استمرارًا لحملة دار الإفتاء المصرية التي بدأتها للتعريف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإسلام في أمريكا وأوروبا، نشرت وكالة "رويترز" العالمية مقالاً لفضيلة الدكتور علي جمعة – مفتي الجمهورية- نشرته على الموقع الرسمي للوكالة تحدث فيه مفتي الجمهورية عن أسباب تأجيج الصراع بين الغرب والمسلمين، خاصة بعد نشر الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤخرًا. وذكر فضيلة المفتي في مقاله أن الأزمة الحالية هي نتاج لعدة عوامل معقدة مؤكدًا أن حصر السبب وراء تلك الموجات العنيفة إلى مجرد نشر الأفلام والرسوم والكتابات المسيئة التي يقوم بها بعض المتطرفين، هو ضرب من السذاجة؛ مؤكدًا أننا يجب أن نضع في الاعتبار نقاط الخلاف المتعددة بين المسلمين والغربيين التي يشهدها العالم كافة في يومنا هذا. وذكر المفتي أنه من العوامل الأساسية التي تحول بشدة من التعايش والتقارب بين الإسلام والغرب عدم كشف النقاب عن الانتهاكات السافرة المتعلقة بالحرب على العراق، والهجمات المنتظمة المتعاقبة في أفغانستان وباكستان، وطريقة معاملة الأبرياء من المسلمين في جوانتانامو، وكذلك العنف المستمر منذ عقود في فلسطين. إضافة لذلك، فإننا شهدنا في الآونة الأخيرة محاولات منسقة لتهميش مسلمي أوروبا من خلال حظر الحجاب وحظر المآذن وغيرها من الرموز المسلمة، في الوقت الذي نرى فيه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تشوه دائمًا صورة مواطنيها من المسلمين وتعتبرهم دخلاء غير مرغوب فيهم. وأشار إلى أن الإصرار على تأجيج وإشعال تلك التوترات المتمثل في نشر مواد مؤذية ومهينة في محاولة متهورة من التبجح، تأكيدًا على تفوق الحريات الغربية المزعومة على العقلية المسلمة، هو عين التحريض من قبل المتطرفين في الغرب. وشدد على أنه من بين كافة المقدسات المسلمة، لا يوجد ما هو أقدس من شخص النبي مُحمد ذاته -صلى الله عليه وآله وسلم- فإن المسلمين لا يذكرون اسمه إلا ويجدون أنفسهم مجبلون على أن يُصَلُّوا عليه، ولذلك فإن مئات الملايين من المسلمين لا يوقرون النبي فحسب، بل مدينته أيضًا التي اتخذها وطنًا له تهفو أنفسهم لزيارتها في أول فرصة سانحة، ولا نبالغ إن قلنا: إن المسلمين يحبون النبي أكثر من أنفسهم كما وصف القرآن ذلك. ولذلك فإن الغالبية العظمى من المسلمين لا يطيقون أن يتم التعد بصورة غير لائقة على هذا النبي الذي يحبونه بشدة بل هو جزء لا يتجزأ من هويتهم". وأوضح أن أول خطوة نحو التقدم لحل تلك الأزمة هو أن يسمع كل منا الآخر بقلب مخلص مفتوح، وأنه لا يمكن أن تقوم المجتمعات الغربية بوضع معايير لحرية التعبير ثم تفرضها على باقي المجتمعات". وأكد المفتي في مقاله على أن المسلمين بالفعل يُقدّرون حرية الرأي لكننا في الوقت ذاته نستطيع أن نتعرف على خطاب الكراهية من قبل الغرب، مشددًا على أن الهدف الأسمى الذي ننشده كمسلمين هو التعايش السلمي مع الآخرين في ظل عالم يُكَرِّس جهده إلى ازدراء والسخرية من شخص مُقَدّس لدى أكثر من مليار ونصف شخص، فهو ذلك العالم الذي يَتَّجه نحو اللاتقدم، بل التخبط، ومع ذلك لا نقر العنف تجاه المسيئين. وقال المفتي في مقاله الذي نشرته "رويترز": "إنه يجب على جميع القادة المسلمين أن ينفسوا عن اعتراضهم ضد صور خطاب الكراهية من خلال أكثر الطرق السلمية والقانونية فقط، ونبذ كافة أشكال العنف ". وأهاب مفتي الجمهورية بوسائل الإعلام الغربية أن تمارس المسؤولية فيما تنشره، لأن مثل هذه الاستفزازات تعزز فقط من التكتلات المتطرفة في العالم والذين لا يفرحون بشيء سوى إيجاد الوسائل التي تمكنهم من استعادة شهرتهم. وأكد مفتي الجمهورية في مقاله على أنه على المسلمين ألا يعيروا أي اهتمام لهؤلاء المهمشين الذي يحاولون نشر الكراهية، وألا يسمحوا لتلك الأحداث أن تفسد العلاقات القائمة منذ زمن بعيد مع مختلف الطوائف المسيحية في مصر. واختتم المفتي مقاله الذي نشرته "رويترز" بتجديد استنكاره الشديد لكافة أفعال التحريض الطائفي الذي يحدث على أرضنا، مؤكدًا أننا مستعدون إلى التعاون مع كافة التيارات التي ترغب في القضاء على الطائفية، ونؤكد بكلمة واحدة أن المسلمين والمسيحيون في مصر شريكين في مهمة إعمار الدولة التي نحيا فيها مواطنين على قدم المساواة.