للموت جلال أيها الراحلون، ولنا من بعدكم انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر، وقد ترهق وقد تصفو، وقد تُضحك وقد تُبكي.. حتى يقدم بلا هيبة أو تردد، يختارنا واحداً تلو الآخر .. «لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». على الرغم من انتظار خبر رحيله منذ تعرضه لحادثه المفجع إلا أنني شعرت بأن رحيله مفاجأة مُرّة في الحلق، وانحسار لمدد الصحبة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني، وإذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها.. وفي هذا عزاء لي وأي عزاء!! وأني كلما خطرت على نفسي خواطر الرحيل، أو خطر ببالي راحل ترك الدنيا أحسن مما وجدها، أجدني أتذكر الصديق أيمن مصطفى وأستعيد عبارته «يا عم محمد خليها على الله، محدش بياخد أكتر من نصيبه»، وأشهد الله أن أيمن ترك الدنيا أحسن مما وجدها، فلم تكن حاجته وضعف حيلته في أول حياته ومراحل الإنهاك التي مر بها أو مرت به، إلا دافعاً جميلاً لصنع الخير عندما أدركته الدنيا .. وإن فيه خصلتين أقدرهما أكبر التقدير «كرامة النفس، ونُبل المقصد». لقد رحل أيمن عن الدنيا وهو زائد فيها، ولم يكن زيادة عليها، وقد تركها أحسن مما وجدها، فإلى أن نلتقي يا أصدق الأصدقاء دعواتي لك بالرحمة و«إنا لله وإنا إليه راجعون».