من منا لم يهتز من الأعماق مع بيان القوات المسلحة المصرية قرب عصر الاثنين الماضي الذي نعى الدماء الزكية العطرة التي سالت من جنودنا الأعزاء في سيناء؟ هذا الحادث الجبان كما وصفه الرئيس محمد مرسي بحق أتمنى من الله تعالى أن يقود لتجميع القوى الوطنية المصرية كلها صفاً واحداً خلف القيادة المصرية رئيساً وجيشاً، ففي الساعة السابعة من مساء الأحد السابع عشر من رمضان الحالي الموافق الخامس من أغسطس قام عشرات من معدومي الضمير بل البشرية بالهجوم على عناصر من قواتنا المسلحة فيما هم يرتشفون قطرات الماء للمرة الأولى خلال نهار طويل، يعد أطول نهار في الصيام في مصر، إذ إن نهار رمضان لهذا العام أطول نهار على مدار العام، وفي أعز مكان من مصر، في نقطة حدودية لدى معبر رفح وبقرب الكيان الصهيوني الحقير، خرج عليهم من اغتالهم وترك ثلاثة منهم ما بين الحياة والموت. ويبدو أن القراءة الأولية للمشهد الدامي قالت بأن منفذي الحادث ممن العناصر المتطرفة دينياً، ومع عدم إقراري بهذا، ولا بإعلان إسرائيل مقتل سبعة من العناصر المدبرة، ولا ما يمكن أن يكون مسرحية متقنة، رغم عدم إيماني المطلق بنظرية المؤامرة، إلا أن كون المعتدين اخذوا مدرعة ليهاجموا االكيان الصهيوني يضع أسفل الخبر مليون خط من الشك على الأقل. قد يكون لقواتنا المسلحة عبر المجلس الأعلى لها حق في نبرة البيان الأكثر من قوية والتلميح بأنه (أياً ما كان المتسبب في الحادث الغاشم) والتلميح بقدوم قوات من غزة أو ما شابه، والتطرف عموماً، إن صح القول، لا دين ولا عنوان ولا ملة له، ولكن ما جرحني ما هو أكثر إذ فهمت أن أصابع الاتهام لن ترحم أحداً، وهو للحقيقة ما لم أكن أحب إعلانه بخاصة مع ما في الصدور من ألم، نعم أحببت القول بأن الحادث اغتال إخواننا في رمضان، لكن لم أحب القول بأن هذا حدث بينا مصر تمر بظروف دقيقة، وتكرار هذا، إن مصر لن تمر بظروف دقيقة حينما نتفهم السبب لهذه الظروف، إنني لا أحب الإكثار من القول على قواتنا المسلحة في هذا الظرف الدقيق فإنما هم لحمنا ودمنا وترياق حياتنا ودرعنا وملاذنا ضد العدو الحقيقي الكيان الصهيوني، ولكني لا أحب لهم أن يتطرقوا للقول بأن الفاعل، أياً من كان، وكأن هناك علامات اتهام للجميع. أعلن الدكتور مرسي الحداد، وأدرك أن المقصود إفشال محاولاته رأب الشأن المصري، وللحقيقة فكان الله في عون الرئيس، ولكم تمنيت ودعوت له الثبات على الدوام وسط التيارات الشديدة التي تتنازع بلدنا، ورغم الحادث الأخير إلا إنها فرصة حيقية للحقيقة لرأب الصدع ولإدراك قواتنا المسلحة ضرورة تفرغها لإدارة أمر الحفاظ على حدودنا والذود عنها، وأن يتطلع الكبار منهم للدور الأكثر شرفاً في حياة الأمة كلها، فما السياسة وما مكاسبها إن استمر سفك دمائنا على الحدود الصهيونية يا سادة؟ وأمنى أن يكون البيان يضع أصبعه الأكبر في عين الكيان الإسرائيلي الغادر بدلاً من أهل غزة أو بعضهم. إن سوء إدارة أمور بلادنا على مدار عشرات السنين هو ما دفع بهؤلاء لفعل ما يفعلون، اياً من كانوا، فما سمعنا بأحداث كهذه قبل 1952م، وعند الحديث عن الحقائق أتمنى ألا تفهم كلماتي خطأ، بل متى يتم رأب الصدع ويتفرغ جيشنا لأمور الخارج ويكف عن الاعتقاد بأن امر الداخل محمل عليه في نفس الوقت، لقد كان الكيان الصهيوني الغاشم يفعلها في عهد مبارك فيما الصمت يلف الجميع، ولا نريد اليوم للكلمات أن تتناثر فيما الصمت عن الفعل قريننا، من يرحم بلادنا إن تكرر نفس الفعل لا قدر الله تعالى. اللهم احفظ بلادنا في هذه الأيام الكريمة المباركة واحم سوريا ومسلمي ميمار وقواتنا المسلحة لتبقى درعاً لأصحاب الحق اللهم آمين.