علي الرغم من أنه مرض كأي مرض عادي قد ينتقل إلي الشخص السليم بطرق متعددة كعملية نقل دم ملوث من شخص مصاب إلي أخر سليم، إلا أن نظرة المجتمع السلبية للشخص المصاب أو المتعايش مع مرض نقص المناعة المكتسب - الذي يعد أول مراحل مرض الإيدز –على أنه شخص موصومن قام بأعمال غير شرعية أدت لإصابته بهذا الفيروسن هو ما أدي لانعزالهم عن المجتمع الذي لم يعد يتقبلهم. "مني محروس" سيدة متعايشة مع مرض الإيدز منذ أكثر من خمس سنوات، كانت في البداية لا تعرف أي معلومات عن هذا المرض سوي أنه مرض الموت، والمصاب به لا يمكن أن يعيش لفترة طويلة بعد إصابته بالفيروس. قصة بداية الإيدز مع منى كما ترويها، تقول: "عندما أُصيب زوجي بهذا المرض واكتشف إصابته عندما أراد التبرع بالدم لأحد أفراد أسرته وتم عمل التحاليل اللازمة ووجد أنه مصاب بفيرس نقص المناعة المكتسب، لكنه أخفي عليّ إصابته لمدة عامين، وبعدها بعدة سنوات عرفت بعد أن أصيب بسرطان الدم أيضاً وأخذ جرعات كيماوي كثيرة علي الرغم من أنه من المفترض أن المصاب بفيرس نقص المناعة المكتسب لا يتعاطى كيماوي، ولكننا لم نكن نعرف هذه المعلومة ثم توفي في عام 2003، وعرفت بعد ذلك إنه تم إصابتي بهذا المرض أنا أيضاً وذهبت إلي طبيبة ولكنها جعلتني أشعر بحالة من القلق علي أولادي – خاصة أنهم كانوا صغار في السن – عندما قالت لي الطبية بلهجة صادمة " مين هيربي ولادك زوجك توفي وأنتي هتدمري!، وجاءت ليّ حالة اكتئاب شديدة لأنني خفت علي أولادي بشدة من أن أتركهم لمصير مجهول، لكن بعد فترة وجدت نفسي متعايشة مع المرض ولم أمت كما قالت لي الطبية سامحها الله". متعايشة مع الفيروس ولكن وضعت منى أمام عينيها هدف واحد، وهو أن تعيش لأجل أولادها كما تقول، تضيف: "أصبحت متعايشة مع هذا الفيروس حتي الوقت الحالي ولم أخبر أولادى عن حقيقة مرضي، لكن الحمد لله تفهم أهلي وأهل زوجي الأمر، وقاموا باحتوائي، إلا أن منهم من أبدى تخوفه منى، وأصبحوا لا يدعونني لزيارتهم في البيت مثلا أو لا يقبلونني عند لقائهم، علي الرغم أن هذا المرض لا يتنقل عن طريق التقبيل أو الاختلاط في الحياة اليومية العادية ، بعد ذلك – والكلام مازال علي لسان مني محروس – قررت التعرف أكثر علي هذا المرض فبدأت الانضمام إلي جمعية تضم عددا من المتعايشين مع هذا المرض، وقاموا بعمل دورات تدريبية وورش عمل للتوعية به وبطرق انتقاله، بالإضافة إلي أن هذه الجمعية كانت تدافع عن حقوق المتعايشين مع مرض الإيدز ضد النظرة السلبية المجتمعية، لكن لاقت هذة الجمعية مضايقات كثيرة من المسؤلين في الدولة حتي تم تجميد نشاطها في الوقت الحالي، وكان عدد الأفراد المتعايشين المنضمين في البداية خمسة أشخاص فقط وبدأ العدد يتزايد، وقمت بعمل التحاليل اللازمة تحت إشراف وزارة الصحة لكى أعرف ما اذا كان من الضروري أخذ الدواء المخصص للمرض، أم أن مناعتي قوية ويمكن المقاومة، ووجدت أن مناعتي تستطيع مقاومته ولا أحتاج إلي تناول الدواء، خاصة أنه غالي الثمن، وقد يصل سعره إلي 7 آلاف جنيه، ولا يتوافر سوي في القاهرة فقط، ولذلك طالبنا وزارة الصحة أن يتم توفير هذا الدواء بالمجان في جميع محافظات الجمهورية" . نظرة المجتمع السلبية وتتحدث منى عن معاناة مرضي الإيدز فى المجتمع كما عايشتها، تقول:"لاشك أن المتعايشين مع مرض الإيدز يواجهون الكثير من المتاعب بسبب نظرة المجتمع السلبية لهم، ولم يقتصر الأمر علي الأفراد العاديين، فنحن نعاني أيضاً من سوء معاملة الأطباء معنا، ففي إحد المرات توجهت إحدي صديقاتي من المتعايشات مع المرض لإحدي طبيبات النساء، ولكنها فوجئت بعد إنتهاء الكشف إن الطبيبة طلبت من الممرضة أن تقوم بتغير كافة الأغطية الخاصة بسرير الكشف، علي الرغم من ان الأطباء هم أعلم الأشخاص بطرق إنتقال الفيروس الذي لا يتنقل بهذة السرعة فالفيروس عندما يخرج إلي الهواء عن طريق الدم يمت بعد 30 ثانية فقط، وكل هذه المعاملات تشعرنا بالكثير من الحرج، وتتسبب فى سوء حالتنا النفسية". وتطالب مني وسائل الإعلام أن تقوم بدورها فى تصحيح النظرة لمرضي نقص المناعة، وكذلك المشايخ والقساوسة، فمرضي الإيدز على حد تعبيرها هم مرضي عاديون، والفيروس يمكن أن يصيب أي شخص دون أن يعرف مثله مثل مرض إلتهاب الكبد الوبائي C أو B.