تحت عنوان "اكتساح الاخوان المسلمين فى مصر" نشرت صحيفة "واشنطن تايمز" الامريكية مقالا للكاتب "ايلان برمان" نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الامريكى فى واشنطن، حيث قال ان الحكومة الاسلامية الجديدة فى مصر قد تتخذ موقفا معاديا تجاه الولاياتالمتحدةالامريكية. واضاف الكاتب انه بعد تراجع حالة السخط الشعبى ، وتلاشى الحالة الثورية ، فى كل الثورات تبدأ الجماعات والفصائل الافضل تنظيما وقوة وذات الايدلوجيات فى البحث عن السلطة والمضى قدما فى ادارة الامور وتوجيهها وفقا لاجنداتها وبرامجها . واشار الكاتب الى ان هذا هو ما حدث في روسيا في مطلع القرن الماضي، عندما استثمر البلاشفة العداء الكبير للحكم القيصري فى " ثورة العمال" التي اوجدت الاتحاد السوفيتي، وهذا ما حدث في إيران ايضا في أواخر السبعينات من القرن الماضى، عندما تم تسخير الكراهية للشاه من قبل "آية الله روح الله الخميني" وأتباعه وتوجيهها إلى الراديكالية "الثورة الاسلامية " -على حد زعم الكاتب. -وآخر تحول من هذا النوع من التحولات حدث فى مصر مؤخرا، حيث نجحت جماعة الاخوان المسلمين فى انتزاع السيطرة على البلاد من القوى المناصرة للديمقراطية والجيش المصري. العسكرى فشل فى انجاح شفيق واكد الكاتب انه منذ مساء الاحد اليوم الثانى فى انتخابات الاعادة الرئاسية ، كان واضحا ان "محمد مرسى" مرشح الاخوان المسلمين هو الفائز والمتفوق على منافسه العلمانى الموالى لنظام " مبارك " القديم " احمد شفيق ". فقد نجح "مرسى" رغم المحاولات المكثفة من جانب المجلس العسكرى الحاكم للتلاعب بالمشهد السياسى فى البلاد ، وما اقدم عليه من اجراءات مثل حل البرلمان عشية الانتخابات وغيرها من المحاولات لانجاح "شفيق". الاخوان نجحوا ورأى الكاتب ان نجاح "مرسى" يعكس مدى قوة جماعة الاخوان المسلمين ومهارتها ، حيث انها تمكنت من الابحار وسط امواج عاتية ، وتفوقت على القوى السياسية المختلفة ، منذ تنحى "مبارك" عن الحكم العام الماضى. صراع القوى وتساءل الكاتب.. ماذا حدث حتى الآن؟... هناك على الأقل بعض الأمل في أن جماعة الإخوان المسلمين ، فى ظل رئاسة "مرسي" للبلاد، قد لا يكون لها القدرة على متابعة كامل برنامجها الراديكالي الإسلامي. ففي خطابه الاول الذي ألقاه يوم 24 يونيو، دعا الرئيس الجديد المنتخب الى "وحدة وطنية" وتعهد أن يكون "زعيم لجميع المصريين." وهذا كان دهاء منه، نظرا للأزمة المالية التى تمر بها البلاد والشعور العميق بالضيق الاجتماعي على نطاق واسع من جماعة الاخوان المسلمين، والتى اصبحت ، لا تتمتع بتأييد بين مختلف ألوان الطيف السياسي المصري، وتواجه معارضة من الناشطين المؤيدين للديمقراطية والسلفيين على حد سواء - وإن كان ذلك لأسباب مختلفة جدا. بالاضافة الى ان، المنافس الاكبر للجماعة، (الجيش المصري)، الذى احتفظ لنفسه بحصة مسيطرة على مساحات واسعة من الاقتصاد الوطني والسلطة القضائية والتشريعية في البلاد ، لا يزال قوي وخصم عنيد. العسكرى شعر بالهزيمة وقال الكاتب انه بينما كانت مراكز التصويت تستعد لاغلاق ابوابها فى انتخابات الاعادة الرئاسية، استشعر المجلس العسكرى بالهزيمة الانتخابية، فأصدر ،"اعلانا دستوريا" ينتفص إلى حد كبير من السلطات التنفيذية للرئاسة، وهو ما يؤكد ان جماعة الإخوان المسلمين لن تكون قادرة على ادارة الجدول السياسي المصري بشكل صريح. ومع ذلك رأى الكاتب ان نجاح "مرسى" يعد انتصارا كبيرا للاخوان المسلمين وتأكيدا على ان الجماعة تضرب بجذورها فى عمق المجتمع المصرى ولازالت تمتلك الشعبية ، رغم حالة الاقصاء التى تعرضت لها طوال العقود الماضية . واضاف ان مصر تعتبر هى الاحدث ضمن عدد قليل من الدول التى تنجح فيها الثورة الاسلامية ، وهو ما يعنى الكثير بالنسبة للاسلاميين فى الدول الاخرى ، ويبدو ان مصر التى كانت مهدا ومعقلا للقومية العربية ، ستكون ملهما لكل الاسلاميين فى الشرق الاوسط فى نضالهم من اجل الوصول للحكم ، وهذا ما يفسر تفاؤل حركة "حماس" الفلسطينية بنجاح الاسلاميين فى مصر . ضربة لامريكا وبالنسبة للولايات المتحدة ، فأن صعود الاخوان المسلمين يمثل تحديا كبيرا، فمنذ العام الماضى سعت ادارة الرئيس باراك اوباما ، للدخول فى حوار غير رسمى مع الاخوان للمسلمين ، على امل ان تحتفظ لنفسها بموقع فى مصر فى مرحلة ما بعد مبارك". الا ان ما ظهر من خلال الحجملة الانتخابية للرئيس مرسى ، يؤكد ان علاقة الحكومة تالجديدة فى مصر لن تكون ودية تجاه امريكا والغرب بأى حال من الاحوال ، او على الاقل لن تكون كسابق عهدها . سياسة مصر الخارجية فقد اصبح من حق الاخوان المسلمين إدارة الشئون الداخلية فى مصر وفقا لرؤية الجماعة ، وكذلك اعادة النظر فى السياسة الخارجية لمصر وفقا لرؤى جديدة ، بما فى ذلك دعم الحركات الاسلامية الاقليمية، واعادة النظر فى العلاقات الاسرائيلية المصرية ، بل يمكن ايضا استئناف العلاقات مع ايران. وختم الكاتب ، بأن اى تغيير فى السياسة المصرية ، فى اطار هذا المعنى من شأنه الاضرار بالمصالح الامريكية قى المنطقة ، وهذا هو السبب الذى يمكن ان يجعل ادارة "اوباما" تندم على عدم تصديها لحكام مصر الجدد.