وأنا أكتب هذا الكلام خطر في بالي منظر اللوحة الرخامية التذكارية الضخمة التي كانت تتصدر مدخل مجلس الشوري من ناحية باب الشئون الاجتماعية، بمناسبة الترميمات التي تمت في المجلس بعد الحريق الشهير وتحمل اسم مبارك وتحته صفوت الشريف الذي حمل علي عاتقه مسئولية ترميم المجلس التي قامت بها شركة المقاولون العرب برئاسة المهندس إبراهيم محلب المرشح وزيراً للإسكان في حكومة الدكتور قنديل. اللوحة كانت قطعة فنية من خامات نظيفة وخطوط واضحة باللون الأسود علي أرضية بيضاء، وظلت ملفوفة بقماش نظيف وورق أبيض، وتم تعيين حراسة أمنية عليها، وكان الشريف يمر عليها كل يوم، ويصدر التعليمات للأمن بالاعتناء بالفراغات الأرضية حول اللوحة وتلميع البلاط والاعتناء به، والاهتمام بالنافورة التي تتوسط البارك المواجه لباب الشئون انتظارا لزيارة السيد الرئيس لإزاحة الستار عن اللوحة واعلان افتتاح مجلس الشوري في ثوبه الجديد بمناسبة النافورة فقد تم هدمها وإقامتها عدة مرات، مرة علي الطريقة الفرعونية، ومرة علي الطريقة الأوروبية ومرة الطريقة الصعيدية وفي الآخر تم تكسيرها وإلقاؤها في الزبالة وجاء مبارك وافتتح تجديدات الشوري الذي مازال حريقه غامضا حتي الآن بعد أن تردد أن خلافات الشريف وسرور وراء هذا الحريق الذي دمر جزءا هاما من تاريخ مصر من مضابط ومخطوطات تاريخية ومبان أثرية، ولم تعرف حتي الآن قيمة الخسائر، وقيمة التجديدات التي تبلغ الملايين. أزاح مبارك الستار وظهرت اللوحة الضخمة وصفق المنافقون، وانصرف مبارك ومسحت هذه الزيارة آثار غضب مبارك علي الشريف وسرور اثناء زيارته للمجلس وقت الحريق وشاهد الدمار الشديد الذي لحق بمباني المجلسين، وتبادل الشريف وسرور الاتهامات واستطاع سرور أن يلصق التهمة بمجلس الشوري بأنه مصدر الحريق، وفي هذا اليوم سقط الشريف علي الأرض اثناء قيامه بجولة داخل المبني لتفقد آثار النار التي التهمت معظم المكاتب الرئيسية والأجهزة، وشرب الليمون في المكتب! وكما كنت شاهدا علي مجد اللوحة التذكارية عندما كان مبارك يشد الخيط لتظهر عبارات النفاق والهلس والجميع من حوله في حللهم الزاهية يصفقون ويهللون شاهدت سقوطها عندما صدرت التعليمات إلي العمال بإزالة اللوحة عقب سقوط مبارك، ولم يقم العمال باستخدام التقنية للحفاظ عليها سليمة ووضعها في المخازن بل قاموا بتحطيمها بالفئوس، وهم يتصايحون «يسقط.. يسقط حسني مبارك» وتحولت اللوحة في دقائق إلي كومة تراب وبعد أيام من المرور عليها بالنعال قام العمال بتعبئتها في أكياس بلاستيك، وجاءت سيارة الزبالة لرفعها والقائها في المزبلة.. كما ذهب مبارك إلي مزبلة التاريخ!! وهذا الكلام الذي أكتبه وبدأته بهذه المقدمة الطويلة عن لوحة النفاق في مجلس الشوري هو بمناسبة ما قرأته في صحيفة الأخبار بعدد أمس الأول «الأحد» عن استياء بعض اعضاء حزب الحرية والعدالة بالوادي الجديد من المحافظ اللواء طارق المهدي لتجاهله اسم الرئيس محمد مرسي علي اللوحة التذكارية لافتتاح 43 مشروعا بالمحافظة، وقام اللواء المهدي بوضع اسمه فقط علي اللوحة، كما ظهر في الصورة المنشورة مع الخبر. وقال الخبر إن هيئة المكتب السياسي للحزب بالوادي الجديد تدرس تصعيد الموقف ضد المحافظ، ويتساءلون هل سقط اسم الرئيس سهوا من اللوحة أم أن المحافظ يقصد عدم تخليد اسم الرئيس وأن يذكر أن هذا المشروعات تمت في عهده وأنا أحيي اللواء طارق المهدي علي انجاز هذه المشروعات مهما كان حجمها صغيرا وأثرها محدودا، المهم أنها تخدم فئات تحتاج إليها، في حل مشاكلهم وأقول لأعضاء الحرية والعدالة إن الرئيس مرسي يرفض هذه المظاهر، وطلب عدم تعليق صوره في المكاتب، ولا يضايقه عدم وضع اسمه علي لوحة تذكارية، ولا يحب - كما اعتقد - النفاق.. اللوحات مصيرها إلي زوال، وما ينفع الناس يمكث في الذاكرة ويسجل في كتب التاريخ بأحرف من نور.