ليت الدكتور محمد مرسي - رئيس الجمهورية المنتخب - قد صبر ليوم أو ليومين قبل أن ينسي ما قاله في الصباح.. ويقول عكسه فيما قاله عند الظهر! فهل هذا هو سلوكهم دائماً. وهل سنتعود علي ذلك في كل تعاملاتهم مع الشعب.. إيه الحكاية؟!. فالدكتور مرسي وقف أمام المحكمة الدستورية العليا، بعد أن أقسم اليمين الدستورية، ليعلن احترامه للمحكمة واحترامه لاحكامها.. والرئيس المنتخب لم يذكر ذلك مرة واحدة.. وإلا قلنا انها ذلة لسان.. ولكنه كرر ذلك أكثر من مرة.. حتي قلنا انها بداية طيبة.. ويكفي انه استجاب لرأي عقلاء الامة الذين طالبوه بأداء اليمين أمام هذه المحكمة العليا، رغم انه كان قد سبق ذلك في اليوم السابق وأدي اليمين، نفس اليمين، أمام الجماهير في ميدان التحرير عقب صلاة الجمعة. قلنا ان ذلك بداية طيبة.. ولكن لم تمض سوي ساعتين إلا وأعلن أمام حفل تنصيبه رئيساً بقاعة الاحتفالات الكبري لجامعة القاهرة «أن المؤسسات المنتخبة ستعود الي أداء دورها».. فماذا نصدق.. هل نصدق كلام رئيس الجمهورية أمام المحكمة الدستورية العليا التي بموجب ادائه اليمين أمامها يصبح رئيساً رسمياً لجمهورية مصر العربية.. أم نصدق ما قاله تحت قبة جامعة القاهرة الأم الشرعية لكل النظام الجامعي في مصر كلها. نريد تفسيراً قانونياً لما قاله أمام المحكمة.. وأيضاً لما اعلنه تحت قبة الجامعة.. أم ان علينا الا ننفذ هذا وذاك إلا بعد أن يتم نشر الكلام كله بالجريدة الرسمية.. ويبدو أن علينا ان نتعود علي هذا الاسلوب .. وزمان كان المثل الشعبي المصري يقول إن «المصري يتمسك من لسانه» ولكننا لا نعرف نمسكه من كلامه امام المحكمة الدستورية «القانونية».. ام نمسكه من كلامه تحت قبة الجامعة.. ام ان علينا ان ننتظر ان يتم تسجيل كل خطب الرئيس قبل إذاعتها.. وبعد ان يتم مراجعتها من كل المستشارين القانونيين وبالذات خبراء القانون الدستوري؟! أم أن علينا ان ننتظر ليومين او ثلاثة أيام إذ ربما يغير السيد الرئيس رأيه.. فيلغي في المساء ما اعلنه في الصباح.. ام كما يقول عامة الشعب ان كلام الليل مدهون بالزبد.. اذا طلع عليه النهار.. ساح.. فقد ساحت الزبدة!. ولا أعتقد أن السيد الرئيس لم «يأخذ باله» بل ان كل ما سبق يؤكد أن الرئيس سوف ينحاز لرأي غلاة المتشددين الذين يرون ان قرار حل مجلس الشعب باطل وان هذا المجلس يجب ان يعود ليزاول سلطته التشريعية، حتي لا تبقي للمجلس الاعلي للقوات المسلحة ان يحتفظ بالسلطة التشريعية وبذلك يعود الجيش الي ثكناته وينتهي دور المجلس الاعلي. وهنا نسأل: هل يقبل الرئيس المنتخب ان يبدأ حكمه الدستوري بإجراء غير دستوري.. والا فما معني ان يعلن الرئيس صراحة انه يحترم المحكمة الدستورية ويحترم أحكامه.. ثم ماذا يكون الوضع اذا طعن احد في قرار «عودة مجلس الشعب» لمزاولة سلطاته.. وهل يقبل الرئيس ذلك؟! الحل هو استمرار «الحل» ثم نبدأ عملية انتخابات جديدة لمجلس شعب جديد.. وليكن ذلك خلال شهرين علي الأكثر.. لنصل في النهاية علي مجلس غير مطعون في عدم دستوريته من أعلي سلطة قضائية في البلاد.. أم يا تري «هم» يخشون الا يحصلوا علي نفس عدد المقاعد التي حصلوا عليها في المجلس المحكوم ببطلانه، من الاساس.. ولقد ظهرت نية الرئيس المنتخب في اعادة اعترافه بالمجلس المحلول عندما دخل الدكتور مرسي قاعة الاحتفالات وبجواره الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب «السابق» وساعتها همست لمن يجلسون بجواري «تلك بداية غير طيبة.. في يوم كان يجب ان يكون طيباً». أم يا تري يريد الرئيس المنتخب ان يكمل المجلس المنحل مدته لحين الانتهاء من وضع مشروع الدستور الدائم للبلاد.. ليتم علي أساسه انتخاب مجلس الشعب الجديد؟! أنا لن اريد القول ان الرئيس السابق حسني مبارك قد استجاب لحكم سابق مرتين وتم حل مجلسين سابقين للشع،ب بينما «الرئيس المنتخب» في اول انتخابات رئاسية فعلية لم يحترم حكم المحكمة الدستورية العليا.. اللهم إلا إذا اراد ان يحدث «فتنة قضائية» بين المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة الذي ينظر في الطعن علي حكم الدستورية العليا. ان كان الرئيس المنتخب قد أراد إحداث بلبلة ومن اللحظة الاولي لحكمه.. فقد احدثها بالفعل، وهنا نتوقع تكرار ما حدث وعلي كل مواطن ان يحمل جهازاً للتسجيل يسجل عليه كل كلمات الرئيس، إلي ان تنشر في الجريدة الرسمية.. وعلينا أن نسمع كلاماً.. ثم نمسحه.. وان نقرأ قراراً ثم نقرأ عكسه.. مادام ذلك قد حدث، ومن اليوم الاول.. ولقد كنت أتمني أن اهنئ الرئيس علي كلمته أمام المحكمة الدستورية.. ولكنه لم يدعني أهنئ إلا قليلاً قبل أن نسمع من سيادته عكس هذا الكلام.. وأخشي ما أخشاه ان يصدر الرئيس مرسوما باعادة المجلس وان يصدر قراراً لحرس مجلس الشعب ان يفتح ابواب المجلس امام النواب ليدخلوا ليناموا تحت القبضة او يتجملوا انتظاراً للفصل الثالث في لعبة السلطة.. مع النظام الجديد.. ولسه.. ياما حنشوف!.