسى وحمدين صباحي ورفضهم بثبات تلبية الدعوة للحوار مع "مرسي" ورفضهم أيضًا ما تم التوصل إليه أمس يثير العديد من التساؤلات، ورغم حضور عدد كبير من السياسيين لجلسة الحوار الوطنى امس، مثل "محمد سليم العوا" الباحث الإسلامي وآخرين، إلا أن البعض ينظر إلى من حضر بأنهم شخصيات هامشية وليست مؤثرة . اصرار المعارضة وفى ظل إصرار "البرادعي" والآخرين على معارضة الدستور والطريقة التي صيغ بها، يبدو من غير المحتمل أن يؤدى التطور الأخير إلى إصلاح المشهد السياسي في مصر. وعلى الرغم من الإصرار على إجراء الاستفتاء في الموعد المحدد، اضطرت الحكومة إلى تغيير خططها جزئيًا، حيث تم تعديل موعد التصويت للمصريين فى الخارج من يوم 8 ديسمبر الى 12 دسمبر، وفسر هذا التأخير فى بادئ الأمر على أنه خطوة نحو تأجيل ممكن للاستفتاء بشكل عام . تمرير الدستور وأوضحت المجلة أنه إلى الآن لا يمكن تصور كيفية إجراء الاستفتاء فى الخارج بعد ان وقع ما يقرب من 200 من الدبلوماسيين المصريين على بيان لرفض الإشراف على الاستفتاء، ولكن نظريا وعمليا سيتمكن "مرسى"، من الاعداد للاستفتاء وتعبئة القاعدة الشعبية الكبيرة والقدرة التنظيمية لجماعة الاخوان المسلمين، مهما كانت المظاهرات والاحتجاجات، خصوصا أن المعارضة، ليست واثقة من قدرتها على الفوز في صناديق الاقتراع. ولكن حتى لو نجح الإخوان فى تمرير الدستور، فإن حالة عدم الثقة والجدل ستطارد الإخوان في الانتخابات البرلمانية التى سيتم اجراؤها بعد اقرار الدستور الجديد، واذا كان "مرسي" قد عاد لقاعدته وحلفائه الإسلاميين في هذا الوقت من الأزمة، الا انه سيخسر بعض الناخبين الذين ايدوه فى الانتخابات الرئاسية، حيث إن العديد من هؤلاء الذين يحتجون ضد "مرسي" حاليًا ويطالبون بسقوطه، صوتوا له خلال الصيف، باعتباره أهون الشرين بالمقارنة مع المرشح "أحمد شفيق" المنتمى لنظام "مبارك". وشهد يومى الجمعة والسبت مسيرات متعددة بدءا من نقاط مختلفة في جميع أنحاء القاهرة وتتلاقى عند القصر الرئاسي في حي مصر الجديدة ، وفي الوقت نفسه تحافظ مجموعة ثانية من المتظاهرين على تواصل اعتصام طويل الأجل في ميدان التحرير. الجيش حسم الموقف ورأت المجلة أن الجيش حسم الموقف ببيانه المحايد الذى حث فيه الجانبين على مواصلة الحوار، لكنه إلمح إلى أمكانية التدخل فى حالة الخروج عن المسار الديمقراطى والشرعية، وهو ما يعنى انه سيدافع عن الشرعية المنتخبة . "وقال البيان إن القوات المسلحة تراقب بحزن وقلق التطورات الراهنة في البلاد، وتؤكد أن الحوار هو الحل الأمثل والوحيد للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأي شيء آخر غيره سيؤدي بنا إلى نفق مظلم وعواقب وخيمة، ونحن لن نسمح بحدوثه". واشارت المجلة إلى أن ذلك يرد على دعوة "البرادعى" بتدخل الجيش. واشارت المجلة إلى أن الأحداث فى مصر تتسارع بشكل كبير، حيث نقل عن الداعية السلفي "حازم أبو إسماعيل" انه حشد انصاره للذهاب وتفريق الاعتصام خارج القصر الرئاسى، ووصف "خيرت الشاطر" نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين بعض المحتجين امس بأنهم مخربون ويسعىون إلى عرقلة عملية الديمقراطية فى مصر، ولن يتم السماح لهم بسرقة الثورة مرة أخرى"، وقال "الشاطر" خلال مؤتمر صحفي عقده تحالف القوى الإسلامية: "هناك من يريد أن يفسد التجربة الديمقراطية في مصر".