التعليم تطالب المديريات بضرورة الصيانة الشاملة للمدارس، ودخول 100 ألف فصل للخدمة على مستوى الجمهورية    قصة المدارس الدولية وخطورتها على الأمن القومى    دفعة كبيرة للصناعة    جو بايدن: نعمل على السماح للسكان في شمال إسرائيل وجنوب لبنان بالعودة إلى منازلهم    انطلاق مباراة الزمالك والشرطة الكيني بالكونفدرالية    وسط تعليمات مشددة، انطلاق الدراسة في المعاهد الأزهرية غدا    الجناح المصري في معرض Leisure السياحي بموسكو يحصل على جائزة «الأفضل»    نتنياهو يؤجل زيارته للولايات المتحدة بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط    إعلام فلسطيني: 13 شهيدا فى غارة إسرائيلية على منزلين برفح الفلسطينية    قصائد دينية.. احتفالات «ثقافة الأقصر» بالمولد النبوي    خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت 80 مليون خدمة مجانية خلال 50 يوما    تفاصيل التحقيق مع صلاح الدين التيجاني حول اتهامه بالتحرش    أحدث ظهور لبيومي فؤاد.. طرح الإعلان الرسمي لفيلم "بنسيون دلال" استعدادًا لعرضه مطلع أكتوبر    طرح الإعلان التشويقي لفيلم "دراكو رع" تمهيدا لعرضه تجاريا    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    على رأسهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا للجولة الخامسة من فانتازي الدوري الإنجليزي    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    ضوابط شطب المقاول ومهندس التصميم بسبب البناء المخالف    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    أرني سلوت يصدم نجم ليفربول    بالصور- 500 سائح يستعدون لمغامرة ليلية على قمة جبل موسى من دير سانت كاترين    فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم تمويل قرض بقيمة 35 مليار يورو لأوكرانيا    خبير يكشف تفاصيل جديدة في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية بلبنان    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    "بداية".. قافلة طبية تفحص 526 مواطنًا بالمجان في الإسكندرية- صور    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    البورصة المصرية تربح 22 مليار جنيه خلال أسبوع    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    البيت الأبيض: الجهود الأمريكية مستمرة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    لجنة "كوبرا" بالحكومة البريطانية تبحث تطورات الوضع فى لبنان    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    معلق مباراة النصر والاتفاق في الدوري السعودي اليوم.. والقنوات الناقلة    حبس سائق ميكروباص تسبب في مصرع طالبة بعد دهسها في أبو النمرس    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العزب الطيب الطاهر يكتب:بين يوليو 1952 ويناير2011
نشر في الوفد يوم 23 - 07 - 2012

من المفارقات التي تبعث على الارتياح أن يتزامن - اليوم بالتمام والكمال -مرور ستين عاما على قيام ثورة يوليو 1952 بقيادة مفجرها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مع بدء مرحلة جني بعض ثمرات الخامس والعشرين من يناير 2011.
التي استندت شعاراتها وهتافاتها إلى الأهداف ذاتها التي طرحتها يوليو بل إن كثيرا من الشباب الذي أسهم في تفجير ثورة يناير كان يرفع صور ناصر مضمومة إلى الصدور وثمة أغنيات وطنية من زمنه الثوري المدهش - خاصة لعبد الحليم حافظ – كانت تتردد في جوانب ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة هادرة بأحلام الجماهير في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
ومع ذلك لم يتورع البعض – لغرض أو أكثر في نفس يعقوب – عن التصريح والتلميح بأن ثورة يناير جاءت لتنهي هيمنة ستين عاما من حكم العسكر في حالة من الخلط بين المراحل والغايات والوسائل والقيادة على نحو يجعل المرء يشتم رائحة الرغبة في تصفية حسابات مع ثورة يوليو. والخوف كل الخوف أن ينجرف الرئيس محمد مرسي الطالع من رحم "الإخوان المسلمين"- وهي الجماعة التي ناصبت يوليو وزعيمها العداء مما دفعه إلى الدخول معها في مواجهات حادة - إلى القيام بخطوات يفهم منها مقاربته لمنطق تصفية الحساب مع يوليو من قبيل محاولة إعادة النظر في الحقوق والمكتسبات التي أنجزتها الثورة لصالح الفقراء والمهمشين وعمال وفلاحي مصر وهو ما حذرت منه الأسبوع الماضي بعد أن قرأت تصريحا لأحد قيادات حزب الحرية والعدالة المنبثق سياسيا عن الجماعة عن قرب بدء دراسة إلغاء مجانية التعليم خاصة في المرحلة الجامعية.
ولاشك أن أي خطوة من هذا القبيل قد يشتم منها القفز على هذه الحقوق والمكتسبات ستقود إلى بزوغ حالة ثورية جديدة قد تدخل الوطن في دوامة صراع اجتماعي حاد ومرير وأظن أن الرئيس مرسي من الذكاء بمكان فهو يدرك قيمة هذه الحقوق والمكتسبات والتي هيأت له فرصة التعليم في كل مراحله وعملت على نقله مثله مثل ملايين المصريين من منطقة الكادحين ليصبح أستاذا جامعيا ثم رئيسا لمصر.
وفي هذا السياق وسعيا لتفنيد هذه الطروحات المغلوطة لبعض النخب في مصر والتي تهدف لتشويه مسيرة وتحولات ثورة يوليو وزعيمها عبد الناصر. فقد طلبت من "الدكتور حسام عيسى القيادي الناصري الكبير وأستاذ القانون العام بجامعة عين شمس والذي شارك بفعالية في ثورة يناير أن يعقب عليها من منظوره العلمي والتاريخي استنادا إلى انتمائه ليوليو فأثار جملة من المعطيات المهمة على النحو التالي:
أولا: إن طرح مسألة إنهاء ستين عاما من حكم العسكر غير مطابقة للحقيقة. فضلا عن أن طرحها على هذا النحو يقوم على خلط تاريخي. بعضه مغرض. وبعضه الآخر خاطئ تماما وينهض على فهم مبتسر للتاريخ. فحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يكن ينتمي إلى منظومة حكم العسكر. وإنما كان حكم رجال الأعمال بالأساس بل أشد رجال الأعمال تخلفا وتبعية للخارج فكون مبارك عسكريا لا يعني أن حكمه كان عسكريا فمن كان يتحكم في مؤسسة الحكم في مصر على مدى العقود الثلاثة الأخيرة هم طبقة رجال الأعمال التي صعدت في سبعينيات القرن الفائت بعد بدء تطبيق قوانين الانفتاح في بداية هذه الحقبة واستأسدت خلال فترة العقد والنصف الماضية ثم تولت السلطة بوضوح شديد في السبع أو العشر سنوات الأخيرة وحتى الرئيس الأسبق أنور السادات لم يكن يحكم وفق منهجية العسكر. فقد عمل بعد توليه السلطة في 1970 على تحييد الجيش وبعد انتصار أكتوبر 1973 جرى إبعاده تماما عن السياسة وبالتالي فإنه لا يمكن وصف سنوات حكمه التي امتدت إلى أحد عشر عاما في إطار منظومة الحكم العسكري.
ثانيا: إن القول بأن ثورة يناير أنهت ستين عاما من الحكم العسكري لثورة يوليو. يدخل في مقام تجاوز الحقائق والعبث بوقائع التاريخ. بل إنه من الأصل ليس ثمة ما يمكن تصنيفه بالحكم العسكري فالمهم هو طبيعة المشروع الذي يطبقه الحاكم وليس من الضروري أن يكون مرتديا ل"كاب "أو "طربوش ". ومن هنا يمكن النظر إلى مشروع ثورة الثالث والعشرين من يوليو والذي استهدف بناء الوطن والتخلص من السيطرة الأجنبية وسيطرة رأس المال وإخراج العمال والفلاحين من التهميش الهائل الذي كانوا يقاسونه فيتحولون إلى رقم مهم في المعادلة الوطنية المصرية وبالتالي فإن الخلط بين حكم جمال عبد الناصر وحكم مبارك يجسد حالة عربدة سياسية غير مقبولة على وجه الإطلاق
والسؤال هنا: ما هو القاسم المشترك بين عبد الناصر ومبارك؟ هل هو انتماؤهما للجيش؟ إن ذلك لا يتسق مع المنطق التاريخي والاجتماعي في الحكم على الأمور وتفسير الأحداث ولا يصلح معيارا للتقييم الصحيح إلا في الأوهام الأيديولجية للأطفال الذين يصرخون في الشوارع
ثالثا: إن عبد الناصر لم يسهم في إخراج الجماهير الفقيرة المهمشة إلى قلب الحركة الوطنية فحسب ولكنه أعاد مصر كلها إلى قلب العالم فأصبحت دولة رائدة وتنير الطريق للدول الأخرى واللافت أن هؤلاء الذين يتحدثون عن الحكم العسكري الذي بدأته ثورة يوليو يتناسون دور هذه الثورة في تحرير قارتي إفريقيا وآسيا وهو ما يجعلني أقول إنهم لا يستوعبون حركة التاريخ فتحرير هاتين القارتين وإخراجهما من عباءة الاستعمار العالمي أتاح لمصر كل هذا التأييد حتى الذي حظي به ثوار الخامس والعشرين من يناير بعد ستين عاما من تفجر ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952
وعلينا في هذا السياق ألا ننسى دور مصر في تحرير الجزائر واليمن الجنوبي وخروج العراق والأردن ودول الخليج من حكم البريطانيين لأن عبد الناصر كان يرتدي الزي العسكري.
رابعا: إن الحركة التي قادت التغيير في الثالث والعشرين من يوليو 1952 كانت تتكون من مجموعة من ضباط الجيش بقيادته. بيد أنه يمكن القول باطمئنان أن ثورة يوليو نجحت في تحقيق أهم مطالب الحركة الوطنية المصرية والتي بلورتها ثورة 1919 وفي صدارتها جلاء قوات الاحتلال ومع بروز الحركات الاشتراكية في أربعينيات القرن العشرين ظهرت المطالب الاجتماعية وتم ربطها بالقضية الوطنية والتي أسهم في صياغتها وتسويقها بشكل واسع العناصر الشيوعية والاشتراكية في الحركة الوطنية.
ولقد تجسدت أهم المطالب الاجتماعية في هذه الفترة في ضرورة إجراء الإصلاح الزراعي الذي تبنته حركة الرواد والذين كان منهم أحمد حسين الذي أصبح وزيرا للشؤون الاجتماعية في حكومة الثورة فيما بعد ثم تأميم قناة السويس وهو المطلب الذي طرحه حزب شيوعي صغير في حين أن مطلب الأمة كان يتركز في استعادة القناة بالكامل خاصة أنها كانت تعكس نموذج الدولة داخل الدولة بشكل شديد الوضوح والاستفزاز.
كما أخذت قضايا العدل الاجتماعي صورة المطالبة بضرورة أن تكون الأرض للفلاح ورفع مستوى عمال التراحيل في القرى وعمال المدن رغم أن أحوالهم كانت أفضل بكثير من أحوال عمال التراحيل الذين كانوا يكابدون العذابات اليومية مع ملاك الأراضي ومقاولي الأنفار وكانوا بالفعل على هامش المجتمع وقد أبدع الروائي والقاص الراحل يوسف إدريس في وصف هذه الأحوال على نحو مدهش في روايته "الحرام ".
خامسا: إن الميزة النسبية لثورة يوليو 1952 تتجلى في أن الشعب المصري كان بكل قواه خلفها فخرج لإعلان تأييده ومساندته لها بعد أن فقد الثقة تماما في النظام الحزبي الذي كان قائما آنذاك والخلاف الذي نشب في هذه الفترة لم يكن بين الثورة والشعب وإنما بينها وبين مجموعة من النخب المثقفة خاصة في العام 1954 والذين تركزت مطالبهم في إعادة حزب الوفد إلى الحكم مرة أخرى بينما الثورة تفجرت في الأساس لإزاحة النظام السياسي الذي كان سائدا قبلها وينهض على ثلاثية الاحتلال والقصر والإقطاع ومن ثم إعادة بناء مصر وليس لتسليمها للوفد والنظام الإقطاعي مجددا وهو ما كان يعكس حالة من البلاهة والعبث السياسي الذي روج له بعض الشيوعيين الطفوليين من الذين ساندوا هذا التوجه المناهض لثورة يوليو والذين دفعوا نتيجة هذا الموقف ثمنا باهظا يتمثل في تراجعهم إلى مكانة متدنية في تاريخ الحركة الوطنية المصرية. لقد استند أصحاب هذا التوجه إلى أنهم يحاربون بذلك الفاشية العسكرية وهو وصف لا يليق على وجه الإطلاق بل إنه من السخف بمكان أن يطلق على من قاموا بإعادة توزيع الأراضي للفلاحين ومنحوا العمال كل هذا القدر من الحقوق إنه في الحقيقة كلام ساقط وسخيف وبلا معنى
وهنا أتساءل هل يمكن بعد أن أسقط ثوار يناير نظام مبارك أن يبادر نفر منهم بالمطالبة بإعادته إلى السلطة مرة أخرى؟ بالطبع هذا أمر مستحيل.
السطر الأخير: يا رب امنح الأمة صفاءها وأعد لها نقاءها وبرأها من خلافاتها وقوها على أعدائها وهيئ لنا من أمرنا رشدا
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.