أظن والله أعلم أن الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية كان يخطط لحياته بعيدا عن دراسة الهندسة وبمنأى عن السياسة، وأعتقد أنه كان يحلم بأن يكون خطيبا بأحد المساجد، يرتدى الجبة والقفطان «الكاكولا»، ويلف العمة ويذهب إلى المسجد يؤذن للصلاة أو يؤم الناس ويخطب فيهم فى أيام الجمعة والأعياد، وأظن أن مجموعه المرتفع فى الثانوية العامة جعل والده يستخسره فى دراسة الشريعة و الفقه فى جامعة الأزهر، وقام بالضغط عليه لكي يلتحق بكلية الهندسة، وربما حلم مرسى بأن يكون خطيباً بأحد المساجد جاءه متأخراً بعد التحاقه بكلية الهندسة، وربما بعد تخرجه وعمله بالتدريس الجامعي. الدكتور محمد مرسى، كلما ذهب للصلاة فى المسجد يتجه نحو المنبر ويجلس بجوار القبلة المكان المخصص لإمام المسجد، عندما تقام الصلاة ينهض بسرعة ويتقدم لإمامة المصلين، وبعد أن تنتهى الصلاة يمسك بالميكرفون ويخطب فى المصلين، والمصلون يضطرون للجلوس واستماع خطبته خجلا أو من باب الفضول أو نفاقا أو لكى يعود إلى المنزل بحكاية جمعته ورئيس الجمهورية. أكثر من مرة نقل لنا المصلون لقطات فيديو قاموا بتصويرها بعد صلاة العشاء، يظهر فيها رئيس الجمهورية إماما وخطيبا، اعتقدت في أول مرة خطب فيها د.مرسى فى المصلين بالمسجد المجاور لمنزله بالقاهرة الجديدة، أن موضوع خطبته مرتبط بالعمل السياسي، قلت: فرصة يوضح للعامة شكل وهوية الدولة فى سنوات حكمه، هل ستظل مدنية ديمقراطية أم ستتحول إلى دينية إخوانية سلفية؟، كما يوضح للمصلين لماذا تأخر فى تشكيل الوزارة؟، وما هى خطته للسيطرة على ارتفاع الأسعار؟، وكيف سيقضى على البطالة؟، وما هى خططه لحل مشكلة ارتفاع أسعار المساكن بشكل يفوق طاقة المصريين؟، وربما يحدث المصلين عن الحريات فى الدستور القادم؟، وهل سيظل يصدر قرارات تتعارض وأحكام القضاء؟، لكن المدهش أن الفيديوهات التى سجلها المصلون للدكتور مرسى إماماً وخطيباً فى المساجد تؤكد بعده عن السياسة وتناوله المسائل الخاصة بمكارم الأخلاق، والحلال والحرام، تماما مثل خطيب وإمام المسجد. ولا أخفى عليكم بعد مشاهدتي لأول فيديو طرح على الانترنت للرئيس مرسى، لم أتوقف كثيرا أمام ما قاله فى خطبته، وقلت إنه اضطر إلى أن يخطب فى الناس بعد الصلاة، ولم يشأ أن يحدثهم في شئون البلاد بسبب كثرة مشاكلها وتعقيدات حلولها، لكن بعد فترة طرح فيديو آخر لسيادة الرئيس، سجله له المصلون فى المسجد المجاور لمنزله، وقيل إنه تم تسجيله بعد إمامته للمصلين فى صلاتي المغرب والعشاء، فتحت الفيديو واستمعت للكلمة، الرئيس مرسى يتناول مسائل فى الشريعة ولا يتحدث فى السياسة... اندهشت جدا، لماذا يسعى الرئيس لإمامة المصلين؟، ولماذا يخطب فيهم بعد الصلاة فى شرع الله؟، هل يمارس وظيفته كداعية داخل جماعة الإخوان؟، وهل سيجمع د. مرسى بين وظيفة الداعية الإخوانى وبين وظيفته كرئيس جمهورية؟، ما الذى يدفعه إلى هذا وهو يمتلك الظهور يوميا بالقنوات الفضائية والحكومية؟، ما الذى دفعه إلى ميكرفون المسجد وهو يمتلك ميكرفونات ماسبيرو يستطيع ان يمارس فيها هوايته فى الخطابة؟. لا أمتلك معلومات كافية تؤكد ان د. مرسى كان فى قسم الدعوة والإرشاد في جماعة الإخوان، ولم أسمع يوما أنه كان أحد الخطباء الذين اعتمدت عليهم الجماعة فى الصلاة داخل الجمعية الشرعية، وكل ما سمعته وقرأته مجرد مجموعة من الأخبار نقلها لنا بعض أبناء العشيرة فى الجماعة، أكدوا فيها أن الرئيس محمد مرسى يؤم الموظفين والعاملين فى القصر الجمهورى فى الصلاة، وقيل أيضا إنه يصلى بضيوفه إماماً عندما يرفع الأذان. والأمر عندما يتوقف عند إمامته لأهل بيته أو للموظفين أو لبعض ضيوفه لن يتضمن أية مشاكل او تعقيدات، لكن أن يتطور الأمر من الإمامة إلى الخطابة فى المساجد فهنا علينا أن نتوقف ونتحدث وننبه ونحذر، لأن هذه الصورة تحيلنا إلى إسماعيل هنية رئيس حكومة غزة الذي يرتدى ثوب عمر بن الخطاب، وتحيلنا كذلك إلى صورة إمامة الفقيه المتبعة فى فكر الشيعة، وهذه الصور تدخل البلاد فى تعقيدات سياسية ودينية نحن والبلاد في غنى عنها ولا حمل لنا بها، لهذا ننبه الدكتور محمد مرسى إلى خطورة الجمع بين وظيفة إمامة المساجد وبين وظيفة رئاسة الجمهورية، ان يرتدى ثوب الداعية الدينى والزعيم السياسي فى رداء واحد، ونطالبه بأن يختار بين أن يكون رئيساً للبلاد أو أن يكون خطيباً وإماماً فى المساجد؟.