معظمنا يمضى في عمله ساعات أكثر مما يمضيها مع أسرته، لذا لا يمكن أن تصبح ساعات العمل مقتصرة فقط على العمل، بل يتخللها بعض الأحاديث التي تدخل ضمن الدردشة والتي تعد جزءا لا يتجزأ من حياتنا. فقد تصادف زميل في المصعد أو في الممر المؤدي للمكتب أو تضطر للمفاوضة مع عميل بالشركة.. كل هذه المواقف تجعلنا في أشد الحاجة لمعرفة أصول الشياكة والإتيكيت في العمل مما يحقق رصيدا من المحبة والنجاح في العمل. ويؤدي عدم درايتنا بهذه الأصول إلى تجنب الدردشة والمزاح مع الزملاء خوفا من خسارتهم أو إزعاجهم، فيما يفرط بعضنا في هذه التصرفات التي قد تهدد شكله وأناقته أمام الزملاء أو العملاء. ** ويقدم خبراء الإتيكيت والذوق بعض النصائح التي تحكم فن الحديث القصير في العمل: الدردشة: هي مفتاح القدرة على تكوين علاقات مع الآخرين والاقتراب منهم في مجال العمل، يظهر الشخص بمظهر الواثق بنفسه، لذلك لا يمكن للمرء الاستغناء عن الدردشة في الحياة الوظيفية، فمن لا يجيد فن "الحديث القصير"، سرعان ما يصبح بغيضاً بنظر الآخرين، لأنّ الدردشة تُعد بمثابة مفتاح لكل الأبواب المغلقة، كما أنّها تسهم في خلق جو لطيف في بيئة العمل. اختيار الموضوعات: أهم شرط في نجاح "الحديث القصير" هو اختيار الموضوعات ذات الطابع الإيجابي، ومن يجد في الحديث عن حالة الطقس موضوعاً مستهلكاً، يمكنه على سبيل المثال البحث عن اهتمامات مشتركة بينه وبين الطرف الآخر، بحيث تكون هناك على الأقل نقطة مشتركة. تحدث عن نفسك: تمهيداً للدردشة ينصح خبراء علم النفس بأن يتحدث المرء عن نفسه وما يحبه ويفضله، فمن الجيد دائماً أن يتم إفشاء بعض المعلومات الشخصية، مثل ذوقه في بعض الأمور، وما يحب وما يفضل.. إلخ. لا تتعمق في التفاصيل: لكن ذلك لا يعني أن يتعمق المرء في تفاصيل حياته الشخصية، خصوصاً الأمور السلبية التي يكون لها صدى سيئ، ومنها مثلاً الشجار مع الزوجة أو مرض الأطفال أو الشكاوى الشخصية التافهة. ابتعد عن المحظورات: تعد السياسة والدين والمسائل المادية من الموضوعات المحظورة، ويفسر خبراء الإتيكيت السبب في ذلك بقولهم إنّ "مرحلة الدردشة تخلو من المضمون"، وقد يشعر الطرف الآخر بعدم الثقة والأمان في حال بادره أحدهم بالحديث في تلك الأمور، لذا قد ينسحب، ولذلك يجب تفادي هذا الأمر تماماً لدى التحدّث مع المدير أو العملاء. اللياقة والتهذيب: من الأمور الأساسية الواجب مراعاتها عند التعامل مع زملاء العمل وشركاء الأعمال التعامل بلياقة وتهذيب، ولا يقتصر الأمر على المهذبين من الناس، بل يتعداه إلى التعامل مع الأشخاص غير مؤدبين، وهنا تكمن براعة الموظّف في التعامل مع تلك النماذج بأدب ولياقة، يقول خبراء الإتيكيت إنّ هناك طريقة أخرى للتعامل مع مثل هذه المواقف بلياقة من خلال أن تقول مثلاً بكل وضوح: "فيه في كلامك هجوم عليّ.."، وهنا سيلاحظ الطرف الآخر أنّه تمادى في الحديث أكثر من اللازم. التعامل مع غضب الآخرين: خير مثال على هذه الحالات هي المكالمات الهاتفية مع شركاء العمل أو العملاء أثناء ثورة غضبهم، ففي كثير من الأحيان لا يريد الشخص المتصل سوى التخلص من الإحباط، لذلك من الأفضل أن يتم تجاهل الأمور الجانبية، وقد يكون من المفيد الاستفسار بلباقة عما حدث، ويشدد خبراء فنّ الإتيكيت على ضرورة أن يتدرّب الموظفون على كيفية التعامل مع العملاء أثناء ثورات الغضب، حيث ينبغي دائماً على الموظف أن يحاول تفهم هذا الأمر وعدم الدخول في نقاشات أخرى مع العملاء. التحلي بسعة الصدر: كيف تتصرف إذا صادفت عميلاً "ثرثاراً"؟ ضروري أن يتحلى الموظف بسعة الصدر عند التعامل مع مثل هذا النموذج من العملاء الذين يميلون إلى تجاذب أطراف الحديث، فسياسة الشركات التجارية هي معاملة العميل باحترام شديد وإعطاؤه كل الاهتمام والأولوية، ومن هذا المنطلق لا يجوز أن يصده الموظف ويحاول التخلص منه بحجة الانشغال في العمل. كما أنّه من غير اللائق مواصلة الموظف للعمل مرّة أخرى بينما لم ينته العميل من حديثه بعد، حيث من الضروري أن يحظى العميل باهتمام وانتباه الموظّف الكاملين، ومن الواجب أيضاً أن يعبر الموظف عن إنصاته التام للعميل قولاً وفعلاً، ومن ضمن السلوكيات التي يجب على الموظّف إتباعها أثناء الحديث مع العميل النظر في عينيه والرد بعبارات يفهم العميل من خلالها أنّ الموظّف كله آذان صاغية. ضيف العمل: ويسري الأمر نفسه عندما يستقبل الموظف في الشركات التجارية ضيف عمل في الشركة أو المكتب، لأنّ قواعد الإتيكيت تُقدم الاهتمام بالضيف على إنجاز مهام العمل الملحة، فعند الضرورة يجب أن تعهد إلى زميل آخر بإنجاز مهام العمل، كي يتاح لك المزيد من الوقت مع العميل، فالدردشة مع العميل أو ضيف العمل ليست هدراً لوقت العمل، بل إنّها مهمة وضرورية لوضع أساس قوي للعلاقات التجارية مع العملاء.