هنَّأ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشريف، الشعبَ المصري والأمَّة العربية والإسلامية؛ ملوكها ورؤساءها، عامَّتها وعلماءها، رجالها ونساءها، بمناسبة حلول العام الهجري الجديد، متمنيًا أنْ يكون هذا العام فاتحةَ خيرٍ على مصر والأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة قادةً وشعوبًا. ودعا فضيلته الأمَّةَ الإسلاميَّةَ إلى الاستفادة من دروس الهجرة وعبرها، فالدرس الأعظم منها هو قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، حيث كان الرجل من الأنصار يقتسم ماله وبيته زوجاته مع أخيه من المهاجرين، وهو ما نحتاجُ إليه في هذه الأيام، الإيثار وترك المصالح الشخصيَّة والحزبيَّة الضيِّقة، وإعلاء مصلحة الوطن العُليا. وأضاف الطيب : يبرز الدرس الثاني من الهجرة في الفريق الذي أسهَمَ في هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قام كلٌّ منهم بدوره على أكمل وجه دون أنْ ينظر إلى مكسب فردي، ولكنْ ساعيًا إلى هدفٍ أسمى وأعلى وهو نُصرة الإسلام والحق. وتابع فضيلته قائلاً: إنَّ ثالث دروس الهجرة هو حبُّ الوطن، لافتًا إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكَّة: ((والله إنَّك لأحبُّ بلاد الله إليَّ، ولولا أنَّ قومك أخرجوني منكِ ما خرجتُ)) وهنا نُؤكِّد أنَّ محبَّة الأوطان, والعمل على استقرارها, ونشر الأمن والأمان والسلام بها, من أهم دروس الهجرة النبوية الشريفة. كما طالب الطيب جموع المصريين بتجاوز الخلافات الآنيَّة والالتفاف حول الغايات العُليا للوطن، كما تجسَّدت في ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتكثيف الجهود للعمل والإنتاج، ممَّا يعودُ بالخير والرَّخاء والازدِهار الذي نادَى به الإسلام الحنيف من خِلال حثِّه على العمل والتضحية من أجل الوطن، وأنْ يكونوا على مستوى المسئوليَّة الجادَّة، وهم يتحوَّلون بها من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أفضل، على طريق الحريَّة والتقدُّم والأمن والرخاء، وتُناديهم مصر بأعلى صوتها ألا يُشمتوا بها الأعداء، وأنْ يكونوا برَرَةً أوفياء، يُبصرون المستقبل ويستشرفون آفاقه بوعيٍ وأمل وثقة في الله تعالى. كما أكِّد على ضرورة التضامُن مع الشعب الفلسطيني القابع تحت نير الاحتلال الصهيوني، وضَرورة المصالحة الوطنيَّة من أجل مُجابهة هذا الاحتلال البغيض، وبهذه المنسبة أيضًا فإنَّ فضيلته يدعو المعارضة السورية إلى مزيدٍ من جمع الكلمة وتوحيد الصف في سبيل بلوغ ما يرجوه الشعب السوري بكلِّ فئاته وأطيافه من حرية وتقدم وعدالة. و ناشَد فضيلته الأمة الإسلامية بتقديم الدعم الإنساني اللازم للمسلمين في ميانمار، ورفع الظلم الجائر عليهم. واختتم فضيلته كلمته بالتنبيه على أنَّ الهجرة كما تعني الانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ، فهي أيضًا تعني الانتقال من حالٍ إلى حال أفضل منه، فيجب علينا جميعًا العمل لأنْ نكون في أفضل حال، مؤكدًا أنَّ أمام وطننا مستقبلاً واعدًا ومجالاً واسعًا للنهضة والانطلاق وبناء وطن الكفاية والرفاهية، والعدالة الاجتماعية، والتعليم الصحيح والتربية والأخلاق الصالحة، فكونوا يدًا واحدة وعلى قلب رجلٍ واحد لتحقيق هذا المستقبل المشرف - بإذن الله تعالى.