الجنة جعلها الله لعباده الصالحين وقال الشيخ عطية صقر رحمه الله عن انهار الجنة ان جاء فى القرآن الكريم وصف نعيم الجنة بأوصاف فيها بعض الغرابة ، بالنسبة لما نراه فى عالم الدنيا ، حيث تختلف طبيعة الأشياء ويختلف الحكم المنوط باستعمالها إباحة ومنعا ، فهناك زواج بلا تناسل ، وأكل وشرب بلا مخلفات وخمر بلا سكر ولا غول ، ولا لغو ولا تأثيم ، وهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والحق -كما قيل -أن كل ما خطر ببالك فالجنة على خلاف ذلك ، فقوانين الآخرة غير قوانين الدنيا، وقد يكون هناك تشابه فى الأسماء مع اختلاف المسميات شكلا وموضوعا كما يقولون ، قال تعالى {كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها} البقرة : 25 . وقد جاء فى القرآن الكريم أن فى الجنة أنهارا لم تعهد صورتها فى الدنيا كما قال تعالى {مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفَى} محمد: 15 ، وهى كلها مشروبات تهفو إليها النفس ، كثيرة لا ينضب معينها، طيبة لا يخشى فسادها ، هنيئة لا تخاف عاقبتها ، فالماء غير اَسن لم تتغير ريحه ، واللبن طازج لم يفسد طعمه ، والخمر لذيذة مستساغة ، والعسل نقى مصفَّى من الشوائب . ويجئ فى القرآن وصف هذه الأنهار بأنها تجرى تحت الجنة ، قال تعالى{مثل الجنة التى وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهار أُكلها دائم وظلها} الرعد :35 . فكيف يتصور أن تجرى الأنهار تحت الجنة ؟ إن الصورة الحقيقية لا يعلمها إلا الله سبحانه ، ومن أخبره بها، وسيعلمها علم اليقين من يتفضل الله عليه بدخول الجنة ، ولكن المفسرين حاولوا تقريب هذه الصورة بما يعهدونه فى الدنيا ، فقالوا : إن الجنات بساتين على ربوات عالية بقصورها الشاهقة وأشجارها السامقة ، والأنهار تجرى حولها منخفضة عند قاعدة الربوات ، والمعهود أن الأرض إذا كانت فوق مستوى الماء كانت أصلح وأطيب ، وفى الوقت نفسه توجد الفرصة لمن ينعمون بالجنات وغرفها العالية أن يتمعتوا بالنظر إلى هذه الأنهار بألوانها المختلفة . ذلك تصوير بالقدر المستطاع للعقل البشرى ، وليس فيه ما يخالف نصًّا قاطعا ولا حكما مقررا، ويكفينا من أوصاف الجنة ما جاء فى القراَن وثبت فى السنة ، وهو كاف لإغرائنا بالجد والعمل حتى نفوز بهذا النعيم ، وحتى نرى بأنفسنا كيف تجرى الأنهار من تحتها ، وقد صح فى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "بينما أنا أسير فى الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذى أعطاك ربك ، قال : فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر - أى فى أعلى الدرجات من طيب الرائح.