رأت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية أن الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها فى ليبيا يوم السبت المقبل، ستكون بمثابة اختبار حقيقى للاسلام السياسى. وقالت الصحيفة ان ليبيا التى تأثرت بثورات مصر وتونس، ستكون المرحلة الفاصلة بالنسبة للاسلاميين. فقد نجح الاسلام السياسى فى اعتلاء السلطة والحكم فى مصر وتونس بعد الانتخابات، والان جاء الدور على ليبيا. احزاب اسلامية ورغم ان ليبيا طلت سنوات طويلة بدون جماعات اسلامية سياسية قوية، او لها تواجد فى الشارع كما هو الحال بالنسبة لمصر وتونس، الا ان الانتفاضة الشعبية الاخيرة ضد نظام الرئيس الراحل "معمر القذافى"، اوجدت مساحة لتيارات وجماعات واخزاب ذات توجهات وخلفيات اسلامية. وقالت الصحيفة ان هناك العديد من التكتلات والاحزاب الاسلامية التى تخوض الانتخابات البرلمانية، ومن المؤكد ان ما ستصل اليه هذه الاحزاب بعد اعلان نتائج الانتخابات، سيحدد ما اذا كان الربيع العربى سيواصل طريقه نحو المد الاسلامى، ام ان سينحسر؟! . الوضع مختلف وقالت الصحيفة إن السؤال له صدى مختلف فى ليبيا، لأن الاسلاميين فى ليبيا يختلفون حول ما اذا كان يمكن تبنى العملية السياسية من خلال الترشح للمناصب او انهم يعارضون ذلك، ربما باستخدام العنف. فالاسلاميون فى تونس ومصر لهم تاريخ طويل من العمل السياسى والمدنى، بينما الاحزاب الاسلامية الليبية ليس لديها نفس التقاليد المعروفة للاحزاب الاسلامية. وخلال فترة حكم "القذافى" التى امتدت 42 عامًا ، تعرض الاسلاميون للقمع والسجن، حتى انه فى بعض الاحيان كان يتم شنقهم فى اعمدة الانارة ، وكان يتم اعتقالهم لمجرد ان اللحية طويلة، او لمجرد خروجهم لصلاة الفجر، وهو الوضع الذى جعل الكثيرين منهم لمغادرة البلاد. احزاب مغمورة ونتيجة لذلك لا يعرف الليبيون الا القليل عن الزعماء الاسلاميين او رؤيتهم لمستقبل البلاد، التى ستشكل من خلال الانتخابات التى ستجرى السبت لاختيار 200 عضو للجمعية الوطنية (البرلمان). ونقلت الصحيفة عن "عمر عاشور"، الباحث الزائر في مركز "بروكنجز" الدوحة في قطر قوله: "ان الإسلاميين في ليبيا لم تتح لهم الفرصة لتحويل أفكارهم الى سياسات وكيانات رسمية، ولذلك سوف يحاولون أن يفعلوا ذلك في الأشهر المقبلة، او ربما السنوات المقبلة"، ومع ذلك، من المرجح أن تحقق الاحزاب الاسلامية نتائج جيدة في الانتخابات، ويرجع ذلك في جزء منه، لأن الأحزاب العلمانية أقل شهرة. الدستور الإسلامى ويقول ليبيون كثيرون إنهم يودون رؤية اشارات للدين الإسلامى في الدستور الجديد، لكنهم يختلفون حول المدى الذي يجب أن يحدد فيه الاسلام، النظام السياسي، كما ان هناك مَن نريد ان يرى بعض القوانين على غرار القرآن الكريم والشريعة، والبعض الآخر لديه شكوك عميقة في محاولة دمج الإسلام في السياسة. ونقلت الصحيفة عن "محمد جالوته" (26 عاما) محاسب عاطل عن العمل من قرية "يفرين" من جنوبطرابلس قوله:" انه هراء، نحن بالفعل بلد مسلم، ونحن بالفعل نمارس الإسلام". وقال أسامة دياب (20 عامًا) وهو بائع ملابس في طرابلس الذي كان يرتدي جلباباً طويلاً وله لحية طويلة وقال انه مسلم محافظ: "انهم يستخدمون الإسلام كأداة للحصول على السلطة". لا أجندات وكما هو الحال في تونس ومصر، يسعى الإسلاميون فى ليبيا لأدوار قيادية في ليبيا الجديدة، ولكنهم ينفون ان لديهم اجندات دينية، بل يتحدثون بشكل عام حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وبعضهم ينتمى الى جماعة الاخوان المسلمين، التى تم قمعها في عهد "القذافي" ولم يسمح لها بصياغة هوية قوية كما فعلت في مصر. ومن بين التيارات الاسلامية المتواجدة فى ليبيا حاليا "الجماعة الاسلامية المقاتلة" التى ناضلت كثيرًا ضد نظام "القذافى"، وحارب أعضاؤها فى افغانستان، وعادوا مؤخرا الى ليبيا وشاركوا فى الثورة الشعبية، ويعتبر "عبدالحكيم بلحاج" احد ابرز رموز هذه الجماعة والرئيس السايق للمجلس العسكرى فى طرابلس والذى رشح نفسه لمقعد فى البرلمان. وتتحدث الجماعة عن الحريات وحقوق المرأة. ويحظى "بلحاج" بدعم حزب جديد اسمه "الوطن" وهو حزب ليس له ايديولوجية دينية، بل له اهتمامات قومية. ويسعى "بلحاج" وغيره من مرشحى الجماعة الى طمأنة الليبيين، بأنهم يميلون الى الاعتدال ويهدفون لبناء ليبيا الجديدة المدنية وكذلك طمأنة الغرب المتخوف من التيارات الاسلامية. لكن العنف لم ينتهِ تماما، ويشتبه بان جماعات اسلامية متشددة كانت وراء الهجمات الاخيرة على اهداف دبلوماسية غربية - بما فيها القنصلية الامريكية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا - وعلى مركز تجميل خاص بالمرأة، ومتجر لبيع الملابس النسائية ومدرسة للفتيات في شرق ليبيا، وكذلك السفارة التونسية في طرابلس. ليبيا اقل عرضة للخطر وقالت الصحيفة ان هناك عوامل ثقافية تجعل ليبيا أقل عرضة من غيرها من الأماكن لتصبح أرضًا خصبة للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة. فزعماء القبائل لديهم سطوة، ولا يريدون أن يفقدوا قوتهم امام التيارات الدينية حديثة العهد. كما ان ليبيا، ذات الكثافة السكانية الصغيرة والثروة النفطية الكبيرة، لم تعانِ الجماهير فيها من الفقر كما هو الحال فى البلدان الاخرى التي نجح فيها تنظيم القاعدة فى التغلغل مستغلا عنصر الفقر. وختمت الصحيفة بأن هناك مخاوف من ان يكون تنظيم القاعدة نجح فى التغلغل فى ليبيا، ولكن هناك رفض شعبى كبير لمثل هذه التيارات.