يحتفظ الأقباط بمزيد من القلق إزاء تولى د. محمد مرسى رئاسة الجمهورية، لا تعنيهم التلميحات المستمرة منذ نهاية الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية حول تعيين نائب قطبى ضمن مؤسسة الرئاسة، تراجع الذاكرة القبطية أحداث العنف التى سيطرت على المشهد المصرى فى بداية التسعينيات، وتتصاعد مخاوف الانعزال والتهميش جراء ممارسات الفصائل الإسلامية التى وصل أحد أبنائها للحكم بعد صراع طويل مع الأنظمة المتعاقبة، أحيط بالدماء فى بعض مراحله. على مكتب الرئيس يتربع «لغم» الملف القبطى، ذلك الذى أمعن نظام مبارك فى استعماله كلما مر بمرحلة فاشلة من جملة مراحله، ذلك الملف الذى أحكمت القبضة الأمنية السيطرة عليه طوال 30 عاما ودفع الوطن «ثمنا» باهظا من التوتر والكراهية، يبدو تحديا أكبر فى خطوات الرئيس الأولى لبناء الجمهورية الثانية، حتى إذا ما دخل بؤرة الاهتمام «السياسى» تحول شكل المجتمع إلى الحوار بعيدا عن الاحتقان المزمن، أو استعذبت المؤسسة الرئاسية وجوده ضمن ملفات أمنية فلينتظر الرئيس الحالى انفجارا ربما يطيح به من مقعده جراء أحداث فتنة طائفية يصعب السيطرة عليها. دوافع القلق على مستقبل الأقباط حملت بعض الأسر القبطية إلى الهجرة خارج البلاد فور إعلان مرسى رئيسا، بينما الغالبية من المفكرين الأقباط نظروا من زاوية بعيدة إلى المشهد المصرى الخاضع للتغيير الجذرى فى ظل وجود رئيس «إخوانى» النشأة والانتماء، ربما لا يستطيع أحد التنبؤ بمستقبل الملف القبطى فى مؤسسة الرئاسة لأننا لا نزال فى مرحلة الاحتفالات، تلك المرحلة التى يصعب معها توقع المقبل، تلك الرؤية المقتضبة ل«منسق جبهة العلمانيين الأقباط» كمال زاخر تعكس حالة الترقب التى يعيشها الشارع القبطى. ويضيف زاخر: المسألة ليست فى تعيين نائب قطبى للرئيس، بقدر ارتباطها بصلاحياته ومشاركته فى القرار، معربا عن قلقه من وجود بعد سياسى فى التلميح المتكرر بتعيين «نائب قبطى» ظاهره فيه «المواطنة» وباطنه مجرد مغازلة سياسية ل«الأقباط». شائعات هجرة الأقباط متغير على متن التحول السياسى فى ظل دولة مرسى، يراه منسق جبهة العلمانيين الأقباط جزءا من الارتباك والقلق لدى المسيحيين فى ظل مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم. على صعيد رؤية د. شريف دوس رئيس هيئة الأقباط العامة، فإن رئيس الجمهورية لا يؤثر على الملف القبطى بدرجة كبيرة، باعتبار أن القوانين الصادرة عن البرلمان وحدها قادرة على تحديد ملامح دولة «المواطنة» التى تكفل للأقباط حرية العقيدة، وتنظم بناء الكنائس، وتجرم ازدراء الأديان. والنائب القبطى للرئيس وفقا لتوصيف دوس، يبدو لفتة جيدة لكنها ليست قادرة على إنهاء المشاكل، لافتا إلى ضرورة تحديد صلاحياته. واعتبر رئيس هيئة الأقباط العامة شائعات هجرة المسيحيين للخارج أنها مبالغ فيها، واستطرد قائلا «اللى عايز يهاجر مع السلامة، البلد محتاجة اللى يقعد يخدم فيها». دوس الذى لا فرق عنده بين نظام «مبارك» والنظام الحالى حتى الآن، يتمنى التوفيق للرئيس الحالى فى إقامة دولة مدنية عادلة. فيما رحب د. أنطوان عادل القيادى باتحاد شباب ماسبيرو باختيار نائب قبطى للرئيس، لافتا إلى أنه يحمل قدرا من الطمأنينة ل«الأقباط»، بشرط الابتعاد عن تعيين نائب رئيس حزب الحرية والعدالة «د. رفيق حبيب» نائبا. واقترح عادل إعداد الكنيسة لقائمة ترشيحات ل«4 شخصيات» قبطية يتم الاختيار من بينهم لمنصب «النائب»، باعتبار الإلمام الكامل بقضايا الأقباط، وطرح الحلول السياسية للتغلب عليها. ونفى القيادى باتحاد شباب ماسبيرو قلق الأقباط من وجود مرسى على كرسى الرئاسة، لافتا إلى أن وعوده التى أطلقها ستحدد ما إذا كان حريصا على اقامة المواطنة أم لا.