الفيلم الأمريكي المسىء للرسول ما هو إلا طعم يهودي جديد لتشتيت انتباه الشعوب العربية والإسلامية وصرفها عن طبول الحرب العقائدية التي يقرعها الصهاينة الآن وتنتشر كالنيران في الهشيم بين رواد الإنترنت وسط غفلة من المسلمين وقوى الربيع العربي التي انشغلت بالصراعات السياسية الداخلية على حساب الصراع الأيديولوجي الأساسي، ببعديه الإقليمي والدولي. واللوبي اليهودي نجح في توجيه موجة الغضب إلى واشنطن لتصفية حسابات سياسية مع إدارة أوباما من ناحية، ولتصدير القوات الأمريكية لتتولى هذه المعركة بالنيابة عن اليهود كما حدث في 11 سبتمبر 2001 من ناحية ثانية، أما مسرح المعركة الحقيقي فيجري الإعداد له في تل أبيب منذ فترة، فتحت عنوان «الوجه الآخر للرسالة المحمدية» نشر موقع إسرائيلي مقالا لكاتب يدعى جمال مزراحي، وعمل الموقع اليهودي على تمهيد الساحة العنكبوتية للترويج للفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال أكاذيب وادعاءات ليس لها أساس من الصحة. وكعادة اليهود دائما الصيد في الماء العكر، وأحيانا تعكير الأجواء لاغتنام الفرص، أطلق الموقع الاسرائيلي العنان لكتابه وقرائه لمهاجمة الاسلام والرسول، ليس هذا فحسب بل راح الموقع يبث سمومه باللغة العربية كنوع من التحدي للمسلمين ولضمان استمرار اشتعال الأزمة الدولية الراهنة، حيث جاء فيه بالحرف الواحد: الرسالة المحمدية أنها رسالة تكاد تقترب من المفهوم الدعائي, أكثر من كونها رسالة إلهية مقدسة، وبناءً على هذا الخطاب المحمدي التعبوي, حسب وصف الكاتب الصهيوني، دخل الكثير من العرب الإسلام دون أن يعلموا بأن محمد كان يتلاعب بالرسالة الإلهية, المكلف بنشرها ويستغل المكانة النبوية, التي أنيطت إليه من قبل الله والدليل على ذلك, لم يترك محمد مجالا لحرية الاختيار, التي أقرت في كل الأديان السماوية, فقد كان محمد يعلن الحرب العسكرية, على الأقوام غير المسلمة لمجرد عدم قبولها الدخول في دين الاسلام, وبعد دخول الكثير من العرب الوثنيين دين محمد, تحت تأثير غسيل المخ واللعب بالأعصاب, وجه محمد دفة دعوته الى اليهود والمسيحيين , وعرض عليهم نفس الإغراءات والامتيازات التي عرضها على بني قومه، ولكن الكثير من اليهود والمسيحيين، حسب زعم الموقع، لم يكونوا واثقين من نوايا محمد الحقيقية فرفضوا دعوته. ويواصل الموقع الإسرائيلي افتراءاته التي يجري تداولها منذ أسابيع دون أدنى مجابهة عربية وإسلامية على الشبكة العنكبوتية قائلا: هذا الأمر أجبر محمد أن يعيد حساباته مرة اخرى, وتبعا لذلك أمر محمد بتغيير قبلة الرب الموحدة (يروشلايم), جاعلا الكعبة قبلة يتوجه اليها المسلمون للعبادة, ناهيك عن التلاعب والتغيير بمواقيت الصلاة, وغيرها من الأمور التي تبدو في الباطن دنيوية المضامين, أكثر مما هي رسائل ربانية التنزيل وبعد أن تداعى إليه الكثير, من الأتباع والمؤيدين أعلن محمد الحرب الشاملة على اليهود والمسيحيين, مع العلم بأنه لم يلق منهم أي أذى مثل ما لاقاه من بني قومه. ويواصل الكاتب اليهودي إهانته لرسول البشرية في غفلة منا جميعا قائلا: المتتبع لتاريخ الدعوة الإسلامية سيجد بأن محمد كان رجلا دعائيا ذكيا فاق بذكائه غوبلز وشرام, رغم أنه راع وأمي بحيث إنه لم يعلن عن دعوته, حال نزول الوحي إليه بل انتظر وقتا يكون الناس فيه, مستعدين لتقبل فكرة الدين الجديد, أكثر هذا أولاً. أما ثانيا: الدعوة المحمدية ما كان لها أن تنجح وتستمر, لولا وجود الأمية والجهل الذي كان سائدا في الجزيرة العربية وذلك لأن العقلية البدوية, كانت تتماشى مع أية فكرة خصوصا اذا كانت روحية تستهدف المشاعر. ويذهب الموقع اليهودي في إساءته للرسول إلى أبعد من هذا، مدعيا بأن «محمد» تمكن من تطبيق نظرية صموئيل هنتنجتون (صدام الحضارات والبحث عن العدو) بشكل يدعو إلى الدهشة, فقد اختلق محمد أعداء وهميين كي يجد تبريرا لاستمرارية دعوته وكسب أتباع أكثر فأكثر, فظن المسلمون في ذلك الوقت بأن اليهود والمسيحيين هم أعداء, يجب قتالهم. ويلخص الكاتب الصهيوني رؤيته المضللة كالتالي: «الحديث عن الرسالة المحمدية على أنها رسالة إلهية, هو حديث خاطئ ولا يلقى القبول رغم أن هذا الرأي, لا يروق للعالم الإسلامي فالقرآن أعاد جمعه, وترتيبه عثمان بن عفان بناءً على وصايا رسوله الكريم,! والحديث النبوي الشريف عبارة عن إيماءات وافتراضات, مأخوذة اصلا من القرآن (الذي دونه عثمان), أما الحديث عن الإسلام بأنه دين الحق ومن يبغي غيره فهو من الخاسرين, فلا يسعني إلا أن أترك الحكم للأجيال القادمة, ليعيدوا كتابة التاريخ من جديد بعد أن شوهه الصحابة والتابعون وأتباع التابعين!». إلى هنا انتهى رأي الكاتب الصهيوني، ولكن سموم الموقع الاسرائيلي لم تتوقف حيث طرح هذه الأفكار المضللة للتداول والتعليق بين القراء، وأتصور أنه آن الأوان كي يتخلى الأزهر ومنظمة المؤتمر الاسلامي عن سياسة الشجب والإدانة التي لم تعد تجدي وأن يبادرا بتصحيح المفاهيم المغلوطة والتصدي للأكاذيب اليهودية المنتشرة على الإنترنت من أشباه هذا المقال الذي يتطاول على الرسالة المحمدية بصورة لا تقل إساءة عن الفيلم الأمريكي المشبوه، وأن تصر الدول الإسلامية على استصدار تشريع دولي يجرم معاداة الإسلام على غرار قانون معادة السامية الذي يتحصن خلفه اليهود.