العبرة من قصص الصحابة من اسباب زيادة الايمان والثبات على الحق و كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دائم السؤال عن أويس القرني -رضي الله عنه- عند ورود أفواج اليمن، وذلك لما سمعه عن النبيّ الكريم -عليه الصلاة والسلام- عنه، فقد جاء في نص الحديث الشريف أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أوصى عمرًا بأنّه إذا التقى أويس بن عامرٍ أن يطلب منه أن يستغفر له، لأنّ دعاء أويس بن عامرٍ كان مستجابًا ولما له من مكانةٍ عظيمة عند الله تعالى، ولهذا ظلّ عمر بن الخطاب يسأل عنه حتى التقاه وقد كان أويس القرني متوجهًا إلى الكوفة وطلب منه أن يستفغر الله له ففعل، فقال له عمر -وقد كان أمير المؤمنين حينها- ألّا أكتب لك لوالي الكوفة أزكيك عنده، فرفض أويس وذلك لما كان فيه من التواضع والزهد وانطلق بعدها إلى مقصده. ثمّ أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لم يترك أحدًا من الكوفة إلّا وسأله عن أويس وطلب منه أن يطلب من أويس أن يستغفر له، وقد جاء بيان قصة أويس القرني مع عمر بن الخطاب في نص الحديث الشريف: "كانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إذَا أَتَى عليه أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ، سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ؟ حتَّى أَتَى علَى أُوَيْسٍ فَقالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: مِن مُرَادٍ ثُمَّ مِن قَرَنٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَكانَ بكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ منه إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: لكَ وَالِدَةٌ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: يَأْتي علَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مع أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِن مُرَادٍ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ، كانَ به بَرَصٌ فَبَرَأَ منه إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، له وَالِدَةٌ هو بهَا بَرٌّ، لو أَقْسَمَ علَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لكَ فَافْعَلْ فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ له. فَقالَ له عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: الكُوفَةَ، قالَ: أَلَا أَكْتُبُ لكَ إلى عَامِلِهَا؟ قالَ: أَكُونُ في غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيَّ. قالَ: فَلَمَّا كانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِن أَشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عن أُوَيْسٍ، قالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ البَيْتِ، قَلِيلَ المَتَاعِ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: يَأْتي علَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مع أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ مِن مُرَادٍ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ، كانَ به بَرَصٌ فَبَرَأَ منه، إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ له وَالِدَةٌ هو بهَا بَرٌّ، لو أَقْسَمَ علَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لكَ فَافْعَلْ فأتَى أُوَيْسًا فَقالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، قالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، قالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ له، فَفَطِنَ له النَّاسُ، فَانْطَلَقَ علَى وَجْهِهِ. قالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، فَكانَ كُلَّما رَآهُ إنْسَانٌ قالَ: مِن أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هذِه البُرْدَةُ."[5] كثيرةٌ هي العبر التي تخلص إليها قصة أويس القرني مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وأهمها أنّ مكانة المرء عند الله لا تكون بالمناصب والحسب والنسب بل هي بطاعة الله وخشيته وبرّ الوالدين والتواضع والزهد، غير أنّ أمير المؤمنين المبشر بالجنة كان شديد الحرص على أن يطلب الاستغفار من أويس القرني -رضي الله عنه- وهذا دليلٌ على استحباب طلب الاستغفار والدعاء من أهل الصلاح والتقوى، والله -تعالى- أعلم.