وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اجتماع مجلس الشعب اليوم بأنه أكبر تحدٍ للمحكمة الدستورية العليا وللجنرالات الذين يحكمون مصر منذ تنحى الرئيس السابق "حسنى مبارك". وقالت الصحيفة إن ما حدث اليوم يأتى ضمن مسلسل صراع القوى المتواصل بين مراكز القوى الموجودة فى مصر منذ الثورة، والتى أصبحت حاليا ممثلة فى جبهتين الأولى يمثلها المجلس العسكرى والقضاء وبعض التيارات الليبرالية والعلمانية، والثانية يمثلها الرئيس "محمد مرسى" والبرلمان الذى يسيطر عليه الإسلاميون بالاضافة الى بعض القوى الثورية. تسوية ومع ذلك توقعت الصحيفة أن يتم التوصل الى تسوية من نوع ما بين الجانبين، كما هو الحال تاريخيا. ورأت الصحيفة أن حضور الرئيس "مرسى" احتفالات الكليات الحربية بتخريج دفع جديدة من الضباط، وجلوسه بجوار المشير "محمد حسين طنطاوى" رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، يؤكد أن هناك نية للتهدئة. الا ان ذلك لا يعنى هدوء الموقف فى مصر، فلا تزال الانتقادات تتوالى لقرار "مرسى"، وفى نفس الوقت هناك من يدافع عن القرار. ورأت الصحيفة أن المجلس العسكرى قد يرضى بأن يستمر البرلمان، باعتبار أن ذلك ضرورة بالنسبة ل "مرسى" الذى يرغب فى وجود مجلس تشريعى يمرر القوانين والتشريعات التى يريد ان يدخلها الرئيس الجديد، مقابل أن تظل صلاحية المجلس العسكرى قائمة فى الاعتراض على أى نص فى الدستور الجديد، خصوصا اذا تعلق الامر بسلطات ونفوذ الجنرالات. رسالة مجلس الشعب وقالت الصحيفة إن مجلس الشعب الذى انعقد لمدة دقائق معدودة فى جلسة واحدة على غير المعتاد، أراد أن يوجه رسالة فقط من وراء عقد هذه الجلسة، بأنه عاد رغم أنف الجميع، فقد خصص المجلس جلسته غير العادية لمناقشة حكم المحكمة الدستورية بحل المجلس، وحاول الدكتور سعد الكتاتنى رئيس المجلس التأكيد على أن المجلس يحترم أحكام القضاء، وأن قرار الرئيس "مرسى" بعودة المجلس، لم يمس حكم المحكمة، إنما جاء لسحب قرار المجلس العسكرى بحل البرلمان، كما قرر المجلس فى نهاية جلسته بإحالة الحكم الى محكمة النقض لإبداء رأيها. وقالت الصحيفة إن السلطات الامنية سمحت بانعقاد المجلس كما انسحبت قوات الجيش التى كانت تحاصر المجلس. وأضافت أن الصراع بين القوى الناشئة فى مصر يتطور من وقت لآخر، ففى الوقت الذى يتذرع فيه المجلس العسكرى والقضاء بضرورة ان يحترم الرئيس "مرسى" والبرلمان القانونين ومؤسسات الدولة، يطالب "مرسى" والقوى الاسلامية، الجنرالات والمحاكم باحترام إرادة المواطنين التى عبروا عنها فى انتخابات حرة ونزيهة . فصل جديد من المواجهات وأوضحت الصحيفة ان مصير هذا البرلمان هو فصل آخر في المعركة المستمرة منذ فترة طويلة بين الاخوان المسلمين والجيش والتى بدأت منذ أن أقدم الجنرالات على حل مجلس الشعب في الشهر الماضي بناء على أمر من المحكمة واستولوا على جميع السلطات التشريعية، والسلطة التنفيذية. واضافت ان الولاياتالمتحدة والقوى الأخرى المعنية لا تخفى قلقها من التطورات فى مصر، حيث قالت "هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الامريكية خلال تواجدها فى آسيا اليوم أن المواجهة الحالية قد تعرض مستقبل مصر السياسي للخطر، وناشدت الاطراف المعنية فى مصر بالحوار لحل خلافاتهم حتى لا تتعطل عملية التحول الديمقراطى التى انطلقت فى البلاد. اضطراب سياسى واشارت الصحيفة الى أن رد فعل المجلس العسكرى والقضاء على قرار "مرسى" أدخل مصر فى مرحلة جديدة من الاضطراب السياسى، ومزيد من الضعف لمؤسسة الرئاسة وفراغ تشريعى وانقسام مرير على أعلى المستويات الحكومية وكذلك تأجيج الخلافات الايدولوجية والتى اعتقد كثير من المواطنين انها هدأت بعد الانتخابات الرئاسية. وقالت الصحيفة إن ما حدث هو مغامرة جريئة من "مرسى" الذى أراد انتزاع السلطة التشريعية من يد المجلس العسكرى.