تستحوذ أمراض القلب لدي الأطفال علي اهتمام العامة والمتخصصين في أمراض القلب وهم الفئة العمرية من 2 - 17 سنة، حيث مر طب وجراحة قلب الأطفال في العقدين الأخيرين بتطورات مذهلة في مجال الفحوصات والعلاج الدوائي والعلاج التداخلي ويقصد به »قسطرة القلب« والعلاج الجراحي. يقول الدكتور ياسر حزين دكتوراة في القلب والأوعية الدموية وعضو الجمعية الأوروبية لأمراض القلب: تتنوع الأمراض التي يصاب بها قلب الأطفال ما بين عيوب خلقية خاصة بالمسارات الكهربائية لنبضات القلب وعيوب خلقية بصمامات القلب وعيوب خلقية بجدران حجرات القلب وشرايين القلب، كما أن التهابات صمامات القلب الناتجة عن حمي روماتيزمية مازالت تشكل رغم انحسارها بعض الشيء خطراً داهماً علي صمامات القلب، حيث تسبب ضيق أو ارتجاع أو كليهما في صمام أو أكثر مما يؤدي تراكمياً حال عدم الأخذ بالعلاج المثالي إلي ضعف عضلة القلب وحدوث ما يسمي بهبوط وظائف القلب. ويعاني الأطفال أيضاً مثل الكبار من ارتفاع ضغط الدم بنوعيه الأولي والثانوي، وتتأثر صمامات القلب بتكرار حدوث التهابات متكررة باللوزتين مما يسبب لدي بعض الأطفال علي هذه الصمامات بمرور الوقت ضيقاً أو ارتجاعاً أو كليهما بصمام أو أكثر وينعكس ذلك علي وظيفة عضلة القلب والرئتين مما يؤدي لاحقاً لما يسمي »احتشاء القلب« ويقصد به ضعف عضلة القلب وعجزها عن القيام بوظائفها، وهنا تجدر الإشارة إلي أهمية التشخيص المبكر لالتهاب اللوزتين ومن ثم العلاج الناجح لاتقاء مغبة تأثير الالتهاب علي صمامات القلب. ويحتاج من يصاب بالالتهاب الروماتيزمي للقلب لعلاج معين أهمه استخدام الإسبرين بجرعات عالية، حيث يعد العلاج الأهم ويحتاج المريض أيضاً لأخذ جرعات منتظمة كل ثلاثة إلي أربعة أسابيع من مادة البنسلين طويل المفعول عن طريق الحقن العضلي كإجراء وقائي لعدة سنوات حتي لا تعاوده الإصابة ومن ثم تؤذي القلب، وتجدر الإشارة إلي أهمية عمل اختبار لمادة البنسلين تحت الجلد لبيان ما إذا كان الطفل يعاني من حساسية لهذه المادة من عدمه. ويضيف الدكتور ياسر حزين: أما عن العيوب الخلقية لقلب الأطفال فهي كثيرة متنوعة ما بين وجود ثقب بين الجانب الأيسر من عضلة القلب والجانب الأيمن كثقب ما بين البطينين وثقب ما بين الأذنين علي سبيل المثال لا الحصر، كما يعاني بعض الأطفال من وجود ضيق خلقي بالصمام الرئوي أو الأورطي وكذلك بالشريان الأورطي نفسه، ويتم الآن في مصر علاج هذه العيوب باستخدام البالون عن طريق القسطرة في حالة الصمام الرئوي أو البالون والدعامات في حالة ضيق الشريان الأورطي. وتتنوع عيوب القلب الخلقية التي ينتج عنها حدوث »زرقة« في لون الطفل الرضيع أو الطفل الأكبر نسبياً قد يحدث تبادل بين موقعي الشريان الرئوي والشريان الأورطي، مما يؤدي إلي اختلاط الدم وحدوث حالة من الزرقة وعدم حدوث تغذية سليمة لخلايا الجسم، ويأتي حدوث اضطرابات في كهربة القلب كأحد أسباب اعتلال القلب لدي الأطفال ويكون ذلك في غالبية الحالات ناتجاً عن اختلال جيني في عمل الأيونات وتوقيت وكثافة دخولها وخروجها من الخلايا وتحتاج لعمل دراسة جينية لبيان نوع ومدي الإصابة لتحديد الطرق المثالية في العلاج مثل استخدام العقاقير أو القسطرة أو منظمات القلب الصناعية في حالات أخري، ويشارك تضخيم القلب وبالذات البطين الأيسر في حدوث مشكلات لدي الأطفال ويعتبر هذا التضخم من أهم أسباب الوفاة المفاجئة وبخاصة لدي الرياضيين الذين يعانون من هذا المرض ويقومون بممارسة الرياضة التنافسية. ويري الدكتور ياسر حزين أن التشخيص الصحيح والمتكامل أهم نقطة في علاج مشكلات القلب لدي الأطفال فالفحص المتأني والدقيق يمثل علامة فارقة في تقييم الحالة، حيث يعد اللبنة الأولي التي يؤسس بناءً عليها خطة العمل للتشخيص وانتقاء الفحوصات اللازمة ومن ثم العلاج، ولم ينحسر حتي الآن دور رسم القلب في تشخيص مشكلات القلب لدي الأطفال حتي يومنا هذا رغم ظهور العديد من الفحوصات الأخري المتطورة، وهناك ما يسمي ب»الهولتر« وهو عمل رسم قلب لمدة 24 ساعة متواصلة وأحياناً لمدة 48 ساعة وذلك لبيان ماهية بعض الضربات التي لا يتأتي لرسم القلب العادي كشفها. أما الموجات فوق الصوتية للقلب فهو الفحص الذي نستطيع أن نقول إنه قد أحدث ثورة بحق في مجال التشخيص وتنوع علي مدار السنوات من عمل »الإيكو« من خلال الفحص الخارجي علي الصدر إلي فحص »الإيكو« عن طريق المريء إلي الفحص بالموجات عن طريق استخدام تقنية ثلاثي الأبعاد عن طريق الصدر وعن طريق المريء، وقد تنامي في السنوات الأخيرة دور استخدام النظائر المشعة والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي وبخاصة في مجال العيوب الخلقية للقلب والعديد من تقنيات الفحص عن طريق القسطرة والتقنيات الأخري. علي أن هذه الفحوصات علي كثرتها ينبغي أن يعامل مع الطبيب ك»حكيم« كما كان يطلق عليه قديماً بحيث ينتقي لكل حالة ما يناسبها من أنواع الفحص ويحاول أن يرشد استخدام هذه الفحوصات حتي لا تكون عبئاً علي المريض بحيث لا يكون لها مردود اقتصادي سلبي علي المجتمع حال عمل فحوصات لا مردود من ورائها خاصة ونحن نعيش في بلد يحتاج للحكمة والترشيد وذلك دونما إفراط أو تفريط.