رأت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أن انقسام الأصوات أوضح للإخوان المسلمين أن عليهم العمل بحذر شديد، مشيرة إلى أن ميدان التحرير الذي قاد الثورة أصبح برلماناً شعبياً يمكنه فرض إرادته على أي نظام. وقال المحلل الإسرائيلي "تسفي برئيل" إن الاضطرابات كانت متوقعة بالأمس منذ اللحظة التي بدأ فيها رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، فاروق سلطان، قراءة الأرقام الأولية للرقم المصيري الذي فاز به المرشح محمد مرسي في الانتخابات، حيث أوقفه الجمهور بصيحات عالية، مشيراً إلى أنه عندئذ وفي تلك الثانية تحديداً بعد أكثر من ساعة متعبة لتلاوة تفاصيل الطعون المقدمة للجنة، اتضح أن مرسي فاز بفارق صغير أقل من مليون صوت. وأضاف برئيل أن هذه النقطة أسدلت الستار على المسرحية الديمقراطية التي أحدثتها ثورة ال 25 من يناير، مشيراً إلى أن الجزء الأول من تلك المسرحية انتهى في شهر ديسمبر الماضي عندما انتخب أول برلمان للجمهورية الثانية. وتابع برئيل أن انتخاب مرسي هو عرض لجوهر الثورة المصرية من مختلف الجوانب، فبعد أكثر من ستة عقود اعتبرت فيها حركة الإخوان المسلمين حركة محظورة، وبعد الصراعات الرهيبة التي أديرت ضدها عن طريق ثلاثة رؤساء عسكريين بدءا من جمال عبد الناصر ومروراً بأنور السادات وانتهاء بحسني مبارك، استولت الحركة على السلطة سواء في البرلمان أو كرسي الرئاسة، مشيراً إلى أن انتخاب مرسي يرمز إلى تطلعات الثوريين، رغم أن أكثرهم من العلمانيين الليبراليين، للتخلص من فظاعة حكم القمع الذي مارسه مبارك. وأضاف برئيل أن اختيار حركة الإخوان المسلمين هو احتجاج ضد النظام القديم، مشيراً إلى أن الثورة المصرية ترجمت الاحتجاج من ميدان التحرير إلى عمل سياسي ديمقراطي أهم نجومه الدستور والقانون والمحاكم مقارنة بالنظام السابق الذي اعتبر فيه الدستور والقانون أداة مجحفة لتطبيق إرادة الحاكم. وأكد برئيل أن فوز مرسي بهذا الفارق الصغير يعد إنذاراً للجماعة بأنها لا يمكنها إدارة الدولة وحدها رغم توليها أكبر المناصب، مشيراً إلى أن هذا هو السبب الذي دفع مرسي للبدء في إجراء اتصالات مع رؤساء الحركات السياسية الأخرى غير الدينية للوصول إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة القادمة، ومؤكداً أن انقسام الأصوات يعني أن مرسي سيضطر لتوخي الحذر في كل تصرفاته السياسية، لأن ميدان التحرير الذي قاد الثورة واحتشد بمئات الآلاف انتظاراً لنتيجة الانتخابات أصبح بمثابة برلمان شعبي قادر على فرض إرادته على أي نظام مصري.