استأت جدا من تصريحات رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة التي أدلى بها أول أمس لليوم السابع، أبوهشيمة للأسف مازال يعيش بذاكرة الاقتصاد الفاسد الذى كان تأخذ به بطانة النظام السابق، والذي يقوم على الاحتكار والدهس على رقبة المواطنين، وفرض السلع عليه بالسعر الذى يحدده، أو كما يقولون بلغة البلطجة الاقتصادية:" هى دى أسعارنا واللى مش عاجبه يخبط رأسه فى الحيط". الأخ أبو هشيمة طالب وزير الصناعة القادم بان يقوم بفرض رسوم جمركية على الحديد المستورد، لماذا؟، لكي يحمى المنتج المحلى الذى يحتكره هو وأحمد أبو العز وآخرون، وأبوهشيمة لم يقف في تصريحه عند فرض الرسوم فقط، بل قام بتحديد نسبة الرسوم التي يجب أن يفرضها الوزير القادم، ألا تقل عن 22% على غرار تركيا وأوكرانيا وروسيا. هذه التصريحات جاءت على هامش حفل الإفطار الذي نظمته جمعية "ابدأ" التى أسسها حسن مالك رجل الأعمال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين. وأبو هشيمة هو رئيس مجموعة حديد المصريين إحدى القلاع التي كانت تحتكر حديد التسليح فى عهد النظام السابق، وكان أحمد عز هو قائد عمليات الاحتكار بالإضافة إلى آخرين، وللأسف الشديد كانوا قبل الثورة لا يحتكرون السوق فقط، بل احتكروا كذلك القرارات والقوانين الخاصة بصناعة واستيراد الحديد، وتعاملوا بمنطق:" مش عجبك السعر اخبط رأسك في الحيط، ومطرح ما تحط رأسك حط رجليك"، وباعوا طن الحديد بأسعار تفوق المستورد عدة مرات. وهذه السياسة الفاسدة التي تزعمها أحمد عز كانت لها آثارها السيئة والفاسدة على السوق وعلى المواطن المصري بكل شرائحه، فارتفعت أسعار الشقق بشكل يفوق طاقة المواطنين، ووصلت أسعار الشقق التي تناسب أسرة متوسطة حوالي نصف مليون جنيه، من أين يأتي موظف أو مدير أو وكيل وزارة أو وزير(إن لم يكن مرتشيا) بنصف مليون جنيه لكي يشترى شقة؟، وإذا كان هذا حال الطبقة المتوسطة، فما هو موقف الشرائح الأدنى؟، عندما اشتكى المواطنون من ارتفاع الأسعار، وأكدوا أنها تفوق طاقتهم وقدراتهم وطموحاتهم، قيل لهم: طن الحديد بثمانية آلاف جنيه، والأسمنت وصل الطن ستمائة جنيه، وأكتشف المواطن انه لو قضى حياته يدخر من راتبه لن يوفر ثمن الشقة، وهو ما زرع اليأس فى قلوب شبابنا وأظلم الدنيا فى عيونهم، فالمستقبل لم يعد ملكا لهم. وأذكر منذ ثلاث سنوات ربما أكثر اتصل بى أحد المستوردين يستغيث بوقف استيراد الحديد، وحكي لي ان الحديد في الخارج أفضل وأرخص فى السعر، حتى بإضافة قيمة شحنه إلى مصر، واندهشت ساعتها: إذا كان المستورد أجود وأرخص فلماذا نشترى المحلى؟، ولماذا المحلى أغلى وأردأ؟، وكتبت أيامها اطلب بفتح السوق، لكن للأسف لا حياة لمن تنادى، فزواج السلطة والمال كان فى أقصى درجات فساده. تصريح أبوهشيمة يذكرنا بهذه الأيام السوداء، فالرجل مازال يعيش بنفس آلية السوق التى ظهر وترعرع بها، ومن حقه ان يطالب لكن ليس من حق أحد ان يعيد البلاد إلى الاقتصاد الفاسد مرة أخرى، والفساد هذه المرة سوف يكون بشرع الله، فجمعية ابدأ التى هرول إليها أبو هشيمة وغيره من رجال الأعمال، قد تكون البوابة لنوع جديد من الفساد الاقتصادى، وهو زواج السلطة والمال والدين، بعد ان كان فى عصر مبارك: سلطة ومال، أضيفت الديانة فى زمن الإخوان، وأصبح زواج السلطة والمال بشرع الله وعلى سنة رسوله الكريم. لذا يجب أن نتصدى جميعا لأى زواج، كان بين المال والسلطة فقط، أو بين المال والسلطة والدين، مصر لم تعد فى حاجة لهذه النوعية من الزواج الفاسد، ولا فى حاجة إلى رجال أعمال يرفعون هذه الشعارات، بعد الثورة لن نخبط رأسنا فى الحيط، ولن نضع رأسنا مطرح رجلينا، ولن نوافق على قرارات وقوانين احتكارية، وعلى حكومة الإخوان أن تعيد النظر فى الزواج الفاسد بين السلطة والمال، ونحذر من خطورة زواج الدين بهما، فقد قامت الثورة بسبب زواج السلطة بالمال، فما بالك بزواج الدين بهما؟.