ليس من حق أحد الاعتراض على سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين من يشاء رئيساً للوزراء أو وزيراً، وطبقاً للمادة «56» من الإعلان الدستورى، فإن رئيس الجمهورية يتولى سلطة تعيين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم واعفائهم من مناصبهم. وإذا كان الشعب وخاصة رجال السياسة والمثقفين يعلمون ذلك فلماذا قامت الدنيا منذ إعلان الرئيس محمد مرسى عن اسم الدكتور هشام قنديل المكلف رئيساً للوزراء؟ كما أنه هل مطلوب من الشعب أن يجلس مثل الأطرش فى الزفة يتفرج فقط؟! أولاً إن ثورة 25 يناير أزاحت الستار السميك الذى كان بين الحاكم والمحكومين، وأصبح من حق الشعب أن يعرف كل كبيرة وصغيرة يفكر فيها الرئيس قبل تنفيذها، فالشعب هو مصدر السلطات فلايمكن تجاهله عند اتخاذ القرارات المهمة، كما أن زمن الشعب آخر من يعلم قد ولى دون رجعة بعد أن سقطت الأقنعة وأصبح كل شىء على المكشوف. من هنا فإن الواجب على الرئيس مرسى أن يطمئن الشعب على مسوغات تعيين الدكتور هشام قنديل رئيساً لوزراء مصر، مطلوب أن نعرف جه ليه؟ وفى المقابل فإن كل التقدير والاحترام للدكتور هشام قنديل ونتمنى له التوفيق لكن نحن نعلم أنه الأقرب فكرياً إلى جماعة الإخوان، وهناك مخاوف من أنه سيكون واجهة يحركها مكتب الإرشاد من وراء ستار، هناك خلل فى اختيار رئيس وزراء يفتقد إلى الخلفية الثقافية والسياسية، ولا يملك علاقات بالطبقة السياسية وليس له انجازات فى تخصصه نريد أن نعرف من الذى حدد طبيعة التكليف هل الرئيس مرسى أم حزب الحرية والعدالة أم مكتب الإرشاد؟ وهل سيرشح الشاطر نائباً لرئيس الوزراء ليكون هو رئيس الوزراء الفعلى ويعيد هيكلة الجهاز الإدارى ليكون جميع موظفيه من الإخوان؟ المصريون لدغوا من جحر السياسة مرات عديدة ولن يبصموا بعد ما عانوه من النظام السابق على بياض، مبارك الرئيس السابق صدق على عقد زواج المال بالسلطة، وأتى بوزير الاتصالات المغمور احمد نظيف رئيساً للوزراء فى مفاجأة لم يتوقعها المحترفون فى السياسة وفرضه على الشعب لرعاية ثمرات زواج المال بالسلطة وفى مقدمتها التوريث، والرئيس مرسى كان يفكر فى رئيس وزراء مستقل عن جميع التيارات والأحزاب، ثم سمعنا أن هناك اتجاهاً لاختيار رئيس وزراء له خلفية اقتصادية لديه خبرة فى التعامل مع الاستثمار، والملفات النقدية لحل مشاكل مصر الاقتصادية الطاحنة، وأن يكون له فكر سياسى وملمس مع السياسة، وكما قال الدكتور أيمن نور: كنا ننتظر خبرة مالية فجاءت خبرة مائية! أمريكا رحبت بالدكتور هشام قنديل وتتطلع للعمل مع حكومته، هناك علاقة تربطه بأمريكا فقد حصل على الماجستير والدكتوراه من إحدى جامعاتها مثل الدكتور مرسى، قد تكون بركة أمريكا قد حلت على الدكتور قنديل فنقلته إلى رئاسة وزراء مصر بعد عام من توليه وزارة الرى فى 21 يوليو الماضى. الدكتور ياسر على المتحدث باسم رئيس الجمهورية قال: إن الدكتور قنديل شخصية مستقلة وقادر على إدارة المشهد الراهن بكفاءة ولا ينتمى إلى أى تيار سياسى بعد أو قبل الثورة. هناك ذعر داخل جماعة الإخوان من ثبوت انتماء قنديل إليها، لأن الجماعة تريد أن تصدق مرة واحدة بعد أن كذبت مرات عديدة، وخالفت وعودها وإن كان الدكتور قنديل ليس عضواً رسمياً فى الجماعة أو حزبها، فإنه إخوانى الهوى ولن يخرج من عباءة الإخوان سيكون فى الواجهة لتنفيذ برنامج المائة يوم لحل الخمس قضايا التىأضاف إليها قنديل مشكلة المياه فإذا نجح فقد نجح الإخوان وإذا فشل فقد فشل قنديل ويتم تغييره. بالمناسبة رئيس الوزراء المكلف بشرنا بوزارة مستقلة لمياه الشرب والصرف الصحى، ونخشى أن يتحول شعار من إذا أردت قتل قضية شكل لها لجنة إلى أنشئ لها وزارة. وواضح أن رئيس الوزراء يعرف فى الواجب، فإنه يحاول رد الجميل سريعاً إلى الدكتور مرسى، وبدأ مشاورات مع الدكتور عاطف رضوان عميد كلية طب الزقايق لتكليفه بحقيبة الصحة، ولكنه أى رئيس الوزراء سيكون يواجه أول أزمة سيدفع ثمنها غالياً، وسيكون وراءها الدكتور حسن البرنس والدكتور محمد البلتاجى اللذان يتصارعان على وزارة الصحة، وزار البلتاجى الرئيس مرسى بدون ميعاد أو دعوة ويتردد أن الأخير اعتذر للاطمئنان على اختياره للمنصب، وعندما سأله الصحفيون عن أسباب الزيارة قال: كنت معدى وقلت أسلم على الرئيس قبل صلاة العصر، مما دعا الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية والنائب السابق أن يتساءل: هو القصر الجمهورى تحول إلى دوار العمدة؟!