وضع الأمن الجزائريإقليم أزواد المنفصل من جانب واحد عن دولة مالي ضمن أهم الأولويات المرتبطة بالأمن القومي الجزائري، حيث تعمل المخابرات الجزائرية على مراقبة الإقليم الذي تسيطر عليه الجماعات الجهادية منذ 6 أشهر. وقال مصدر أمني لصحيفة "الخبر" الجزائرية اليوم الأحد إن إقليم أزواد تحول إلى أحد أكثر بقاع العالم استقطابا لأجهزة الأمن والمخابرات الدولية، حيث تراقب 5 دول غربية الإقليم من الجو ومن الأرض بواسطة طائرات الاستطلاع وأجهزة التنصت والمتعاونين معها. ودخلت الجزائر على خط المراقبة الأمنية الدقيقة لإقليم أزواد بواسطة مختلف الوسائل لمنع وإجهاض أي اعتداء إرهابي تخطط له الجماعات الجهادية المتمركزة في الإقليم ضد الجزائر. واعتبر متابعون للوضع هذا التحرك الجزائري بأنه مقدمة لتوجيه ضربات استباقية ضد تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وجماعة "التوحيد والجهاد" ردا على الاعتداء على القنصلية الجزائرية في غاو واغتيال نائب القنصل الجزائري. ويحاول رجال الإستخبارات تحديد ما إذا كانت الولاءات القبلية في المنطقة قد تغيرت ومدى سيطرة الجماعات الجهادية على المدن والتجمعات السكنية، وتطور القدرات القتالية لهذه الجماعات وعلاقاتها الخارجية. ويعمل على هذا الملف العشرات من ضباط الأمن المتخصصين في شؤون الساحل بالتنسيق مع وحدات الاستطلاع التقنية والتنصت. وقال المصدر إن خمس دول غربية هي الولاياتالمتحدة وفرنسا إسبانيا إيطاليا وبريطانيا، تركز نشاطاتها التجسسية على الإقليم تحضيرا لعمليات عسكرية قد تشنها وحدات عسكرية من دول تجمع "إكواس" الإفريقية في المنطقة. وضمن هذا السياق، تشهد مناطق بشمال مالي والنيجر تحليقا مكثفا وغير مسبوق لطائرات الاستطلاع والمراقبة الإلكترونية. ولمواجهة الوضع الجديد أصدرت وزارتا الدفاع والخارجية قرارا مشتركا، حدد شروطا لتحليق طائرات الدول الأجنبية وهبوطها في الأراضي الجزائرية بسبب الوضع المتدهور في شمالي مالي. وينص القرار الوزاري المشترك الصادر في العدد 42 من الجريدة الرسمية على منع الرحلات التدريبية والتزود بالوقود جوا وإقصاء الطائرات القتالية والاستطلاعية والمختصة في الحرب الإلكترونية والمروحيات من الرخصة الدائمة للتحليق. وتضمن القرار مجموعة من الإجراءات تخص تقديم طلبات رخص تحليق الطائرات الأجنبية في فضاء الجزائر وهبوطها على ترابها، مرفقا باستمارة الطلب يحدد فيها المعنيون بالرحلة، إن كانوا ينقلون شخصيات على درجة كبيرة من الأهمية، وأن يقدموا إشعارا بذلك قبل 48 ساعة من الرحلة، وإن كانوا ينقلون أشخاصا أو مواد ''غير الحساسة''، أو نقل مساعدات إنسانية خارج الجزائر، أو كانت الرحلة للصيانة التقنية أو هي لإجلاء أشخاص لعلاجهم. وورد في النص ''إجراءات خاصة''، أهمها أن الدولة الأجنبية مالكة الطائرة عليها أن تمنح مبدأ المعاملة بالمثل لطائرات الدولة الجزائرية، ومنع التزود بالوقود جوا وتحليق الطائرات الحربية إلا بصفة مؤقتة. وشدد القرار على أن المعلومات التي تطالب بها وزارتا الدفاع والخارجية، لن تؤخذ بعين الاعتبار إن كانت ناقصة. وقد قررت قيادة القوات الجوية تحويل عدد إضافي من الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية وطائرات النقل العمودية إلى قواعد جوية في ولاية تمنراست على الحدود مع دولة مالي، كما نقلت طائرات عسكرية ضخمة معدات تابعة للقوات الخاصة إلى تمنراست، ووحدات من قوات التدخل الخاصة. وكشف مصدر أمني رفيع بأن حالة الاستنفار القصوى تسود الحدود الجنوبية المتاخمة لمالي منذ عدة أشهر، توحي بأن كل الإجراءات العسكرية للجزائر والدول الغربية المتخذ في الحدود الجنوبية باحتمال تنفيذ عمليات خاصة في شمال مالي ضد أهداف لتنظيم "القاعدة" وجماعة "التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا". وتعمل منذ عدة أشهر وحدات مراقبة جوية كاملة تابعة لقيادة القوات الأمريكية في إفريقيا على مراقبة أجواء الساحل. ونقلت الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وحدات مراقبة واستطلاع جوي كبيرة في الأشهر الماضية للعمل في مراقبة مناطق صحراوية أهمها الحدود النيجرية-الليبية التي يشتبه بأنها الممر الرئيسي لتهريب السلاح من ليبيا، والصحراء الصخرية بين مالي والنيجر الممتدة من أدغاغ ايفوغاس إلى غاية أرليت النيجيرية التي تسمى تورا بورا الصحراء، وصحراء الجوف وعرق الشاش بين موريتانيا ومالي. وتعمل طائرات استطلاع أمريكية على مسح هذه المناطق باستمرار في إطار التحقيق حول تهريب السلاح الليبي، كما أن القوات الجوية الفرنسية دعمت طائرات الاستطلاع المتمركزة في الصحراء الكبرى في تشاد وليبيا بطائرات بعيدة المدى من نوع ''إيتان'' التي تصنع في شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية وتخدم في القوات الجوية الفرنسية، ويصل مدى هذه الطائرة إلى 4000 كيلومتر، ويمكنها بالتالي تغطية الصحراء الكبرى في مهمات مسح ومراقبة جوية.