برامج رمضان هذا العام لا تقل هبوطا وتراجعا في المستوي والمضمون عن حال الدراما الرمضانية، حيث اعتمدت معظمها علي أفكار قديمة ومكررة في الشكل والمضمون مع اختلاف الأسماء واعتمدت أيضا علي نفس الوجوه والضيوف المكررة والمستهلكة ونفس الأسئلة ونفس الأجوبة، ولعل أكثر سخافة وتفاهة ما يسمي ب«الحكم بعد المزاولة» و«مراتي في ورطة» ومع أن برنامج «كرسي في الكلوب» لمذيعة مخضرمة لكنه وقع في فخ التجميل والمجاملة لمصادر وعلاقات المذيعة مع الاختلاف بظهور شخصيات في مجال رجال الأعمال هذا العام بينما لم يختلف برنامج «لا تراجع ولا استسلام» إلا في شكل الأسئلة مع استمرار تكرار الضيوف. ورغم كثرة البرامج الإنسانية التي هي سمة شهر رمضان من كل عام نستطيع أن نقول إن طارق علام استطاع أن يعيد رسم خريطة هذه البرامج الإنسانية ويثبت أنه مازال صاحب كلام من دهب بعد أن أضاف تطورا ملموسا علي البرنامج هذا العام باستحداث فقرات تجمع بين الإنسانية والمساعدات، وكشف النقاب عن البشر المهمشين الذين لا يشعر بهم أحد في مصر وغابت عنهم شمس العدالة، اقتحم طارق علام بجرأة عالم العشوائيات والذين يعيشون في الظل والضنك ونجح في عمل وصلات إنسانية وصرخات مدوية تكشف الإهمال المتراكم علي مر السنوات لهؤلاء البسطاء، وأدخل عليهم الفرحة إما بالمساعدات المالية أو الإنسانية والعينية وساهم بالبرنامج في تقديم 150 رحلة عمرة و150 جهاز عروس و150 مشروعا صغيرا ونجح في أن يحول البرنامج لمؤسسة اجتماعية وإنسانية وطبية. وتخطي البرنامج هذا العام كل الحدود ونجح مقدمه في اتمام جلسات صلح فشلت فيها الحكومة والداخلية في وأد نار الثأر والفتنة الطائفية ونجح في أن ينسج خيوط الرحمة في قلوب المتنازعين والمتناحرين بعد أن أقنع الشرطة والمسئولين بدوره ليدعموه فيما عصي عليهم فعله، ونجح علام في إتمام مراسم صلح وقضايا ثأر في البدرشين ودهشور وكشف النقاب عن حالات إنسانية تدمي القلوب في الشهر الكريم، أدخل عليها البسمة والفرحة وكشف علام في البرنامج عن أن الشارع المصري مازال بخير رغم كل الفوضي الأخلاقية والمرورية والإنسانية في الشارع بدون تصنع وفبركة وفذلكة.. نزل الشارع بفريق عمله وسط الناس والشارع بدون حراسة أو أحد يحمي كاميرات برنامجه مثلما تفعل الأخريات بتصنع ودموع زائفة ليس لمجرد جذب المشاهد بالعافية ومثل هذا البرنامج يحتاج لدعم حكومي وإعلامي، لأن آلاف البسطاء والفقراء والمحتاجين والمهمشين بحاجة لمثل هذه النوعية من البرامج التي أعادت البسمة علي وجوههم في ظل غياب تام للمسئولين والحكومات المتعاقبة ونتمني أن يكون هذا البرنامج أحد أدوات تليفزيون الدولة ومؤسساتها لدعم أواصر الترابط الإنساني في ظل حالة الاكتئاب التي يعيشها الشعب. ولعل أفضل إضافة في برنامج «كلام من دهب» هو فقرة «المال السايب» التي كشف فيها البرنامج النقاب عن مشروعات حكومية مهملة ومتوقفة بمليارات الجنيهات تحتاج لوقفة، ونجح كذلك في تحريك بعض الجهات مثل المحافظات والأحياء في التعامل مع هذه المشاكل ودعم القري الفقيرة.