التوكل على الله تعالى من أعظم العبادات القلبية الباطنة، ويتمثل التوكل بالاعتماد على الله تعالى في تحقيق الخير والنفع ودفع الشر والسيء من الأمور، والتوكل لا بد منه في جميع الأمور التي تتعلق بالعبد، سواءً في الحياة الدنيا أو الحياة الآخرة. ولا بد في التوكل من الأخذ بالأسباب الصادرة عن الجوارح، سواءً بالقيام والفعل أم بالترك، فالعبد المتوكّل على الله هو العبد الذي فوّض ووكّل أموره لله تعالى، مع أخذه بعين الاعتبار الأسباب والعوامل المُوصلة إلى تحقيق الأمر الذي يريده، فإن كانت الأسباب مشروعة لا بأس فيها يقوم بها ويفعلها منقاداً خاضعاً للشرع، لا معتمداً على السبب فقط، أو منقاداً له، وفي المقابل إن كانت الأسباب المؤدية إلى تحقيق الأمر غير مشروعة فلا يجوز الأخذ بها والقيام بها، وإنما يكفي المتوكّل حينها الاعتماد والتوكل على الله تعالى فقط، وتجدر الإشارة إلى أن المتوكل على الله تعالى له منزلة عظيمة عند الله تعالى، فالمتوكلون نالوا محبته سبحانه، حيث قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). وتجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى شرع لعباده الأسباب لعلمه بضعفهم، ورحمة ولطفاً منه بهم، وبناءً على ما سبق فلا يجوز من العبد أن تكون الأسباب التي يأخذ بها من الأسباب والطرق المحرّمة والمشبوهة، فلا يُقبل من العبد التعامل من البنوك والمصارف الربوية، أو التجارة بالمحرّمات، أو التعامل مع الناس بالغش والخداع والخيانة والكذب، وممّا يؤيد ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها ، وتستوعِبَ رزقَها ، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ).