من المؤكد ان الورقة المطبوعة التى تم بها تدوين بنود هدنة وقف اطلاق النيران بين حركة حماس واسرائيل، والتى شملت قيام إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص ، وقيام الفصائل الفلسطينية بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود، وفتح المعابر وتسهيل حركة الاشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية والتعامل مع اجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ ، من المؤكد انها ليست كل ما تم الاتفاق عليه خلال المفاوضات التى استغرقت قرابة اسبوع بين اسرائيل وحماس ومصر . ويؤكد هذا ما شددت عليه اسرائيل من ان مصر هى الضامن لتنفيذ حركة حماس بنود الاتفاق، وكلمة الضامن، تعنى تحتها عدة مطالب سبق ان سربتها وسائل الاعلام الاسرائيلية نفسها ، وهى تعنى قيام مصر بعدد التزامات منها ضمان امن اسرائيل، ضمان عدم حدوث عمليات انتحارية من قبل حماس ضد اسرائيل، ضمان عدم تهريب الاسلحة الى حركة حماس ، معاودة عمليات هدم الانفاق او اغلاق الانفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية، والتى يتم خلالها تهريب الاسلحة وغير الاسلحة الى حركة حماس، ولكن يبقى السؤال: اذا لم تتمكن مصر من تنفيذ هذه الالتزمات التى طالبت بها اسرائيل مصر قبل الاتفاق على هدنة وقف اطلاق النيران- والتى من المؤكد ايضا ان مصر قبلت بها، والا لما تم الاتفاق اصلا - فماذا ستفعل مصر وما هو موقفها لو خرقت حماس الاتفاق ، او حتى بدت مناوشات واستفزازات اسرائيلية ضد حماس ، مما يؤدي الى تحرك الاخيرة مجددا، وماذا اذا انطلقت صواريخ مجهولة المصدر من غزة واعلنت حماس عدم مسئوليتها عنها ، نظرا لوجود فصائل جهادية وسلفية وغيرها يمكن ان تمتلك هذه الصواريخ، هل ستبقى مصر فى المواجهة مع اسرائيل ، وماذا سيكون ثمن الضمان الذى لم توف به مصر . ان دخول مصر كوسيط امر لا غبار عليه فى اى قضية تمس طرفا او اطرافا عربية، ولكن مسألة الضامن هذه ، يجب ان نتأملها طويلا ونقرأ ما وراءها من تطورات واحداث ستتكشف على المشهد السياسى والامنى المتعلق باسرائيل ومصر وغزة خلال الفترة المقبلة، وبعيدا عن تلك النقطة، فان اسرئيل مما لا شك فيه قد حققت عدة مكاسب من ضرب غزة، وسواء عملية الضرب جاءت ردا على صواريخ اطلقت من غزة أولاً، فاسرائيل او نتنياهو على وجه التحديد استرد بهذا العملية دعم وتأييد امريكا بصورة معلنة ، بعد غيوم العلاقات التى شابت الأجواء بين الجانبين ابان الانتخابات الامريكية، بسبب الدعم المعلن الذى ابداه نتنياهو لمنافس اوباما الجمهورى ميت رومنى، والامر الثانى كسب نتنياهو ورقة انتخابية امام شعبه بانه قادر على حماية الاراضى المحتلة بكل الصور ووسط تأييد امريكى وغربى، الثالث حصلت اسرائيل على التعاون المصرى، وهو التعاون الذى كانت تشك فى حدوثه منذ صعود مرسى والاسلاميين الى السلطة، فقد تحركت مصر على الفور ، وهو ما عبر عنه صراحة «يعقوب عميدرور» رئيس هيئة الامن القومى الاسرائيلى، والذى قال انه تبين عقب عمود السحاب ان افتراضين مسبقين كانا خاطئين اولهما ان اسرائيل لن تحظى بتأييد واشنطن، والثاني انها لن تحظى بتعاون مصري، فتأييد واشنطن كان جيدا جدا، وكذلك مصر لم تشكك في حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما استفادت اسرائيل من استدعاء قوات كبيرة من الاحتياط ، وهو ما اصبح يؤلها للتعامل مع اى سيناريوهات تطرحها هى بنفسها فى المنطقة .