تحتفل بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالاسكندرية, اليوم الجمعة, بتذكار نياحة القديس مكاريوس الكبير أب رهبان برية شيهيت(وادي النطرون حاليًا) ، المعروف أيضاً بأبو مقار القديس المصري الذي عاش في القرن الرابع الميلادي وهو أحد الشخصيات التي ساهمت في كتابة تاريخ الكنيسة القبطية و ضمن مؤسسي الفكر الرهباني و الحياة الرهبانية لذا حفظته أسطر كتب التراث القبطي و كتب آدب الشخصيات وهو احد فروع فن الادب الذي يتناول سير القديسين والشهداء و المؤثرين في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عبر العصور. و يعود السبب وراء تلقيب القديس مكاريوس بلقب الكبير، هو تمييز له عن قديسين آخرين عرفا بنفس الاسم، وهما القديس مكاريوس السكندري أو "الصغير" ،والقديس مكاريوس أسقف أدكو، والثلاثة معا عرفوا في التاريخ القبطي بلقب "الثلاثة مقارات القديسين "أما عن تاريخ وفاة القديس مكاريوس أسقف أدكو فهو 7 نوفمبر ،و تاريخ وفاة القديس مكاريوس السكندري هو 13 مايو. أما عن حياة القديس مكاريوس الكبير فقد ولد في قرية شبشير بمحافظة المنوفية عام 300م من أبوين صالحين بارين، وكان الأب شيخًا كاهنًا تقيًا يدعي إبراهيم أما والدته فكانت تدعى سارة ، و قد وردت بعض الكتب التراثية التي تناولت سيرته عن قصة تحكى أنه ذات ليلة تعرضت هذه الأسرة المؤمنة إلى هجوم عدد من اللصوص علي منزلهما وسلبا كل ممتلكاتهما و تقبلا الأبوين هذا البلاءبقوة و إيمان حتى جاءت الليلة التي حلم بها والد القديس بالنبي إبراهيم الخليل الذي جاء ليعزيه عما فقده من ممتلكات ويبشره بأن امرأته سوف تحبل وتلد أبنًا بارًا ، وطلب منه أن يسميه "مقار " والذي يعنى "سعيد "أو "طوباوي " باللغة العربية، وبالفعل بعد فترة قصيرة حبلت سارة وولدت طفلا سمته "مقاريوس" وتربي تربية مسيحية مؤمنة. ولما شبَّ عن الطوق، بدأ يذهب مع أبيه إلى المزارع ثم بدأ يساعد أباه في فلاحة الأرض، وكان هذا الشاب يعرف بالحكمة بين أبنءا القرية حتى عرف بإسم الشاب الحكيم، من فرط حب كهنة القرية له أخذوه إلى أسقف الناحية بدون علم أبيه ورسموه شماس بدرجة أناغنوستيس و بدأ العمل الكنسي ، و في ذلك الحين أراد والده أن يزوجه إلال انه كان يرغب أن يحيي في حياة البتولية وعدم الزواج ولكن أمام إلحاح والديه رضخ للأمر أخيرًا ولكنه نذر نفسه للبتولية بالاتفاق مع زوجته واستمر في عمله في نقل النطرون من الجبل إلي البلدة حتى أرهقة التعب فنام في جبل النطرون و شاهد في منامه بشرى بأنة سيصبح أبًا روحيًا ، و عندما علم خبر وفاة زوجتة لبث في هذا الجبل و بنى لنفسة مغارة التي توجد حاليًا بدير البراموس في وادي النطرون، ومن فرط تأثرة بفكر الأنيا أنطونيوس مؤسس الفكر الرهباني في مصر و القارة الأفريقية آنذاك قام بتردد إلى ديرة في البحر الأحمر و قد شهد الأنبا العظيم أنطونيوس عن قداسة الأنبا مكاريوس إنة يملك قوة عظيمة و ألبسه الاسكيم المقدس، و حين سمع عنة الكثير في مصر و خارجها أتوا إلية حتى يلتحقوا بالرهبنة تحت رعايتة و إشرافة واستمرات الاعداد تتزايد و تتوافد من عدة بلدان. و في عام 360م قرر هذا القديس التنقل إلى مكان أخر وهو مقر الدير المعروف حاليًا بدير أبو مقار الكبير و بدأت الاعداد تتوافد حتى يتتلمذون على يدية الفكر الرهباني و التفسير الإيماني ،وفي عام 375م حين علم الامبراطور فالنس الذي كان يؤمن بالعقيدة الأريوسية وهى أحد الطوائف المسيحية التي تخالف المبادئ الأرثوذكسية و لم يعد لها متابعين في الوقت الراهن ، قرر أن يقوم بنفي الرهبان الموجودين في وادي النطرون إلي جزيرة فيلة بأسوان وكانت هذه الجزيرة، فقام القديس مكاريوس بنشر أفكارة و إيمانة، وبعدها ما يقرب من العام قرر الامبراطور السماح لجميع الرهبان بالعودة إلي الأديرة التي طردوا منها، فعاد القديس مكاريوس إلي ديره بوادي النطرون، وواظب علي الصوم والصلاة بغير انقطاع حتي توفي في شيخوخة إيمانية عام 391م. و نظرًا لدور هذا القديس الذي مارس الإيمان و نشر الفكر القبطي و الرهباني نحو ما يقرب من 90 عامًا،تحرص الكنائس القبطية الأرثوذكسية للإحتفال بتذكار هذا القديس العظيم مكاريوس الكبير سنويًا تكريمًا لدوره العظيم و مكانتة الكبيرة في الكنيةس القبطية.