لكل منهم حلمه الذى يرى أن ثورة 25 يناير اندلعت لتحقيقه، جميعهم تتشابه مطالبهم وإن اختلفت وجوههم، يركضون وراء الحلم أمام قصر الرئاسة بعابدين متراصين فى صفوف لتقديم شكاواهم بديوان المظالم الذى أنشأه الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية قبل أيام. لم تكتف بظلام عينيها فاختارت عباءة سوداء لترتديها وهى تقدم مطلبها بديوان مظالم قصر عابدين. لم تتقدم للحديث معى ولكن مرافقتها هى من بادرت بالحديث أملا فى أن أكون سببا للاسراع فى تلبية مطلب تلك الكفيفة. يتلخص حلم سماح محمد على.. تلك الكفيفة التى تعمل بدار الوفاء والأمل بقسم السجاد.. فى توفير مسكن لها ولوالدتها وأختها، فهى تعمل بالقاهرة وشقيقتها وأمها يعيشان بأسوان وتحتاج لمسكن يجمع أسرتها الصغيرة بعد وفاة الأب. «سماح» التى لم تتجاوز الخامسة والعشرين عاما تجيد صناعة السجاد منذ ثمانية أعوام ولم يستغرق تعلمها الحرفة أكثر من شهرين كما تؤكد تقول: «المدربات عرفونا على الألوان ودربونا على نسيج السجاد». لم يخطر ببال سماح عندما سألتها عن راتبها أن تُضمن مطلبها لديوان المظالم زيادته، فأجرها عن صناعة السجاد 140جنيهاً تدفع منه 45جنيهاً للدار نظير الاقامة. مرافقتها أسماء بسيونى متطوعة فى دار الوفاء والأمل ترى فى سماح نموذجاً للفتاة المكافحة لذا شجعت الكفيفة على المجىء لقصر الرئاسة لتقديم طلبها. أما سعاد سعد على فلم تكن تتخيل أبداً أن تجاهلها دفع فاتورة المياه اعتراضاً على زيادتها رغم قلة استخدام المياه سيدفعها للتقدم بشكوى إلى رئاسة الجمهورية، فتقول: «أعيش فى امبابة بالجيزة والمياه دائما مقطوعة وفوجئت بزيادة الفاتورة فأصبحت تتراوح بين 45 إلى 50جنيهاً فامتنعت عن السداد منذ عام ونصف مما أدى لتراكم المبلغ». سعاد التى أنشأت شبه مصنع صغير فى مسكنها لصناعة « الكورشيه»، ترى فى نفسها منقذا للاقتصاد الوطنى فوضعت بحسب تأكيدها 16 بنداً لدعم الاقتصاد، وتقترح تبرع كل الموظفين سواء بالقطاع العام أو الخاص بعشرة جنيهات شهريا كمساهمة لخزينة الدولة. «سعاد» الحاصلة على دبلوم تجارة قدمت شكاوى لرفع ديون فاتورة المياه وايضا طالبت بمسكن أوسع لتستطيع توسيع مصنعها الصغير. حسن محمد عبدالرازق.. أتى من مقابر زينهم التى يعيش بها هو وأسرته إلى أحد قصور الرئاسة للتظلم من روتين محافظة القاهرة، أصيب خلال أحداث الثورة وكان يعمل وقتها حداداً، أرهقه الروتين الحكومى عندما أصبح غير قادر على العمل بسبب اصابته فى مفصل ذراعه، وقرر اللجوء إلى حى السيدة زينب لينشئ «كشك» ينفق من ورائه على زوجته وطفله. حى السيدة زينب أحاله إلى حى عابدين الذى أجل بدوره قرار الموافقة، يقول عبد الرازق:» عامان بهذا الوضع، أذهب إلى الحى فيقولون لى طلبك يتم النظر فيه». سألته عن معاشه باعتباره من مصابى الثورة، أكد عدم حصوله على أى تعويض، وتابع:» عندما ذهبت للسؤال عن كيفية الحصول على المعاش طلبوا منى بعض الاوراق وعندما أحضرتها قالت لى الموظفة المسئولة: «باب التقدم للحصول على تعويض او معاش تم غلقه». عبد الرازق لا يحتاج من الرئيس سوى تحريك طلبه بحى عابدين ليستطيع انشاء «كشك». لا تأمل ايمان فايز محمد 27سنة التى تعمل بمصنع حلويات وتحصل على 500جنيه كأجر شهرى، من ديوان المظالم سوى مسكن يضمها مع أطفالها الثلاثة بعد طلاقها من زوجها. تقول ايمان:» بعد انفصالى عن زوجى اصبحت مشردة بأطفالى ولولا خوفى من اتهامى بالبلطجة لكنت اصطحبت أبنائى الى ميدان التحرير وأقمنا هناك». أما فاطمة أحمد مصطفى.. فلم تجد أمامها بسبب مشاجرة اندلعت العام الماضى سوى الوقوف أمام قصر عابدين للمطالبة بالافراج عن زوجها وابنها اللذين كانا احد طرفى الشجار. فاطمة تطلب من رئيس الجمهورية عفواً لابنها وزوجها بعد أن حكم عليهما بعامين قضيا منهما سنة أى نصف المدة:» عايزة الرئيس يفرج عنهما بعد نصف المدة علشان يقضوا معانا العيد». زوج فاطمة كان تاجر ملابس بالسيدة زينب وعندما دخل السجن تكفلت هى بمباشرة العمل بدلا من زجها وابنها الحاصل على دبلوم تجارة. أتى من مركز كفر صقر بمحافظة الشرقية بعدما شعر هو وزملاؤه بالاهانة لمساواتهم بغير المتعلمين العاملين بادراة كفر صقر التعليمية زكريا يطالب وزملاءه الحاصلين على مؤهلات متوسطة بتغيير المسمى الوظيفى لهم، يقول:» نحن عمال خدمات معاونة بادارة كفر صقر التعليمية ومن الظلم ان تتم مساواتنا بغير المتعلمين او الحاصلين على شهادات محو أمية». أما ألطاف محمد.. فقد هاجرت مع زوجها قبل عشر سنوات من محافظتها المنصورة إلى منطقة بئر العبد بشمال سيناء بعدما إنهار العقار الذى كانا يسكنان به. وتعانى ألطاف وزوجها وابناؤهما الأربعة من معاملة البدو لجميع المهاجرين كلاجئين، إلى جانب الخدمات السيئة من سوء المواصلات العامة وندرة المياه. تشكو ألطاف دبلوم تجارة للرئيس من تجاهل سيناء، إلى جانب طلبها بتوفير فرصة عمل لها لمساعدة زوجها بعد غلاء المعيشة. بعكازه وجلبابه الأبيض وقف فى طابور يحمل شكواه الى الرئيس. عاشور حنفى 62سنة الذى سرقت سيارته النقل قبل 7شهور يطالب الرئاسة بالبحث عنها وارجاعها له لأنها « بتصرف على 6افراد» كما يؤكد. «ربنا ماينساش حد» هكذا رد عاشور على مورد انفاقه بعد سرقة السيارة التى كان يعتمد عليها كدخل لأسرته. على محمد حسين 31سنة سائق لانشات سياحية، بحث كثيرا عن عمل فى تخصصه لكن دون جدوى وتقدم مؤخرا الى معهد بحوث المياه ليعمل به كسائق إلا أن مدير المعهد رفض الطلب رغم الحاجة لشغل تلك الوظيفة. محمد جاء لديوان المظالم أملاً فى الحصول على وظيفة سائق بمعهد بحوث المياه.