أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته، وسها إبراهيم ربة منزل تمتلك نَفسا مصريا أصيلا في الطهي جعلها تمسك بزمام مفاتيح أقصر الطرق إلى قلب زوجها وعائلته، بل استطاعت بموهبتها في الطهي أن تتحول من ربة منزل تعاني من الملل والفراغ إلى أن تكون رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات لتوريد الوجبات الجاهزة. بدأت سها مشروعاً صغيراً للتخلص من الملل الذي كان يلاحقها كأي ربة منزل، لكن عمرو زوجها مثالاً للرجل الشرقي المحافظ الرافض لعمل زوجته اشترط عليها التفرغ للمنزل والأسرة قبل الزواج، وفي كل مرة تطلب منه العمل كان يتعلل بأن مؤهلها الدراسي " بكالريوس خدمة اجتماعية" لا يؤهلها إلى وظيفة مرموقة بعيدة عن سخافات الوظائف العادية. إصرار وتحدي إصرار سها على التخلص من الملل الذي كان يلاحقها بعد دخول أولادها المدرسة جعلها تفكر في مشروع صغير تنفذه في المنزل، تحايلاً على رغبة زوجها في عدم خروجها إلى العمل، وبالفعل بدأت بمشروع خلطات "البقسماط المطحون" اللازم لتحضير الدجاج واللحوم البانيه، وكان توريدها إلى "السوبر ماركت" الكبيرة. إلا أنها تعثرت مع أوائل المصاعب وهي التسويق، تقول : التسويق في حد ذاته إحدى الصعاب التي واجهتني، ومقابلة المسئولين عن مراكز "السوبر ماركت" الكبيرة مشكلة في حد ذاتها ولكنني أصررت على إكمال مشروعي، وجاءت المشكلة الأكبر وهي ضرورة حصولي على "بار كود" للمنتج وهذا جعلني أُنشئ شركة بطريقة رسمية وأشترك سنوياً في إحدى الشركات التي تمنح "الباركود" وهو تسلسل لرقم المنتج، وشكل ذلك عبئا مادياً في بداية المشروع لكني أكملته، فجاءت المشكلة الأكبر وهي تأخر "السوبر ماركت" في توريد المال، وبعد أن كان اتفاقنا على التوريد الفوري أصبح أسبوعياً ثم مرتين شهرياً وفي النهاية كتبت معهم عقودا على أن يكون توريد النقود مرة كل شهر. وتتابع : إلا أن وعودهم كانت سراباً وكانت تتأخر النقود مما جعل المشروع يبشر بالخسارة، فجهة تتأخر 75 يوماً في التوريد وأخرى 90 يوماً، وبعضهم بعد التأخير لا يعطني إلا جزءًا من النقود ويستثمر هو الباقي في السوق ليربح غير مبالين بخسارتي، رغم أنني توسعت في المنتجات وأصبحت أنتج مخبوزات أكثر. فرن للمخبوزات قررت سها الانسحاب من الأسواق وتداركت الخسارة التي طالتها بعدم توريد منتجها إلى من يعطيها المقابل على الفور دون تأخر، ولكنهم كانوا قلائل لا يكفوا لاستمرار المشروع فقررت استثمار خبرتها وعدم التوقف عن العمل فأنشأت فرنا للمخبوزات وأنتجت فيه جميع انواع المخبوزات، وأصبحت تديره وتشرف عليه بنفسها. ولكن الحياة مليئة بالمصاعب ففشل المشروع من جديد وتكبدت خسارة كبيرة، تحكي قائلة : هذا الفرن كان في حاجة إلى المتابعة المستمرة كي أجني ثماره، ولكن ظروف حملي في ابنتي الصغيرة وبُعد المكان عن منزلي كان سبباً في تقاعسي بعض الشيء عن متابعة المشروع، أما زوجي فكان مشغولا بعمله وكان من الصعب أن ينوب عني في إدارته، فغفلت عيوننا عن المتباعة وسرقنا بعض العمال وفشل المشروع وتكبدت خسارة فادحة فيه. وتتابع : لم استسلم للخسارة هذه المرة أيضا، خاصة أن مشروع توريدي ل" البقسماط" المطحون مازال مستمراً وكنت بدأت أيضاً في توريد اللحوم المجمدة بأنواعها ( كفتة، كبيبة، .. إلخ ) إلى المطاعم والسوبر ماركت الذين يدفعون فورياً، فأغلقت فرن المخبوزات وطويت صفحة الخسارة لأستمر في مشروعي. "ست البيت" أون لاين اكتملت فكرة "ست البيت" لتوريد الأطعمة الجاهزة عن طريق الصدفة عندما تلقت سها تليفوناً من إحدى العميلات تطلب منها إعداد ديك رومي لعزومة منزلية. وتحكي سها : فوجئت ذات مرة بإحدى العميلات تتصل بي وتطلب مني إعداد ديك رومي لعزومة منزلية وتؤكد لي أنها تستحسن لحومي وتثق في، ورغم أنني أرشدتها إلى العديد من الأماكن التي يمكنها مساعدتها إلا أنها أصرت، وكانت هذه المرة الأولى التي أقدم فيها طعاما منزليا فانتشرت الفكرة وأنشأت جروبا على موقع "الفيس بوك" للتسويق والإعلان عن تقديمي لطعام بمذاق "بيتي" وتوصيل الطلبات إلى المنازل. وتضيف : ثم جاءت فكرة توريد الوجبات الجاهزة عندما طلب مني البعض إعداد إفطار وسحور للمصانع والشركات، في رمضان الماضي، وبعدها تعرفت على الشيف أحمد بدوي على "الفيس بوك" وكان له فضل كبير في توجيهي والتوسع بنشاطي لتوريد وجبات يومية إلى المصانع، وأعتبره شريكاً في نجاحي. وعن طموحاتها في المرحلة المقبلة تؤكد سها إبراهيم، أنها تتمنى عودة الهدوء والحياة إلى المجتمع المصري في حال أفضل مما كان عليه قبل ثورة 25 يناير، خاصة أن الثورة أثرت عليها سلبياً وأدت إلى انخفاض نشاطها حيث إن بعض المصانع تحاول تخفيض قيمة الوجبات المقدمة للعمال، وبعضهم تخلص من أكثر من نصف العمالة، والبعض توقف عن الإنتاج وكل ذلك يصب عليها في النهاية لأنها مسئولة تغذية العمال وتقدم الوجبات من خلال شركتها .