انقسم الشعب المصري إلي ثلاث فئات: مؤيدين لقرارات الرئيس ومعارضين واغلبية صامته لم تتحرك حتي الان هذه الأغلبية وهي أقوي التيارات ولكن لا يسمع صوتها إلا في صندوق الانتخابات. هذه الأغلبية التي تمثل السواد الأعظم من الشعب المصري , لا ترتاد الميادين ولا الفضائيات ولكنها تعبر عن رأيها في صمت ودون إزعاج, هذه الأغلبية الصامتة تسعي طوال الوقت للبحث عن لقمة العيش وليس عندها وقت لغير ذلك, انها تري الفضائيات وتسمع كل الرؤي ولكنها لا تغير قناعتها بما تؤيده, ولعل تلك الأغلبية هي التي كذبت كل استطلاعات الرأي تقريبا خلال فترات الدعاية الرسمية وغير الرسمية للانتخابات الرئاسية, واحرجت كل قياسات الرأي التي رشحت أسماء للمنافسة علي كرسي الرئاسة ولكن جاءت النتيجة كما أرادتها الأغلبية الصامتة أو حزب الكنبة كما يفضل البعض توصيفها. هذه الأغلبية جاءت بوجه جديد من الصف الثالث لم يكن من بين المتقدمين في الصف الأول, وبناء عليه اري ان نتيجة الاستفتاء قد حسمت من الآن لصالح تأييد الدستور وذلك رغم انف الجميع, وعلي ذلك تعول جماعة الإخوان علي هذه الأغلبية الصامتة, التي لم تعرف سوي من يواسيها ويدعمها سواء دعما معنويا أو عينيا أو ماديا. وإذا كانت الحاجة ام الاختراع فإن الحاجة أيضا أم الذهاب إلي صناديق الانتخابات, هؤلاء الصامتون لم يتقابلوا في قراهم ونجوعهم ومدنهم ومراكزهم وعزبهم, بأي ممن يرونهم علي الفضائيات أو حتي ممثلين لهم, ولكنهم يتقابلون مع ممثلين للإخوان وحزب الحرية والعدالة في أي وقت دون بحث أو استقصاء أو واسطة. يلبون طلباتهم بشكل منظم وذكي. هذا هو سلاح الإخوان التواجد بقوة علي أرض الواقع. أخلص من هذا الي ان الائتلافات والأحزاب السياسية خصوصا القديمة والحركات السياسية ليس لها وجود فعلي علي الأرض, وعلي هذا نجد أن أي انتحابات حرة ونزيهة تأتي في صالح الإخوان, ونجد ان حيل التزوير في النظام السابق كانت تعد خصيصا لمنع الإخوان من الحصول علي الأغلبية ومن هنا نري ان علي الأحزاب السياسية والائتلافات والحركات ان تترك الفضائيات وتذهب إلي هناك إلي النجوع والكفور والقري حيث يقطن الملايين المحتاجون إلي من يسمعهم ويحل أوجاعهم. أري في الافق أن التصميم علي الاعلان الدستوري وطرح الدستور الجديد علي الاستفتاء لا يرضي قطاعا عريضا من القوي السياسية, وأن المشهد أمامي يقول ان كل طرف متمسك بموقفه وأن المسار انحرف الي قضية عناد في المقام الأول, ونحن الآن في انتظار الكبير الذي يتحمل ويصبر علي غيره, في انتظار من هو أشد حبا لمصر , لا نريد ان يشمت فينا أحد, كل شيء قابل للحل, وكل شيء قابل, للتفاوض طالما حسنت النوايا, وتبرأ الجميع من النزعة الحزبية والشخصية, أعلم ان هناك قوي لا تحب ان يستمر الرئيس الحالي علي كرسي الرئاسة, ولا تحب ان تري الإخوان إلا في السجون, وتكره كل ما يصدر عن مؤسسة الرئاسة, وان أي جهد يبذل من الحكومة غير مقبول , وأي قرار رئاسي مطعون فيه, إذن نحن في مأزق حقيقي, لا مفر منه إلا إليه, ولا بد من الحل. ما صدر عن الرئيس في حديثه امام التلفزيون, من جاهزيته للموافقة علي الدستور خلال ساعات وفي ذات اللحظات التي كانت اللجنة التأسيسية, تسرع الخطي في إنهاء التصويت علي الدستور, إذن الرئيس تسبب في إشعال الموقف, واعد الدستور للتصويت ليضيف مشكلة ثانية الي جانب المشكلة الأولي وهي الإعلان الدستوري, بدلا من الحل جاء بمشكلة أخري, شخصيا اعتبر ان ما حدث للدستور يعد سلقا, رغم موافقتي علي اكثر من 75% من البنود. لابد من ان يأتي الحل من داخل مؤسسة الرئاسة. لأن المشكلة صنعت بداخلها , واعتقد ان امام الرئيس خيارين الأول ان يعدل الاعلان الدستوري وفقا لمطالب القوي السياسية والثاني ان يطرح الدستور للاستفتاء وفي حالة الموافقة يلغي الاعلان الدستوري, وما وعد به الرئيس من نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الي مجلس الشوري بعد الموافقة علي الدستور. أيها الرئيس أنا شخصيا موافق علي معظم ما ورد في الإعلان الدستوري الأخير, ولكن هذا الاعلان ليس قرآنا, أو حديثا شريفا, انه فعل بشري قابل للصواب والخطأ.