نتحدث عن رجل سلعته الموت اسمه محمد أشرف حامد أحمد الشيتي وشهرته »أشرف الشيتي«. بدأ حياته بائع »أحزمة« في منطقة المهندسين وبعد سنوات أصبح أهم وأكبر رجل أعمال يتاجر بالبذور والأسمدة المسرطنة التي أصابت المصريين بأخطر أمراض العصر، ثم أصبح مالكاً لمصنع »شوري للأسمنت« الملوِّث للبيئة بمحافظة بورسعيد، وبشراكته مع وزير السياحة زهير جرانة استطاع أن يكون صاحب التوكيل الوحيد في مصر لاستيراد سيارات وزارة الداخلية المصفحة، وهي نفس السيارة التي قامت بدهس ثوار 25 يناير في جمعة الغضب. استطاع أشرف الشيتي تكوين ثروة طائلة منها امتلاكه قصراً علي مساحة 50 فداناً بمنطقة سقارة ثمنه 100 مليون جنيه، بالإضافة لامتلاكه 25 حصاناً من الخيول العربية بخلاف حصوله علي 600 فدان من ريجوا من علي ورور رئيس مجلس الإدارة عندما كانت الشركة تابعة للقطاع العام بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، وحصل علي هذه المساحة بأقل من دولار واحد للمتر. وتكشف المستندات التي حصلنا عليها أن أشرف الشيتي هو ابن خالة زهير جرانة وزير السياحة السابق والمحبوس علي ذمة قضايا إهدار مال عام واستطاع جرانة والشيتي التعاقد مع شركة الفتح للاستثمارات والمشروعات علي جلب 186 سيارة ماركة »إيفيكو« وتقدر سعر الواحدة 30 ألفاً و400 يورو، حيث بلغ إجمالي الصفقة 10 ملايين و640 ألف يورو وذلك في سبتمبر 2009 وتسلمت الداخلية السيارات سالفة الذكر وهي نفس ماركة السيارة التي دهست المتظاهرين في ثورة 25 يناير. بينما كشف خطاب آخر من نفس الشركة يفيد طلب الشركة توريد سيارة ماركة »يوروكاجو« و60 سيارة ماركة »ديلي«، وقام اللواء جهاد يوسف مساعد وزير الداخلية للشئون المالية بتحويل بنكي بقيمة السيارات ويقدر ب 3 ملايين و927 ألفاً و820 يورو باسم شركة الفتح علي البنك العربي الأفريقي فرع القاهرة بحساب رقم 536781، بالإضافة لخطاب ضمان تأمين نهائي بقيمة 5٪ من التعاقد والصادر لصالح شركة الفتح علي أن يرد عقب تمام توريد السيارات، وحسب الخطاب فإن بوالص الشحن يجب أن تصدر باسم (شركة حلوان للماكينات والمعدات) والخطاب مؤرخ في 22 مارس 2010، لكن المفاجأة التي نكشف عنها أن هذه السيارات كانت مطلوبة من قبل الداخلية لقمع أي مظاهرات محتملة في انتخابات رئاسة الجمهورية وحتي قبل قيام ثورة 25 يناير كانت الشركة في طور تجهيز وتصنيع تلك السيارات وبعد قيام الثورة بأسبوعين أرسل اللواء جهاد يوسف مساعد الوزير بخطاب للشركة المصنعة يطالبها فيه بضرورة تأجيل إرسال السيارات المتعاقد عليها لحين إشعار آخر وهو ما سبب خسارة كبيرة للوزير جرانة وابن خالته أشرف الشيتي. وتأكيداً لكون الشيتي رجلاً صناعته الموت، فقد قام بشراء مصنع من رجل الأعمال أديب جبرة بمحافظة بورسعيد وقام بتحويله إلي مصنع لتعبئة الأسمنت وأطلق عليه »أسمنت شوري« وقصة هذا المصنع في غاية الغرابة، حيث قام الشيتي بتحويل المصنع ليمارس نشاط تعبئة الأسمنت، وعرض علي أحد المستثمرين الأجانب شراء المصنع فاشترط أن يكون المصنع جاهزاً للإنتاج حتي يشتريه، مما جعل الشيتي يقوم باستقدام العمالة وتهيئة المصنع للإنتاج، وعندما علم محافظ بورسعيد اللواء مصطفي كامل بأمر ذلك المصنع المُلوِّث للبيئة تصدي له بحزم ورفض إقامة المصنع »القاتل« لأهالي المحافظة. حاول الشيتي الضغط علي المحافظة حتي يتم تشغيل المصنع تمهيداً لبيعه للمستثمر الأجنبي، إلا أن المحافظ أطلق صيحته الشهيرة عندما قال »علي جثتي«، ورفض كل الضغوط، مما اضطر الشيتي إلي رفع قضية علي المحافظ ومع تساهل الشئون القانونية بالمحافظة صدر حكم بحبس المحافظ وعزله من وظيفته وغرامة يدفعها للشيتي برغم أن المحافظ استند في رفضه إلي تقارير رسمية صادرة من لجنة الصحة بمجلس الشعب وأوصت بعدم تشغيل المصنع مرة أخري لأنه يسمم مياه الترعة التي يشرب منها أهل بورسعيد والإسماعيلية، كما أن غبار الأسمنت سيتراكم علي المحولات الكهربائية للمدينة الموجودة بجوار المصنع، الأمر الذي سيحدث كارثة كبري. كما استند المحافظ إلي تقارير وزارة البيئة التي تؤكد أن القانون يمنع بناء مصانع للأسمنت في مسافة أقل من عشر كيلو مترات عن السكان ومصادر المياه. وبرغم كل هذه التقارير والمستندات استطاع الشيتي إعادة تشغيل المصنع، وعندما علم المستثمر الأجنبي بهذه المشاكل اعترض عن الشراء بعد أن وصل السعر إلي 52 مليون يورو، لكن هذا لم يعرقل مخطط الشيتي إذ قام بعملية خداع استهدفت استنزاف أموال الدولة والهروب من الضرائب، وذلك بعد أن قام بتعبئة الأسمنت بدلاً من تصنيعه وكتب علي الشكائر »صنع في مصر« حتي يتهرب من دفع الضرائب المقررة عليه، ويظهر في الصورة أنه أحد المساهمين في الصناعة الوطنية. وكشف بلاغ لوزير الداخلية السابق حبيب العادلي ووزير العدل السابق ممدوح مرعي وبعض الجهات الرقابية عن قصة تهرب أشرف الشيتي من حكم قضائي صادر بحبسه ثلاث سنوات وكفالة 5 آلاف جنيه وذلك في القضية رقم 5121 لسنة 2000 جنح العجوزة، وهي نفس القضية التي طالت أباه حامد الشيتي، لكن الشيتي الابن لم يرض بذلك الحكم وبرغم استئنافه إلا أن المحكمة أيدت الحكم السالف بحبسه، وصدر حكم حبس له برقم 14341 لسنة 2006، وحتي يمنع مباحث تنفيذ الأحكام من البحث عليه، لتنفيذ الحكم الصادر بحبسه قام بالتواطؤ مع أمين سر جلسة محكمة جنح العجوزة بتزوير حكم أول درجة، وذلك بإضافة عبارة (وبراءة المتهم الثاني ورفض الدعوي المدنية) وهو ما يشكل جريمة تزوير المنصوص عليها بالمادة 211 من قانون المرافعات. استغل أشرف الشيتي قرابته لزهير جرانة وقام بشراء المركب السياحي (theplace) وبرغم أنه »خردة« استطاع الشيتي إصدار ترخيص له من وزارة السياحة، برغم أن الوزارة لم تقم بترخيص هذا المركب سالفاً. نفوذ الشيتي استمده من جميع المتعاملين معه فهو يرأس مجلس إدارة »شوري« للتنمية الاقتصادية، حيث قام بالاستيلاء علي مساحة 250 فداناً عن طريق البلطجية ووضع اليد وقام ببيع هذه المساحة إلي محمود الجمال صهر الرئيس مبارك وهي الأرض المعروفة باسم (نيو جيزة) وعندما أراد »الجمال« شراء هذه المساحة قام الشيتي ببيعها بمبلغ 250 مليون جنيه، وعندما اعترض »الجمال« علي المبلغ قال له الشيتي »الأرض بالعقود بمبلغ 500 مليون جنيه، وبدون عقود بمبلغ 250 مليون جنيه«.. وهي نفس الأرض التي أراد الجمال وشريكه شركة الديار القطرية استخراج تراخيص لإقامة أكبر فندق في مصر يحمل اسم (NGM) وهو أكبر فندق قمار في »لاس فيجاس« بالإضافة لإقامة مول وقصور وفيلات سكنية. ملف الشيتي متخم بالفساد الذي أزكم الأنوف، فقد قامت شركة رويال للتأجير التمويلي المملوكة لزهير جرانة وشريكه الشيتي باستخدام سلطات وزير السياحة في الضغط علي إحدي الشركات السياحية لنقل ملكية 5 سيارات لشركة رويال وهذه السيارات تقدر ب 22 مليون جنيه وإيقاف تراخيص الشركة لمدة عام وهو ما أضاع علي الدولة 70 مليون يورو قيمة حجوزات سياحية تم إلغاؤها بسبب تعنت الشيتي مع أصحاب الشركة. الفضائح لا تقف عند حد، فقد أراد أشرف الشيتي الاستحواذ علي توكيل سيارات إيطالي، فقام بعقد جمعية عمومية غير عادية، وقام فيها بتزوير توقيع مؤسس الشركة الرئيسي في محاضر مجلس الإدارة، بجانب محاضر الجمعية العمومية، كما قام بتزوير إقرارات صاحب التوكيل علي إقرارات تفيد تنازله عن حقوقه في الشركة لصالح شركة رويال المملوكة لزهير جرانة وفي جمعية عمومية قام بعزل الرجل واستولي علي الشركة تماماً وتقدر قيمتها ب 250 مليون جنيه وبرغم تقدم صاحب التوكيل الأصلي بعدة بلاغات ضد الشيتي تم حفظ القضية رغم أن تقرير الطب الشرعي أثبت تزوير جميع التوقيعات المنسوبة لمؤسسي الشركة ووصف التقرير إقرارات الجمعيات العمومية بالتزوير. كما قام الشيتي بوضع يده علي 90 ألف فدان في طريق مصر إسكندرية الصحراوي وهي »محمية طبيعية« حسب تصنيف وزارتي السياحة والبيئة، وهي لا تقدر بثمن وهذه المحمية تسمي »قبة الحسنة« وكلمة السر في إهدائه هذه المحمية الطبيعية هو زهير جرانة.. وذلك بعد أن ضغط وزير السياحة علي وزارة البيئة لإهدائها لابن خالته. وحتي يستحق محمد أشرف الشيتي لقب رجل صناعة الموت أكثر فقد أنشأ شركة (Engings) وهي شركة متخصصة في توريد السلام وهذا ليس محض افتراء، لكن هذا ما ذكرته مجموعة شوري، علي موقعها الإلكتروني، وذلك قبل أن يتم مسحه من علي الشبكة، ويرجع إنشاء هذه الشركة إلي حوالي ثلاث سنوات عندما كانت مملوكة لأحد الأشخاص وكانت تمارس أنشطة مختلفة، ومنذ سنة قام محمد الشيتي ومعه ماجد خليفة وهو صاحب سيارات »أوتو ماجد« ومعهما أحمد مبارك وهو عضو مجلس الإدارة وشركة رويال للتمويل التأجيري بتأسيس الشركة وازدهرت تجارة السلاح والمركبات الثقيلة وقاموا بتوريدها لوزارة الداخلية، ويقدر دخل هذه الشركة من الأرباح بمليار جنيه سنوياً، ومن هذه التجارة دخلت أيضاً سيارات الشرطة المصفحة وسيارات الأمن المركزي وبعض الأسلحة التي قتلت المتظاهرين وتقدر ثروة »بائع الأحزمة« بمبلغ يتراوح بين 25 و30 مليار جنيه، وبرغم ذلك لا يعرف عنه أحد شيئاً، سوي منع النائب العام لوالده من السفر، فهل يتحرك النائب العام لمنعه أيضاً من السفر قبل أن يخرج من البلاد فلا يعود، خاصة أنه غادر القاهرة الأسبوع الماضي إلي سويسرا للاطمئنان علي حساباته البنكية وعاد في وضح النهار دون أن يتنبه له أحد.