لقد نجح المخطط الأمريكي الصهيوني المشترك في تزكية لهيب نيران الانتفاضة المستعرة التي اجهزت علي الأنظمة العربية دفعة واحدة حتي لا تنشغل أحدها بمؤازرة الآخر فازداد الوطن العربي انقساماً وفرقة وتمزقاً ولعل التداعي علي الجماهيرية الليبية من قوي التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة يكشف عن الوجه القميء وازدواجية المعايير حيال هذا الوطن.. ولا ريب أن هذه المحصلة تصب في مصلحة الأمن الاسرائيلي وتنعش الاقتصاد القومي الامريكي الذي يعاني من الهزة التي اصابته في زمن غير بعيد فوق التأكيد علي احتكاره لمقدرات الشرق الأوسط من النفط.. فالسياسة الامريكية دأبت علي ألا تتصدر المشهد الدراماتيكي في شئون الشرق الأوسط مباشرة إلا أنها تبدأ بإطلاق شرارة اللهب الأولي وتزكيها في مساحات الحماس الواسعة في صدور الشعوب المنكسرة والفئات المحتقنة عبر وسائل الاعلام والقنوات الدبلوماسية، وتقف بعيداً ترقب عن كثب بعد ان تدفع بغيرها لتقديم المبادرات المفتوحة المتعددة حيال التغيير المصحوب بفوضوية التعبير لتعطي نفسها فرصة القراءة وتأمل الخريطة السياسية وفي ذات الحين تتواصل جهود رجالاتها الدبلوماسية للوقوف علي أفضل الخيارات المطروحة التي تصب في مصلحتها الاستراتيجية والأمن الاسرائيلي مستأنسة شرعية الأممالمتحدة إحدي غرف البيت الأبيض وخنوع جامعة الدول العربية فلا غرو أن الانتفاضات ذات المصل الواحد في سعيها الي قلب الانظمة ربما حققت عنصر المفاجأة لدي الادارة الامريكية فسارعت لمواكبتها بإلقاء كرة »البنج بونج« الملتهبة في فضاء الشرق الأوسط وهي تعلم سلفاً انه ستتقاذفها كل الاطراف في المنطقة تلكم الديمقراطية أيقونة الشعوب ولكن سرعان ما ان تشابكت خيوط كرة الصوف وازدادت تعقيداً دون ان تلمس الشعوب بادرة أمل من جراء الفوضي والانقسامات ونذر الحروب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر وهو ما تراهن عليه الولاياتالمتحدة، فما احوجنا إلي رأب الصدع ولم الشمل والاعتصام بالانتساب الي القومية العربية الغائبة بدلاً من عبث الانشغال برموز وأشخاص نفاضل بين هذا وذاك.. السادات أفضل أم مبارك.. أم ناصر من كليهما، فتسأل أيهما كان عصره افضل من الآخر ولا يغيب عنا أن من شأن هذه الشخصنة للأوضاع الحالية في تلك المرحلة الفارقة والدقيقة يقودنا الي شيع وأحزاب ويبدد الجهد ويهدر الطاقات وتزداد إسرائيل قوة وأمناً بفضل الهوان والانقسام الذي صرنا عليه، ان الأمة العربية ما احوجها الآن في ظل المستجدات السياسية والجغرافية التي تموج بها ساحة الشرق الأوسط من ضرورة تعديل ميثاق جامعة الدول العربية الغاية المنشودة ليكون أقدر علي مواكبة الظروف والمتغيرات الجديدة علي الساحة العربية وقد ظهر جلياً قصور آليات الجامعة في مجال تحقيق أهداف الأمة العربية فقد ظلت هذه الاخيرة علي مدار نصف القرن لم تحقق لنفسها فكرة الأمن العربي أو الأمن الاقتصادي وتفعيل الوحدة والتراث المشترك. فالنهضة العربية مقرونة بكفالة هذا الأمن في ظل التحديات والمتغيرات العالمية المعاصرة.. فإسرائيل التي لم يتجاوز عدد سكانها نسبة مئوية تذكر بمقارنة عدد سكان العرب الذي يبلغ مائتي مليون نسمة تضمهم 22 دولة ان تعمل وتخطط لتتبوأ القوة الاقليمية الكبري في المنطقة. ومن يظن حالماً ان الولاياتالمتحدة تبارك لنا ديمقراطية حقيقية نصاً وممارسة فليسع صدره للاجابة عن حقائق هذه الثوابت والمسلمات ومحلها من الإعراب. أولاً: إن الديمقراطية الحقيقية تعني ان تمارس الدول سيادتها المطلقة علي اراضيها ومقدراتها فهلا ستسمح الولاياتالمتحدة ان تقوم هذه الدول بإجلاء القواعد العسكرية الامريكية المتمركزة علي اراضيها ومياهها الإقليمية؟ ثانياً: إن تمتع الانظمة العربية بالديمقراطية يتجافي مع الحلم الصهيوني الذي يبلغ مقام التقديس بإنشاء دولتهم من النيل الي الفرات، فهلا ستسمح الولاياتالمتحدة ومن خلفها اللوبي الصهيوني الذي يرسم السياسة الامريكية ويمثل القوة الضاربة في صنع القرار بإجهاض هذا الحلم؟ ثالثاً: هلا ستسمح الولاياتالمتحدة لأي دولة عربية من منطلق توازن القوي في المنطقة بأن تمتلك سلاحاً نووياً مثلما تمتلك إسرائيل ترسانة نووية؟! لم أندهش من ازدواجية مشاعر السيدة كلينتون وهي تصافح أسر الشهداء في زيارتها لميدان التحرير تكسوها هالة من الوقار وهالة الوقار التي نجلها منها ببعيد. ولكني استنكر سذاجة المعجبين. فهلا صافحت أسر شهداء العراق وفلسطين.. مجرد ملاحظة ولا تعليق.. نسأل الله أن يقينا شر الفتن ويلهمنا الفطنة والصواب ويحفظ الأمة العربية من كل سوء.. [email protected]