في البداية أعتذر للقارئ الكريم عن إضاعة وقتي ووقته في مثل هذا الكلام، ولكنها روح الفكاهة (الغائبة عن حياتنا) التي دفعتني إلى كتابة هذا المقال.. أصبح الإعلام (بكل وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة) من أخطر أدوات العصر، وعلى اختلاف توجهاته يستطيع الإعلام الذي يصل إلى قلب كل بيت، تشكيل عقول ووجدان وثقافة عامة الناس والتأثير على البسطاء منهم، والكلمة أمانة, وكثير من القنوات الفضائية لا تحترم أمانة الكلمة ولا ترعى مصالح الوطن, وقناة الفراعين هي أكبر شاهد على خيانة أمانة الإعلام ... وهذه الرسالة أوجهها للأخ الظريف توفيق عكاشة (المذيع اللامع، والنجم الساطع، والضوء الكاشف (الليزري)، والعلامة جدا، والفهامة جدا جدا، الخبير بكافة الأمور، والملم بثقافة العصور، والخبير بأمور تزغيط البط وتربية الطيور، "الأبيض منها والأسود وحتى الأحمر والمنقرش".. عالم عصره ومصره.. حجة العصور، وضياء الدهور، كاشف الأسرار، ومنور الأنوار.. وبدر البدور) أن أهنئك على نجاح الدكتور محمد مرسي. لا أدري ما الذي يحدث لي حينما أشاهد توفيق عكاشة، أشعر أنه قد جلس على "مصطبة في نبروه أو في ميت الكرما أو حتى في زفتى أو في محلة مرحوم" أو في إحدى قرى ونجوع مصر، ليعقد صلحا بين الفلاحين البسطاء، (ولا نعيب على البسطاء ونحن منهم) وإنما نعيب على هذا الذي يخاطبهم بلغة لا تليق بهم، ولا بمستوى المصاطب التي كان وما زال يجلس عليها علية القوم منهم وأصحاب الرأي، وأولو الأمر والنهي فيهم. يقول عكاشة في برنامجه على الهواء للمشاهدين (إنتم مش غُرب يا جماعة) وكأنه يعرف كل واحد من الملايين الذين يخاطبهم. ولا أدري لماذا حينما أستمع إلى هذا النجم الساطع، والذي يركب القناة لمدة ثلاث أربع ساعات مذيعا في يوم، وضيفا على أخته حياة الدرديري في اليوم التالي، متحدثا عن بطولاته وخبراته وفتوحاته وحنكته وسياسته ووسامته وحبه للبسطاء، وخبراته بالقطارات والطائرات، استطاع أن يهبط بالإعلام إلى مستوى الحضيض، ليؤدي دورا كوميديا يعجز عنه كبار ممثلي الكوميديا، ويتحول إلى فقرة مضحكة تُدخل البهجة على قلب الصغير والكبير خصوصا بعد أن رحل القذافي (قائد التوك توك) عن عالمنا.. وأتذكر المقولة الشهيرة من أحد أفلام الأبيض والأسود (يا سلام على الإنسانية.. يا عينى على الحنية...) أو أتذكر ذلك المشهد الشهير من حلقات ساعة لقلبك حينما يشرح ابو لمعة للخواجة بيجو كيف استطاع أن ينقذ المركب من الغرق بأن سندها بقالب, وحينما يري الدهشة على وجه الخواجة فيقول له "دا كان قالب خشب ياخواجة". ويتداعى إلى ذهنى ذلك المشهد لذلك الفلاح الذى راح يصف كذبا راقصة بأنها من أعرق العائلات مدعياً بأن لديهم "العمارات بحرى بحري, والفلوس رزم رزم والأطيان مروية بالراحة" *** المهلبية والبدنجان والملوخية الخضراء والعباسية وتزغيط البط كلها مصطلحات أخذت نصيب الأسد من فكر وعمق المفكر المبدع عكاشة، والتي جعل بعضا منها معيارا أساسيا لرئيس مصر القادم، ولا ندري إن كان د . محمد مرسي خبيرا في شئون تزغيط البط، أم لا؟! وهل تأكد الأخ توفيق من أن الفريق أحمد شفيق أكثر خبرة في تزغيط البط، من الدكتور مرسي، وهل كان يزغط البط بالبونبوني بدلا من الفول والذرة مثلاً، ومن أجل ذلك كان يؤيده؟! أم أن التبن على الدريس، والغبيط على الحمار، والدشيدة على الهُديا في الحلزونة، كانت معايير أخرى لم يصرح بها عكاشة في إطار خطط وأسرار حملات مرشحي الرئاسة.. *** وطالما استمعت واستمتعت بكلام الدكتور عكاشة وهو يتحدث عن وسامته (معجباني) وبياض بشرته، وحَمار خدوده وحمار شفتيه الطبيعي (جمال رباني) التي لم تُظهره الإضاءة الضعيفة في استديو قناة الفراعين (قناة العرب أجمعين، والإنس والجن والملايين....) وأن المستمعين سوف يصابون بذهول عند رؤيته على الطبيعة لفرط وسامته، وخضار عيني المرحوم جده اللي زي لون البرسيم (البلدي والمسقاوي والحجازي).. *** لقد حلم البعض معك أن يفوز الفريق شفيق بالرئاسة لتصبح وزيرا للإعلام ومن ثم تصير قنوات مصر وأثيرها وقمرها الصناعي مصاطب للضحك، والمهلبية ويكون الفريق شفيق سندا "لفلول النظام السابق" بكل ما تحمله كلمة فلول من هموم وآلام وأحزان وفقر ومرض وجهل وسياسة إفقار وإذلال لكل صاحب قلم أو فكر حر ... ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن... لم تفلح تسجيلات وفيديوهات الشيخ الدكتور الفاضل والعالم الجليل عمران حسين والمبتسرة من سياقها في تضليل الشعب المصري. ولم تفلح وقفات عكاشة الاحتجاجية فى العباسية والمنصة فى تضليل الناس, كما لم ينخدع الشعب المصري برفض الدكتور محمد مرسي –كما زعم عكاشة- توقيع الكشف الطبي في عيادته على أحد المرضى لأنه لا يستطيع أن يدفع "الفيزيتا" (300 جنيه) وبالطبع مات المريض في اليوم التالي كمدا وحزنا رغم محاولة الأخ عكاشة التسرية عن المريض. مع أن الدكتور مرسي مهندس وليس طبيبا..!! ولعل خطاب الرئيس محمد مرسي فى ميدان التحرير وبوادر الاستقرار السياسى والاقتصادى كان خير شاهد على ذكاء اختيار الشعب المصرى. لم أكن أتعجب حينما كنت أرى قلة من بسطاء الناس ومن لا حيلة لهم يعجبون بكلام عكاشة وهو يحمل قصاصات من الورق، موهما إياهم بأنها وثائق ومستندات في غاية الأهمية، وعلى درجة من الخطورة، وهكذا كان تذوق كلام عكاشة كتذوق الأغاني الهابطة التي امتلأت بالإسفاف (الشبشب ضاع دا كان بصباع). نعتقد أن مصطبة الفراعين التي كنا نستمتع بها أضرت الفريق أحمد شفيق أكثر مما نفعته، لأن الشعب المصري شعب ذكي وواع، وقال كلمته في أرقى انتخابات شهدتها مصر، ليقول لعكاشة هو أنت كنت بتهزر ولا بتتكلم بجد؟!. بقلم: الدكتور كمال بريقع عبد السلام